رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراما زمان

أبو الإخراج التليفزيونى


زمان، من ييجى 90 سنة كده، كان فيه فرقة مسرحية مكونة من أب وأم وابنة وابن، وناس تانية.
الفرقة دى قررت إنها تلف مصر، تقدم عروضها المسرحية فى المديريات كلها، مكنش فيه «محافظات»، وتنشر بقى شكسبير بين المواطنين، وتمتع الناس، وتغذى الثقافة المسرحية، والكلام اللى بالك فيه ده.
ولأنها كانت فرقة بسيطة، ومش مدعومة، كانت بـ تغزل زى الشاطرة، اشتروا ملابسهم، وركبوا مركب شراعى، وخلوا الممثلين يشيلوا البنادق الخشب، علشان محدش يثبتهم فى قلب النيل، أصلًا فكرة المركب جت لأنهم مكنوش يقدروا يسافروا بالقطر.
وصلوا لحد مديرية من المديريات فى قبلى، بعتوا لـ مسئول ف المديرية، وادوله التذاكر علشان يبيعها للمواطنين. تانى يوم بعت لهم إن التذاكر خلصت، عايزين تانى!
يابا إنت متأكد؟
عيب يا أساتذة.
ماشى، خد تانى، التذاكر خلصت تانى، خد تالت، لـ حد ما التذاكر اللى معاهم خلصت. يا فرج الله.
بدأت ليالى العرض، والجمهور مالى القاعة، وقبل آخر ليلة عرض، قالوا له: فين يا باشا فلوس التذاكر؟ إحنا مخدناش ولا مليم أحمر.
عيب يا أفندية، بكرة إن شاء الله آخر ليلة والحساب يجمع.
تانى يوم الصبح، لقوا غرزة اتبنت جنب خشبة المسرح، يادوب العرض اشتغل جه البوليس قبض على اللى ف الغرزة، وعلى الممثلين، بملابس العرض، وكان عرض «عطيل»، وكان الأب عامل دور عطيل، وبنته عاملة دور ديدمونة.
طبعًا فهموا الفولة، وتفاوضوا مع المسئول الحرامى، اللى عرض عليهم يخرجوا، بس يخرجوا على مراكبهم بملابس العرض، ويرضوا من الغنيمة بالإياب على رأى «امرؤ القيس».
اللى حكى الحكاية دى، الابن اللى كان شاب صغير وقتها، حكاها لـ صديقه الناقد الكبير كمال رمزى، اللى قريتها عنده.
الابن ده هو المخرج والمنتج والممثل فؤاد الجزايرلى، مخرج فيلم «حسن ومرقص وكوهين»، اللى فضل طول عمره عايش بـ مرارة صورة أبوه «الفنان فوزى الجزايرلى» وهو لابس عباية عطيل، وأخته «إحسان الجزايرلى» وهى لابسة قميص نوم ديدمونة، وبتمسح دموعها بالمنديل الشهير «لو ما قريتش ديدمونة افتكر مشهد أشرف عبدالباقى وياسمين عبدالعزيز فى رشة جريئة».
وما تستغربش إن الأب كان عامل عطيل، والبنت عاملة ديدمونة، هم أصلًا كانوا دويتو استمر سنين طويلة، وإنت أكيد تعرف شكلهم، لأنهم هم نفسهم بحبح أفندى وحرمه الست أم أحمد، أول ثنائى كوميدى فى السينما المصرية، وشكلهم مألوف جدًا.
فؤاد نفسه، أخو إحسان وابن فوزى، اتولد على المسرح لأن أمه كانت بـ تعرض العروض وهى حامل فيه، وتقريبًا كده ولدته وكملت الدور، ومش بس مسرح، كمان من أول ما قالوا يا سينما، والناس دى رمت نفسها ف النار، لأن الفن السابع فضل فترات طويلة ما بيأكلش عيش، وبـ يجلب الهوان الاجتماعى، وكلنا عارفين إن الممثل مكنتش بـ تتقبل شهادته ف المحاكم، وعبدالحليم حافظ بجلالة قدره لما اتقدم لـ حبيبته، اترفض لأنه أرتيست!
أول فيلم مصرى قصير، لـ فؤاد الجزايرلى، أول مشهد ملون فى السينما المصرية، لـ فؤاد الجزايرلى.
أول ما اتعمل التليفزيون، جرى على روسيا، وكان عنده خمسين سنة، اتعلم إخراج تليفزيونى، ورجع يخرج للتليفزيون، وتقدر تعتبره هو أبو الإخراج التليفزيونى فى مصر، واللى من خلاله اتعلم المخرجين ازاى يستخدموا كاميرات الفيديو، وإزاى يعملوا بيها دراما، لـ إن الفرق بين السينما والتليفزيون ما كانش واضح لـ كتير من العاملين بـ الفن، وكان فيه صعوبة فى إخراج دراما تليفزيونية لـ حد ما جه الجزايرلى.
كان من مؤسسى مسرح التليفزيون اللى خرج كل الطقم اللى عملوا «الفنانين المتحدين» من أول مدبولى لحد أحمد زكى.
فوق كل ده، الجزايرلى كان من الناس اللى شاركوا فى الحياة السياسية بـ قوة، واعتقلوه أكتر من مرة ف شبابه، قبل ما يركز ف الفن، وبعدين ده راجل لازم تحبه وتحسده، ده اتجوز ببا عز الدين، بعدها هدى سلطان، بعدها كاميليا. إييييه.
ربنا يرحمه بقى ويرحم الجميع.