رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصف معسكرات «الحشد الشعبى » بالعراق


خلية الإعلام الأمنى بالعراق، المسئولة عن تقديم البيانات الرسمية بشأن الفعاليات العسكرية والأمنية وأنشطة مكافحة الإرهاب، أكدت قصف طائرة مجهولة معسكر «الشهداء»، التابع لميليشيات «حزب الله العراقى» ١٩ يوليو ٢٠١٩.. المعسكر يقع بقضاء «طوزخرماتو» بمحافظة صلاح الدين، يتبع لواء الحشد الـ١٦، الذى يضم عناصر تركمانية، تعتبر امتدادًا للحرس الثورى الإيرانى، ما يفسر وجود خبراء من إيران وحزب الله اللبنانى.. الشيخ ثائر البياتى، أمين عام مجلس العشائر العربية بالعراق، أكد أن المعسكر يضم صواريخ باليستية إيرانية الصنع نقلت للمعسكر داخل شاحنات نقل المواد الغذائية المبردة، وأن عملية القصف أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصر الحرس الثورى، وأخرى تابعة لحزب الله اللبنانى.

اتفقت المصادر على أن استهداف المعسكر تم بناء على معلومات دقيقة، تعتمد على صور الأقمار الصناعية، وطائرات الاستطلاع المسيرة، وكذا مصادر من داخل المنطقة السنية التى تحيط بالمعسكر، والتى أكدت تدمير مصنع إنتاج صواريخ الكاتيوشا، وإعادة تأهيل وتجميع صواريخ سكود، الذى تم تشييده مؤخرًا.. وأشارت إلى أن «إقبال بور» مساعد قاسم سليمانى يتخذ المعسكر مقرًا لعمله، كمسئول عن تقديم الاستشارات لتشكيلات الحشد بالمنطقة، وقد اعتاد دخول العراق عبر السليمانية بإقليم كردستان، حيث يقيم، لكنه كان قد غادر عائدًا لإيران، لحضور مجلس عزاء والدته، التى توفيت بصورة مفاجئة، ما نجاه من القصف.

الحادث أحدث ارتباكًا وقلقًا، ما دفع عادل عبدالمهدى، رئيس الحكومة، لتشكيل لجنة عسكرية وأمنية موسعة لتقصى الحقائق بشأن ما حدث بالمعسكر.. تقرير اللجنة حاول تهدئة الرأى العام، فنفى ما تردد حول مسئولية جهات خارجية عن الهجوم، مؤكدًا أن الانفجار لم يكن قصفًا جويًا ولا صاروخيًا، إنما كان «حريقًا لوقود صلب نتيجة خلل داخلى»، وأنكر وقوع قتلى فى صفوف «الحشد».. وبناء عليه نفى رئيس الحكومة صحة التقارير التى حمّلت إسرائيل مسئولية الهجوم، ووصف الحادث بالـ«بسيط، ولم يوقع ضحايا».. فى اليوم التالى نشرت المواقع الإيرانية تقريرًا مدعومًا بالصور، لتشييع جنازة «أبوالفضل سرابيان» أحد قادة الحرس الثورى، وأشارت إلى أنه قتل فى الغارة الجوية على معسكر الشهداء. البنتاجون أكدت الهجوم: «نحن على علم بالتقارير الخاصة بأعمال عدائية محتملة ضد وحدة الحشد بصلاح الدين»، لكنها نفت مسئوليتها عنه.. «هآرتس» أكدت أن إيران تنقل صواريخ دقيقة ومتطورة- تشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلى- إلى العراق.. إذاعة الجيش الإسرائيلى ألمحت إلى أن إسرائيل قد تكون المسئولة عن الهجوم الجوى على مخازن السلاح وموقع الميليشيات العراقية التابعة لإيران يوم ١٩ يوليو، وقاربت بين الهجوم والهجمات المماثلة ضد أهداف إيران وحزب الله بسوريا.. البروفيسور عماتسيا برعام، مدير وحدة أبحاث العراق بجامعة حيفا اتفق مع ذلك، موضحًا أن المعسكر تابع لـ«الحرس الثورى الإيرانى».. و«الإندبندنت» نقلت عن مسئول عسكرى إسرائيلى قوله: «إن إسرائيل تحركت فى العراق كما تتحرك فى سوريا»، مشيرة إلى أن المعسكر نقلت إليه مؤخرًا أسلحة نوعية من إيران، منها صواريخ باليستية، وأن عملية القصف تمت بصواريخ موجهة متطورة تبلغ زنة الواحد قرابة الطن، ما أدى لدمار شامل بالمعسكر. والحقيقة أن هذه ليست أول مرة تتعرض فيها ميليشيات الحشد للقصف، ففى يناير الماضى كشف مشعان الجبورى، النائب السابق بالبرلمان، عن تفاصيل قصف جوى استمر على مدار أربعة أيام، واستهدف تشكيلات «الحشد» بمنطقتى النخيب قرب حدود السعودية، والثرثار بمحافظة صلاح الدين، استخدمت فيه الطائرات المسيرة، التى أوقعت خسائر فى صفوف الحشد الشعبى، مختلف المصادر اتفقت على أن الطائرات أمريكية، لأن الطيران الحربى والمسير الأمريكى يجوب العراق، للاستطلاع والمراقبة على مدار الساعة، وقد اعتاد استهداف أى تحرك يعتقد أنه تابع لتنظيم داعش.. الجهات العراقية الرسمية تكتمت الموضوع.

دانى دانون المندوب الإسرائيلى بمجلس الأمن وجه اتهامات لإيران و«حزب الله» ٢٤ يوليو، تتعلق بتهريب الأسلحة برًا عبر العراق ومعبر المصنع إلى سوريا ولبنان.. يوم ٣٠ يوليو نقلت «يديعوت أحرونوت» عن «رون بن يشاى»، الخبير العسكرى، أن إسرائيل قصفت يوم «٢٧ يوليو» بطائرات «F-35» قاعدة تابعة للحشد الشعبى، تستخدمها إيران فى إدخال الأسلحة لسوريا ولبنان، وبالفعل كان انفجار ضخم قد وقع فى ذلك التاريخ بمعسكر «أشرف» بديالى ٥٠ كم شمال شرق بغداد، الذى تتمركز به ميليشيات بدر الموالية لإيران، هذا المعسكر يعتبر أكبر المجمعات العسكرية التابعة للحشد، يتسع لقرابة ٤٠٠٠ جندى، ويضم أنظمة تسليحية، ومجمعًا ضخمًا من المنشآت تحت الأرض، لتخزين الدبابات والمدفعية الثقيلة والصواريخ الباليستية.. المعسكر كان تابعًا لمجاهدى خلق الإيرانية المعارضة سابقًا، وأضحى مقرًا لنفوذ الحرس الثورى.. المصادر العراقية أشارت إلى أن ما حدث ناتج عن انفجار بعض الأسلحة المخزنة نتيجة عوامل سوء التخزين، لكن المصادر الدبلوماسية الغربية رجحت أنها غارة جوية تمت بمقاتلة «F-35» بعد أن وسعت إسرائيل دائرة استهداف إيران لتغطى العراق.

القواعد العسكرية الأمريكية ومقرات خبرائها بالعراق كانت هدفًا لقصف فصائل الحشد على مدى الشهور الأخيرة، ما دفع أمريكا لتهديدها بمهاجمة مقراتها حال تعرض السفارة الأمريكية للقصف.. بومبيو أبلغ عبدالمهدى بأن واشنطن لن تتدخل إذا قصفت إسرائيل مواقع الحشد بالعراق.. وعادل عبدالمهدى، رئيس الحكومة، أكد أن أمريكا أحاطته علمًا بأن الطائرات المسيرة التى استهدفت محطتى الضخ البتروليتين التابعتين لشركة أرامكو بمحيط منطقة الرياض «١٤ مايو» قد انطلقت من الأراضى العراقية، وحددت المكان الذى انطلقت منه الطائرات.. اختيار العراق مركزًا للإطلاق يرجع إلى أن المسافة بين محافظة المثنى جنوب العراق حتى الأهداف السعودية أقل من نصف نظيرتها من مواقع الحوثيين، وأدنى تعرضًا لشبكات الدفاع الجوى.. كل تلك العوامل تؤكد اتفاق المصالح بين أمريكا وإسرائيل على استهداف «الحشد».

عمليات القصف التى تعرضت لها معسكرات الحشد، جاءت فى أعقاب تهديدات أمريكية وإسرائيلية صريحة، تستهدف منع إيران من توظيف الحشد فى تنفيذ عملياتها العدائية بالمنطقة، معظم فصائل الحشد بدأت بالفعل تغيير مواقع معسكراتها، ونقل الصواريخ والأسلحة الثقيلة، تجنبًا للاستهداف الجوى.. هذه التطورات لها وجه إيجابى يمكن أن يدعم الحكومة العراقية فى تنفيذ قرارها الخاص بإغلاق مقرات الميليشيات المسلحة، والاختيار بين الاندماج داخل الجيش، أو التحول لتنظيمات سياسية، يحظر عليها حمل السلاح.. هذا التنفيذ يمكن أن يجنب العراق الدخول فى نطاق الضربات الجوية الإسرائيلية التى تستهدف قطع الأذرع الإيرانية المتمددة بالمنطقة.