رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحج بالتقسيط.. بالنصب والتزوير!


الحج، هو الركن الخامس من أركان الإسلام، لكن المسلم الصغير، قبل الكبير، يعرفان أنه غير مُلزم إلا لمن استطاع إليه سبيلا. ومع ذلك، قالت «دار الإفتاء المصرية» إن الحج بالتقسيط جائز، ولا بأس به شرعًا. وفى تقرير عن لجوء البعض إلى التحايل على القوانين، أو إلى ما يمكن وصفه بالنصب والتزوير، استشهد تقرير ظريف نشره الموقع العربى لهيئة الإذاعة البريطانية، BBC، بفتوى أخرى، تقول إن التأشيرات المزورة، لا تفسد الحج!.

عن حكم أداء الحج أو العمرة بالتقسيط، قالت إدارة «الفتاوى الإلكترونية» التابعة لدار الإفتاء، فى ١٧ مايو ٢٠١٦ إن ملكية نفقة الحج أو العمرة هى شرط وجوبٍ لا شرط صحة، بمعنى أن عدم ملكية الشخص لها فى وقت الحج لا يعنى عدم صحة الحج بل يعنى عدم وجوبه عليه، بحيث إنه إذا لم يَحُجُّ حينئذٍ فلا إثم عليه، أما إذا فعل، فحَجُّه صحيحٌ، وتسقط به عنه حجة الفريضة، وكذلك الحال فى العمرة. أما تقرير الـBBC فزعم أن ارتفاع تكاليف الحج فى مصر، خلال الأعوام الأخيرة، إلى أرقام غير مسبوقة، أدى إلى لجوء البعض إلى البحث عن طرق مختلفة أقل تكلفة، ولو من خلال التحايل على بعض القواعد والقوانين. إذ يلجأ بعض الشباب إلى تغيير المهنة فى بطاقات الهوية من أجل السفر إلى المملكة العربية السعودية كعمال، والعمل فى قطاع الخدمات من أجل تأدية مناسك الحج خلال تلك الفترة، فى حين يلجأ آخرون إلى السفر لأداء العمرة قبل موسم الحج بأشهر قليلة، ثم البقاء هناك حتى يحين وقت الحج، وأداء المناسك.

محمد، شاب مصرى غيّر بيانات بطاقته الشخصية من صاحب مؤهل جامعى حاصل على ليسانس الآداب إلى عامل، ثم استخرجت جواز سفر بناء على بيانات البطاقة الجديدة. وبعد ذلك ذهب إلى أحد مكاتب توظيف العمال بالخارج ودفع ٢٥٠٠ جنيه، سنة ٢٠١٦ من أجل السفر من بين العاملين فى خدمة الحجيج، وحصل على مقابل مادى يصل إلى ١٨٠٠ ريال سعودى نظير العمل خلال تلك الفترة. وقال: «»كنت على استعداد للعمل حتى كعامل نظافة». ومصطفى، الذى غير بيانات بطاقته الشخصية من مدرس إلى عامل، قال إنه يستطيع أن يدفع المقابل المادى المرتفع للحج، لكنه رأى أن هناك من يتاجر فى هذا الأمر، فقرر أن يتحايل هو الآخر، حتى لا يتم استغلاله والحصول على أمواله. كما لجأت «الحاجة أم محمود» إلى حيلة أخرى، هى السفر إلى السعودية قبل فترة من موسم الحج والبقاء هناك عند بعض أقاربها، ثم الذهاب إلى الأماكن المقدسة فى وقت الحج.

عاقل واحد، فى رأينا، اسمه حسن، قال لـ«BBC» إنه يرفض اللجوء إلى ذلك، ورأى أنه قد يبطل الفريضة من الأساس. غير أن محرر التقرير ردّ على «حسن» بأن دار الإفتاء المصرية تقول فى موقعها الرسمى على الإنترنت، إن «تأشيرات الحج، من جملة القوانين التنظيمية المباح تشريعها لتحقيق مصلحة الفرد والمجتمع، فيجب الالتزام بها، ويحرم تزويرها، فإن خالف بعضُ الأفراد فأدوا الحج بتأشيرات مُزورة عالمين بذلك فقد ارتكبوا إثمًا عند الله ومخالفةً دُنيويةً تستوجب العقوبة، مع صحة الحج».

بالرجوع إلى موقع «دار الإفتاء»، وجدنا بالفعل فتوى للدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، فى ١٧ فبراير ٢٠٠٢، جاء فيها أن «التأشيرات التى تُمنح لحجاج بيت الله الحرام ما هى إلا قوانين تنظيمية كى تتمشى مع مصلحة الجماعة وحاجة الناس ومتطلباتهم، والتى اقتضتها ضرورة العصر وأوجبت على المسئولين التدخل بكل حزم كى يضعوا القوانين واللوائح التنظيمية التى يأتى من ورائها سعادة للجميع ومصلحة لجماعة المسلمين، فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن». و... و... «وإذا خالف بعضُ الأفراد ذلك وأدوا الحج بتأشيرات مُزورة فقد ارتكبوا مخالفة جسيمة دُنيويًّا إن كانوا عالمين بذلك، ويعاقب عليها القانون لعدم اتباع تعليمات وليِّ الأمر؛ وذلك لأن هذه التأشيرات ما هى إلا تصريح بدخول للدولة فقط وليست تأشيرات لصلاحية الحج من عدمه. أما من الناحية الدينية بالنسبة للحجاج غير العالمين بهذا التزوير فقد أدَّوا الفرض ويثابون عليه، وحجُّهم مقبول إن شاء الله ما دام أنهم أدَّوا جميع المناسك وأركان الحج وشروطه الشرعية».

قد ترى أن فتوى المفتى الأسبق منطقية وقد تراها غير ذلك. وقد تعتقد، كما نعتقد، أن الحج فى أصله طاعة؛ وأنه لا يمكن الوصول إلى الطاعة بمعصية، كالكذب، التحايل، أو النصب. لكن دعنا نتفق، قبل ذلك وبعده، على أن قبول الحج، أو عدمه، فى علم الله. وكل عام وأنتم بخير.