رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عشماوى.. وأسياده فى الطريق


التنسيق الأمنى (والعسكري) المصرى الليبى لا يزال يحقق نتائج تفوق المتوقع، وأبرز تلك النتائج هو أنه كشف (ويكشف) جوانب من الوجه القبيح لممولى الإرهاب وداعميه فى ليبيا، وغيرها. وبوصول الإرهابى هشام عشماوى، وغلمانه، إلى مصر، سيتم بالتأكيد استكمال التحقيقات معه، وسنخرج منه بكل ارتباطاته وتشعباته مع دول وكيانات. وطبعًا، لسنا فى حاجة إلى أن نؤكد للمرة الـ«مش عارف كام» أن أمثال هؤلاء لا دين لهم ولا يؤمنون بالوطن وحدوده.
فى «درنة» التى تقع على الطريق الساحلى على بعد ٢٦٦ كيلومترًا غربى الحدود مع مصر، سقط الإرهابى هشام عشماوى، فى أكتوبر الماضى، ومعه تمكنت قوات الجيش الوطنى الليبى من إلقاء القبض على عدد من أخطر الإرهابيين، أبرزهم المصريان بهاء على أبو المعاطى وصفوت زيدان، والإرهابى الليبى مرعى عبد الفتاح زغبية، أبرز قيادات تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب، الذى شارك فى القتال بأفغانستان والعراق، وتم وضعه على قوائم الإرهاب الدولى بسبب الجرائم الإرهابية التى تورط فى تنفيذها ضد الليبيين. وكان «زغبية»، من القيادات المسؤولة عن التواصل بين تركيا وقطر والعناصر الإرهابية فى عدة دول، ليس فى ليبيا فقط.
زغبية، من مواليد مدينة بنغازى الليبية، وتم إدراجه على قوائم الإرهاب عام 2006، وحصل على لجوء سياسى فى تركيا إبان أحداث 17 فبراير 2011، وشارك فى تأسيس كتيبة «راف الله السحاتي» الإرهابية، كما تورط فى عمليات إرهابية فى عدة مدن إيطالية وصدرت ضده أحكام بالسجن هناك، إلا أنه تمكن من الهرب والتنقل بين الدول الأوروبية حتى تمكَّن من الاستقرار فى تركيا، حيث التقى عشماوى وزياد الإمام، أحد المسؤولين بجهاز أمن الدولة القطرى، وعددا من قيادات الإخوان، وتم تكليفهما بتأسيس تنظيم (المرابطون)، والإعلان عنه باعتباره إحدى أذرع تنظيم القاعدة، على أن تكون مهمته الأساسية استهداف الارتكازات الأمنية والمؤسسات المصرية ودور العبادة، وقيادات الدولة.
هؤلاء الإرهابيون، وغيرهم، لعبوا دورًا كبيرًا فى تصدير الإرهابيين من مصر إلى سوريا وليبيا والعكس. وسبق أن قلنا، وقت إلقاء القبض عليهم، فى أكتوبر الماضى، إن الأهم من سقوط إرهابيين، مهما كانت خطورتهم، ومهما كان عددهم، هو أن السيادة الليبية منتهكة، بسبب عدم وجود سلطة مركزية موحدة، وأوضحنا أن ذلك يتيح التدخل العسكرى الخارجى المباشر، أو عبر وسطاء ليبيين، ويتيح أيضًا استقرار فئات غير ليبية أو انتقال إرهابيين منها وإليها عبر الحدود الليبية غير المؤمنة، بشكل يشجع على تهريب البشر والنفط المخدرات... و.... و.... والسلاح.
مع التحركات المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، نجحت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (مصر، الإمارات، السعودية، والبحرين) فى قطع التمويل عن الجماعات المتطرفة، عقب مقاطعتها للدوحة التى موّلت وسلّحت الإرهابيين فى ليبيا، وفى غيرها. بالتزامن مع نجاح العمليات العسكرية التى قام (ويقوم) بها الجيش الليبى فى تجفيف منابع الإرهاب، قبل أن يبدأ فى 4 أبريل الماضى تطهير العاصمة طرابلس من الميليشيات والجماعات الإرهابية الداعمة لما يوصف بـ«المجلس الرئاسى الليبي»، أو «حكومة الوفاق» المزعومة، المدعومة من تركيا، إيران، وقطر. وبالتالى، وعلى أهمية الحل السياسى الذى دعمته مصر (ولا تزال تدعمه)، فإنك تكون واهمًا أو غائبًا عن الوعى لو تخيلت وجود أى حل مع التنظيمات الإرهابية إلا بالمواجهة العسكرية.
تكون واهمًا أو غائبًا عن الوعى أيضًا، لو تجاهلت أن كل القوى الداخلية المتصارعة، وتحديدًا التنظيمات الإرهابية، تدعمها دول، تكاد تكون معروفة بالاسم، ومعروف أن لها مصالح ومكاسب تتمسك بها، وستظل تدافع عنها. وكنا قد استبشرنا خيرًا بتعيين «غسان سلامة» مبعوثًا خاصًا للأمم المتحدة ورئيسًا لبعثتها فى ليبيا، ليس فقط لما لديه من خبرات كافية فى التعامل مع الشأن الليبى، بمشكلاته وتعقيداته. ولكن أيضًا لأن تعيينه تزامن مع بدء إجراءات تأديب «قطر» أو العائلة الضالة التى تحكمها بالوكالة. غير أن سلامة، ككل المبعوثين الأمميين، لم يكن أكثر من ريشة تحركها مصالح دول بعينها، وإلا ما تعامى عن الدعم التركى والإيرانى والقطرى للميليشيات الإرهابية الذى تزايد بشكل فج منذ بدأت عملية طرابلس. وعليه، استحق «سلامة» أن يقول له الليبيون، ونحن معهم، «مع السلامة»، كما أوضحنا منذ يومين.
الخلاصة، هى أن هشام عشماوى وغلمانه، الذين صاروا فى قبضتنا الآن، سيلحق بهم أسيادهم، أو من يستعملونهم، كبارًا كانوا أو صغارًا. وكما انهارت ميليشيات الإرهابيين أمام الجيش الوطنى الليبى، وهو يقوم بتحرير مدينة درنة من قبضتهم، ستنهار باقى الميليشيات أمام تقدمه فى طرابلس، وعشمنا كبير فى ألا تنتهى الحرب إلا بتحرير كل التراب الليبى.