رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هلال العيد.. صداع جديد!


صباح أمس، الإثنين، طالبتنا «دار الإفتاء المصرية»، فى بيان حاد، شديد اللهجة، بضرورة تحرى الدقة بشأن ما يتم نشره حول أول أيام عيد الفطر المبارك، وانتظار بيانها فى هذا الشأن، بعد صلاة المغرب. وعليه، ترددنا فى تهنئتك بالعيد، قبل صلاة العصر، أى وقت كتابة هذه السطور!.
عند غروب شمس الإثنين، سيكون عُمر «هلال شوال» 6 ساعات تقريبًا، وسيكون ارتفاعه لحظة الغروب أقل من درجة قوسية، ما يعنى أنه سوف يستغرق من دقيقة إلى 3 دقائق بعد غروب الشمس، ليغرب. واستنادًا إلى هذه المعطيات التى ذكرها رجل وصفه موقع «العربية نت» بأنه «فلكى سعودى» و«عضو الاتحاد العربى لعلوم الفلك والفضاء» فإنه «من شبه المستحيل رؤية هلال شوال بهذه القيم»، و... «وقد تحدث بها ابن تيمية- رحمه الله- وهو يقول فى مجمع الفتاوى فى باب الصيام: إن هلالًا على ارتفاع درجة لا يرى، وهو بذلك يجزم وبناء على الحساب فمن شبه الاستحالة رؤية الهلال عندما تكون قيم الهلال فى حالاتها الدنيا».... إلخ.
نحن، إذن، أمام صداع جديد. وكنا سنلوم دار الإفتاء على حدة وشدة لهجة بيانها، لكننا تراجعنا، بعد قراءة كلام الأستاذ «الفلكى السعودى»، وعشرات الآراء والتحليلات، الشبيهة لـ«فلكيين» من جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى سيول المعلومات المرتبكة والمتضاربة التى نشرتها صحف ومواقع إلكترونية عديدة. بينها ما نقلته «سكاى نيوز عربية» عن «مدير مركز الفلك الدولى»، الذى زعم فيه أن «جميع المؤسسات الفلكية والمتخصصين أجمعوا على أن رؤية الهلال غير ممكنة يوم الإثنين بجميع الوسائل، ما يعنى أن الأربعاء سيكون أول أيام عيد الفطر فلكيًا»!.
عشرات الصحف والمواقع الإلكترونية، تناقلت بيانًا أصدره ذلك الكيان «مركز الفلك الدولى»، يحمل توقيعات 30 شخصًا، قيل إنهم متخصصون فى علوم الفلك ورؤية الهلال. وبعد أن اعتقدنا أن هذا الكيان وهمى، فوجئنا بأنه «مركز علمى رسمى يتخذ من مدينة أبوظبى مقرًا له، وهو يعنى بالشئون الفلكية، وبرزت الحاجة له ليكون مرجعًا علميًا للمهتمين بالعلوم الفلكية (مؤسسات وأفرادًا) سواء محليًا أو عالميًا، ويضم المركز فى عضويته خبراء ومتخصصين فى علم الفلك فى شتى مجالاته، وطبيعة أنشطة المركز الدولية تتطلب أن يكون أعضاء المركز منتشرين فى العديد من دول العالم و... و... إلخ»، أى «إلى آخر» الكلام الذى ذكره الموقع الرسمى للمركز!.
البيان الصادر عن هذا المركز، أوضح أن يوم الإثنين سيغيب فيه القمر قبل غروب الشمس فى شرق العالم الإسلامى (مثل إندونيسيا) وفى شمال العالم الإسلامى (مثل كازاخستان). وبالتالى ستكون رؤية الهلال مستحيلة فى تلك المناطق. وبالنسبة للمنطقة العربية ووسط وغرب العالم الإسلامى، فإن القمر سيغيب بعد فترة قصيرة جدًا من غروب الشمس ليست كافية لرؤيته بأى وسيلة، وذلك وفقًا لما وصفه البيان بـ«الدراسات العلمية الميدانية لرصد الأهلة»، والتى أشارت إلى أن رؤية الهلال ممكنة فى بعض الأجزاء الغربية من القارتين الأمريكيتين باستخدام التلسكوب، لكن ذلك سيكون بصعوبة بالغة وفى حالة صفاء الغلاف الجوى فقط!.
فى مصر، لدينا معهد قومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، تأسس سنة 1903، ويرأسه الآن الدكتور خالد القاضى، الذى أوضح أن الحسابات الفلكية تقطع بوجود الهلال، لكنها لا تضمن رؤيته. وأشار إلى أن تلك الحسابات تيسر على الراصد عملية تحرى الهلال الجديد بالتوجه مباشرة نحو اتجاه وزاوية ميلاده، وبذلك يمكن رؤيته ورصده مهما قلت فترة ظهوره. ومع أن رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية أكد أن الحسابات الفلكية تكون دقيقة ولا تخطئ فى حساب بداية ونهاية الشهور الهجرية، فإنه ترك الباب مواربًا، بإشارته إلى أن لجان رصد الهلال ستنتشر فى محافظات الجمهورية بعد غروب شمس الإثنين، لاستطلاع الهلال، ليكون القول الفصل فى النهاية لـ«دار الإفتاء».
الحسابات الفلكية، التى أعدها معمل أبحاث الشمس، التابع للمرصد الفلكى الأقدم والأكبر والأهم فى المنطقة، قالت إن هلال شوال تمت ولادته فى الساعة الثانية عشرة ودقيقتين ظهر الإثنين، وسيظهر بعد غروب الشمس فى سماء القاهرة لمدة 6 دقائق. بينما ستتراوح فترة ظهوره فى محافظات الجمهورية لمدد تتراوح بين 5 و7 دقائق، وما بين 1 و17 دقيقة فى العواصم العربية والإسلامية. واستنادًا إلى ذلك، إلى الحسابات الفلكية، يكون- اليوم- الثلاثاء الرابع من يونيو 2019 هو أول شوال 1440 فلكيًا، ما يعنى أنه لا توجد أى مشكلة فى أن نقول، الآن، وقبل صدور بيان دار الإفتاء: كل سنة وأنت طيب وبألف بخير، بمناسبة عيد الفطر المبارك.