رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفيد بـ«إيه» القمم؟!



قمة عربية طارئة، وأخرى عادية لمنظمة التعاون الإسلامى، تنعقدان بمكة المكرمة، الخميس والجمعة. ولأن العادى والطبيعى، هو أن تشارك الدولة العربية والإسلامية الأكبر والأكثر ثقلًا فى القمتين، غادر الرئيس عبدالفتاح السيسى القاهرة، صباح أمس الخميس، متوجهًا إلى المملكة العربية السعودية. وفى الوقت نفسه تنعقد قمة خليجية طارئة، سيشارك فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجى باستثناء «الفتى تميم» الذى تردد أنه أراد المشاركة فى القمم الثلاث ومنعه «ولى أمره»!.
القمتان الطارئتان، العربية والخليجية، تنعقدان بناءً على دعوة وجهها الملك سلمان بن عبد العزيز، فى ١٨ مايو الجارى، على خلفية الاعتداءات على ٤ سفن قرب سواحل الإمارات فى ١٢ مايو، وعلى محطتين سعوديتين لضخ النفط فى ١٤ من الشهر نفسه. أما القمة الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامى، فيأتى انعقادها بالتزامن مع احتفال المنظمة بذكرى مرور نصف قرن على تأسيس المنظمة. وخلال اجتماع وزراء الخارجية فى مكة المكرمة، الذى تسلمت فيه السعودية رئاسة المنظمة للدورة الحالية، من تركيا، شددت الخارجية السعودية على التزام الرياض بمكافحة الإرهاب وتمويله، ومواجهة الفكر المتطرف.
إيران هى المتهم الأول عن الاعتداءات الأولى، والميليشيات الحوثية المدعومة منها، هى المسئولة عن الاعتداءات الثانية. ومع ذلك، أعلنت وزارة الخارجية القطرية أن أمير قطر، المتحالف مع إيران والمشمول بالرعاية والحماية الإيرانية، تلقى «رسالة خطية» من العاهل السعودى لدعوته لحضور القمة الخليجية الطارئة. ومساء الأربعاء، أعلنت السلطات القطرية غياب الفتى وأن عبدالله آل ثانى، رئيس الوزراء، سيترأس وفد الإمارة فى القمة الطارئة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والقمة العربية الطارئة، والدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية والتى ستعقد بمكة المكرمة. ونتمنى ألا تكون قد نسيت أن السعودية هى إحدى الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، التى تقاطع قطر، منذ يوم ٥ يونيو ٢٠١٧، بعد ثبوت قيام العائلة الضالة التى تحكمها، بالوكالة، بدعم الإرهاب.
مشاركة رئيس مصر فى القمتين، العربية الطارئة والإسلامية العادية، تأتى فى إطار حرص مصر على تدعيم وتطوير أواصر العلاقات مع جميع الدول الأعضاء فى المنظمتين بالعالمين العربى والإسلامى، والمساهمة بفعالية فى جهود تعزيز آليات العمل الجماعى المشترك لصالح الشعوب العربية والإسلامية. ولعلك توقعت أن يكون الكلام السابق منقولًا عن تصريحات حديثة (أو قديمة) للمتحدث الرسمى باسم الرئاسة، الذى لم تفته الإشارة، المتكررة، إلى أن برنامج الرئيس يتضمن عقد لقاءات ثنائية، على هامش القمتين، مع عدد من القادة والزعماء للتباحث حول سبل تعزيز العلاقات، ومناقشة آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
رؤية مصر لمحاور الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة فى مواجهة التحديات الراهنة، سيطرحها الرئيس فى كلمته أمام القمة العربية، وكذا سبل تعزيز التشاور والتنسيق بين الدول العربية الشقيقة فى هذا الإطار. وفى القمة الإسلامية التى تنعقد تحت شعار «يدًا بيد نحو المستقبل»، فليس صعبًا استنتاج أن الرئيس سيستعرض أمامها سبل بلورة موقف موحد تجاه القضايا والأحداث الجارية فى العالم الإسلامى، وفى مقدمتها مكافحة التطرف، والتصدى لنشر خطاب التمييز والكراهية. ولا تهدف مصر، إجمالًا، إلا تحقيق تفاهم عربى وإسلامى واتخاذ موقف موحد برفض التدخلات الخارجية فى الشئون الداخلية والتعامل مع أى تهديدات تهدد الأمن والاستقرار، عربيًا، إقليميًا، ودوليًا.
نتمنى طبعًا، أن تخرج قمم مكة الثلاث بنتائج طيبة تنتقل بها الدول العربية والإسلامية، ودول الخليج العربى، من مدرجات المتفرجين إلى مقصورة الشركاء فى ملفات عديدة هى أكثر المعنيين بها وأكثر المتأثرين من تداعيات العبث بها، وأكثر المتضررين مما تقود إليه معالجتها الخاطئة. غير أن ذلك لا يمكن أن يتحقق فقط بالقرارات أو التوصيات، فى ضوء عدم تنفيذ قرارات وتوصيات واتفاقيات انتهت إليها قمم سابقة، ولم تنتج عنها أو تترتب عليها رؤية واضحة، ورادعة، لوقف تجاوزات تركيا وقطر اللتين بات واضحًا تمامًا أنهما تقفان، قبل إيران، وراء محاولات تخريب وتدمير دول المنطقة، سواءً بشكل مباشر أو عبر جماعات وتنظيمات إرهابية.
القرارات والتوصيات، قطعًا، لا تكفى فى مواجهة رياح عاتية عصفت بالمنطقة منذ مطلع العقد الجارى، ولا تزال. الأمر الذى يستوجب مواقف واضحة وإجراءات حاسمة للتعامل مع التهديدات، التحديات، والتداعيات التى أدت إلى تدمير عدد من الدول وتأخير الانطلاقات التنموية فى دول أخرى. لكننا اعتدنا، بكل أسف، أن تأتى الرياح بما تشتهى سفن غيرنا. وعليه، تكون واهمًا لو انتظرت فائدة من القمم أو ضرورة للعتاب، بعد أن طالت ليالى الألم.. واتفرقوا الأحباب!.