رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثلاث قمم.. وأعداء ثلاثة


بسؤاله عن المشاركة القطرية، على مستوى رئيس الوزراء، فى القمتين الطارئتين، العربية والخليجية، وعما إذا كانت تلك المشاركة تعد بداية لحل الأزمة الخليجية؟ أوضح إبراهيم العساف، وزير الخارجية السعودي، أن قطر سبق أن شاركت فى القمم السابقة، بمستويات تمثيل مختلفة، وأن موقف المملكة، وكذلك بقية الدول الأربع، لا يزال هو البحث عن حل لمسببات الأزمة. ثم توقع العسّاف أن يكون «هناك حل، إن شاء الله، إذا عادت قطر إلى طريق الصواب»!.
السؤال لم يكن بريئًا والإجابة، بهذه الميوعة، قد تكون لها أسبابها الداخلية أو الخارجية. بالضبط، كزعم الوزير نفسه أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لديها الرغبة فى السلام والتعاون مع إيران، واشتراطه لحدوث ذلك أن تكف إيران عن دعم الأعمال الإرهابية وأن تكون جارًا متعاونًا مع الدول العربية. وبالمثل، جاءت إجابات ومراوغات أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، وعبداللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، اللذين كانا على يمين ويسار وزير الخارجية السعودي، خلال المؤتمر الصحفي، الذى عقده بمكة المكرمة، مساء الخميس، عقب اختتام القمتين الطارئتين العربية والخليجية، وأكد فيه على نجاح أعمال القمتين.
إعمالًا للمادة الثالثة من ملحق ميثاق جامعة الدول العربية، عقد مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى القمة دورة طارئة، استثنائية أو غير عادية، فى مدينة مكة المكرمة، وقيل إن القادة والزعماء العرب تدارسوا فيه كافة التطورات التى شهدتها المنطقة وما تحمله من مخاطر وتداعيات على المصالح العربية العليا، وخلصت المداولات بينهم، أى بين القادة والزعماء، إلى التأكيد على المواقف نفسها التى سبق التأكيد عليها عشرات، بل مئات المرات، والشيء نفسه ينسحب على القمة الإسلامية العادية أو غير الطارئة، وعلى القمة الخليجية، الطارئة أو غير العادية، التى قد تعتقد أن بيانها الختامى صدر منذ خمس سنوات!.
البند الرابع فى البيان الختامى الصادر عن القمة الخليجية الطارئة، يزعم «قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه»، قبل أن يؤكد فى البند الخامس على أن «المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية» استعرض السياسة الدفاعية للمجلس القائمة على مبدأ الأمن الجماعى المتكامل والمتكافل لغرض الدفاع عن كيان ومقومات ومصالح دوله وأراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية، مؤكدًا المبادئ التى تضمنتها اتفاقية الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون من أن أمن دول المجلس وحدة لا تتجزأ، وأن أى اعتداء على أى من الدول الأعضاء هو اعتداء عليها جميعًا، و... و... إلخ
كاتب هذا الكلام، غالبًا، حافظ مش فاهم، أو نقله من بيان قديم، لأن ترجمته المباشرة هى أن إمارة قطر المشمولة بالرعاية والحماية الإيرانية، مشمولة أيضًا برعاية وعناية دول مجلس التعاون الخليجي، وأن أى اعتداء عليها، هو اعتداء على دول المجلس عمومًا. ولو كنت محتارًا بين السخرية والغيظ، فإنك ستحتاج الاثنتين معًا، للتعامل مع البيان الختامى للقمة العربية الذى تكرر فيه ذكر إيران نحو عشرين مرة، بينما لم يرد فيه ذكر تركيا أو قطر، تصريحًا أو تلميحًا، مع أنهما تقفان، قبل إيران، وراء محاولات تخريب وتدمير دول المنطقة. وعليه، تكون الإشارة مهمة إلى القذائف التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى كلمته، وأصابت الدول الثلاث حتى ولو لم يذكرها بالاسم.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة ورؤساء وفود الدول العربية الذين أدانوا ما تقوم به إيران من سلوك ينافى مبادئ حسن الجوار، ويهدد الأمن والاستقرار فى الإقليم، كان بينهم رئيس وزراء دويلة متحالفة مع إيران ومشمولة برعايتها وحمايتها، وتباهت أكثر من مرة، خلال العاميين الماضيين بتوطيد علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع إيران. وصار معروفًا أنها تقوم بالتنسيق معها، ومع تركيا، فى دعم عدد من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية فى كل بؤر التوتر فى المنطقة العربية. وكان السعى لتبوُّء مكانة ليست لها، أو أكبر من حجمها، هو نقطة التقارب بين أنقرة وطهران والدوحة أو نقطة انطلاق المصالح المشتركة بين أعدائنا الثلاثة. ويمكنك أن تضيف تل أبيب، قبل أن ينتهى بك المطاف عند واشنطن أو ماسورة المجارى الأم.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرؤية المصرية لكيفية التعامل الحازم والحكيم مع تلك الدول ومع التهديدات التى تواجه الأمن القومى العربى بشكل عام، والتى طرحها الرئيس فى كلمته أمام القمة العربية، سبق أن طرحها فى مؤتمرات، لقاءات، ومناسبات مختلفة. وبعد التهديدات الخطيرة وغير المسبوقة التى واجهت (ولا تزال) الأمن القومى العربي، والخليجى تحديدًا، نتمنى أن يكون أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، قد أدركوا أن المتغطى بغير مصر عريان.