رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تجعل قلبك يحيا بذكر الله؟ «2-2»


«لا إله إلا الله» لغويًا فيها نفى وإثبات.. النفى «لا إله».. فلو انتفى وجود إله يكون الكون والوجود كله عدم، هذا هو معنى «لا إله»، أما معنى «إلا الله».. إثبات أن به كل الوجود.. فـ«لا إله إلا الله» معناها لا وجود إلا بالله. كله عدم إلا بالله.. كل الكون والموجودات وأنا وأنت عدم إلا بالله.
كل شىء بدون الله عدم معتم مظلم.. تخيل معنى عدم مطلق.. التراب ليس عدمًا.. فلولا نور الله وتجلى الله على الكون لما كان الوجود.
إن أعظم آية فى القرآن هى آية الكرسى «الله لا إله إلا هو الحى القيوم»، فهو الحى المطلق والكل فان، الأصل فى كل الوجود هو العدم، أما القيوم فهو الذى قامت به السموات والأرض، كل ما سواه قائم به «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا»، هو القائم على حياتى وحياتك.. رزقى ورزقك.
قبل أن تسرح بعقلك فى صور الكون الكثيرة ركز عقلك على الواحد الأحد.. هذا هو معنى «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ»، اذكر كل يوم ربك: لا إله إلا الله.. وعش معنى لا وجود لنا ولا للكون إلا بك يا الله.. لا إله إلا الله.
الكون كله من تجليات الله.. كل شىء فى الكون يهتف لولا الله لما كنت أنا.. القمر.. الشجر.. النجوم.. الجبال.. الطيور. فلا ترى فى الكون جماله، لكن ترى فى الكون جمال تجليات الله عليه.
يقول الله تعالى: «فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ»، معناها: أينما وجهت عيناك سترى عظمة الله فى الأكوان.. جبين الكون مكتوب عليه: لا إله إلا هو.
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ، وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ».
مع كثرة «لا إله إلا الله» سيفتح لك الله أنوارًا وإشراقات عجيبة فى قلبك.. كثرة «لا إله إلا الله» لتوجد فى قلبك حنينًا عجيبًا إلى الله.. مع كثرة الذكر ستبدأ تساؤلات جديدة فى حياتك.. هل هو راضٍ عنى؟، هل أنا ممن أحبهم الله؟. ستجد نفسك بعدها تقول له: أنا أحبك يا رب.
أنا حياتى تغيرت بهذا الذكر.. وضعت هدف «2000» كل يوم، حتى وصلت إلى «100 ألف» كل يوم على سطوح بيتى بالليل.. حتى إننى كنت أشعر بأن الكون يهتف معى: لا إله إلا الله.
سأل موسى ربه: يا رب علمنى شيئًا أذكرك به كثيرًا.. فقال الله له: يا موسى قل «لا إله إلا الله»، فقال موسى: كل عبادك يقولون هذا، فقال الله: يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع فى كفة و«لا إله إلا الله» فى كفة لثقلت كفة «لا إله إلا الله».
وفى الحديث الذى رواه عبدالله بن عمرو عن النبى، صلى الله عليه وسلم: «يصاح برجل من أمتى على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلًا كل سجل مد البصر‏.‏ ثم يقال‏:‏ أتنكر من هذا شيئًا‏؟‏ فيقول‏:‏ لا يا رب‏.‏ فيقال‏:‏ ألك عذر أو حسنة‏؟‏ فيهاب الرجل ويقول‏:‏ لا‏.‏ فيقال‏:‏ بلى إن لك عندنا حسنة‏.‏ وإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة، وهى الورقة الصغيرة، فيها‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‏.‏ فيقول‏:‏ يا رب وما هذه البطاقة مع هذه السجلات‏؟‏ فيقال‏:‏ إنك لا تُظلم‏.‏ فتوضع السجلات فى كفة والبطاقة فى كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة‏».
يا الله..  يا الله..  يا الله.. قالها فى لحظة صدق وإخلاص فمسحت كل السيئات.. قل: «لا اله إلا الله» فإنها تحرق المعاصى والذنوب. إذا كان لديك ذنب لا تستطيع أن تتركه، فأكثر من ذكر «لا إله إلا الله» فإنه يحرق الذنوب ويميتها فى القلب.