رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة العشرين.. توترات وتسويات


فى هذا الوضع الدولى المعقد، يراقب العالم الآن فعاليات قمة مجموعة العشرين (G20) التى تستضيفها مدينة أوساكا اليابانية، يومى الجمعة والسبت، ويشارك فيها قادة وممثلو 37 دولة ومنظمة دولية وإقليمية. ولأن القمة هى أكبر وأرفع حدث سياسى تستضيفه بلاده، منذ الحرب العالمية الثانية، يحاول رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى (أو آبى شينزو) تخفيف حدة التوترات والخلافات بين الدول الأعضاء، آملًا فى أن تمر القمة بسلام، وأن تقوم كل الأطراف بالتوقيع على البيان الختامى للقمة.
مجموعة العشرين تأسست على هامش قمة مجموعة الدول الصناعية الثمانى (G8)، خلال انعقادها سنة 1999، فى العاصمة الأمريكية واشنطن، بهدف تعزيز الاستقرار المالى الدولى وإيجاد فرص للحوار بين وزراء المالية ومديرى البنوك المركزية فى الدول الأعضاء بواقع ثلاث دول من أمريكا الشمالية، دولتان من السوق المشتركة، وأربع من الاتحاد الأوروبى (والاتحاد نفسه)، وثلاث دول من منظمة المؤتمر الإسلامى. وفى أعقاب الأزمة المالية العالمية، سنة 2008، تم رفِع مستوى المشاركة، لتستضيف واشنطن، فى 14 نوفمبر من تلك السنة، أول قمة يشارك فيها رؤساء وحكومات الدول الأعضاء. ثم توالى انعقاد القمم، مرة أو اثنتين سنويًا، وصولًا إلى قمة عام 2016 التى انعقدت فى مدينة هانجتشو الصينية، وشهدت أول مشاركة مصرية، التى جاءت استجابة لدعوة الرئيس الصينى شى جين بينج، خلال ترؤس بلاده القمة الحادية عشرة، التى كان أبرز ما شهدته هو مصادقة الصين والولايات المتحدة، (إدارة أوباما) على الاتفاقية الدولية للمناخ، التى انسحب منها ترامب لاحقًا.
قبل مشاركة مصر، للمرة الأولى، فى 2016، شارك وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى، لكن بصفته رئيس «اللجنة الدولية للسياسات النقدية والمالية بصندوق النقد الدولى». وحدث بعد انعقاد قمة نوفمبر 2008 أن سألت شبكة «سى إن إن» الوزير الأسبق عن مدى رضاه عن تمثيل المملكة العربية السعودية للدول العربية في قمة العشرين، فأبدى دهشته من ذلك، موضحًا أن «التمثيل ينبغى أن يكون من خلال دولة تفهم القضايا المتعددة التى تواجهها مجموعة محددة من الدول». وأشار إلى أنه سيكون من الأفضل أن يناط التمثيل «بدولة تشارككم نفس المشاكل وتتقاسم التحديات التى تواجهونها». 
المهم، هو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، اشتبك كالعادة، مع أكثر من طرف، وأشعل الأجواء المتوترة، أساسًا، بين بلاده والصين بسبب الحرب التجارية وحساسية بكين تجاه تبنى واشنطن الاحتجاجات فى هونج كونج. وغير استفزازاته لألمانيا، فرنسا، وغيرهما، تهكم مجددًا، فى حوار أجرته معه شبكة «فوكس بيزنس نيوز»، على معاهدة الدفاع الأمريكية اليابانية، وقال إن بلاده لو تعرضت لهجوم، فإن اليابان ستكتفى بمشاهدة الهجوم «على شاشة تليفزيون سونى». وهو ما رد عليه يوشيهيد سوجا، كبير أمناء مجلس الوزراء اليابانى، بتأكيده أن البلدين لم يبحثا تعديل هذه الاتفاقية، التى تم توقيعها سنة 1960، لتحل محل الاتفاقية الموقعة عام 1951 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وأوضح سوجا أن «التزامات الولايات المتحدة واليابان متوازنة بين الدولتين». 
قبل مغادرته طوكيو إلى أوساكا، الخميس، قال رئيس الوزراء اليابانى إن هناك دولا فى المجتمع الدولى تتحدث عن الصدام. بينما تبحث اليابان عن التلاقى ونقاط التقاطع. وبعد لقاء مطول عقده مع الرئيس الصينى، مساء الخميس، عقد «آبى» سلسلة لقاءات ثنائية، إحداها مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى عقد هو الآخر عددًا من اللقاءات الثنائية، وشارك فى قمة صينية إفريقية مصغرة حضرها الرئيس الصينى شى جين بينج، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس السنغالى ماكى سال، وأنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة. وكانت إفريقيا حاضرة أيضًا خلال لقاء الرئيس المصرى ورئيس الوزراء اليابانى، إذ واصلا المشاورات والتنسيق السياسى المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وناقشا الاستعدادات الجارية لانعقاد القمة اليابانية الإفريقية «تيكاد» التى تنعقد، فى أغسطس المقبل، بمدينة يوكوهاما اليابانية، تحت رئاسة مصرية يابانية مشتركة. 
أخيرًا، وإلى أن ينتهى اليوم، يوم السبت، سيظل العالم يتابع فعاليات القمة، وستظل أمام خروج الصيغة النهائية للبيان الختامى عدة ألغام، أبرزها يتعلق بإصلاح «منظمة التجارة العالمية»، الذى تدعمه طوكيو وترفضه واشنطن أو الإدارة الأمريكية الحالية، إدارة ترامب، التى تريد الخروج أساسًا من أى منظمات أو اتفاقيات متعددة الأطراف. وهناك أيضًا اللغم الخاص باتفاقية المناخ، الذى صار محل تجاذب دائم بين الرئيسين الأمريكى والفرنسى. وسواء تم تجاوز تلك الألغام أو تفجيرها، ففى كل الأحوال ستتسلم المملكة العربية السعودية رئاسة القمة من اليابان، لتبدأ تحضيرات القمة المقبلة التى تستضيفها الرياض.