رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نفرح ونقلق ونطمح يا هيئة الرقابة


لقد بات من المعلوم أن أهم مظاهر وأشكال الفساد قد تتمثل فى بعض العناوين التالية: السيطرة على المال العام، والتحكم به حسب الرغبات والمصالح الشخصية، واختلاس الدعم والتمويل الداخلى والخارجى، وتسييره للصالح الشخصى بدلًا من استثماره فى سبيل تطوير العمل والنهوض به فى القطاعات المختلفة، وأيضًا التهرب من دفع الضرائب، والتلاعب فى المستندات والوثائق والسندات والأوراق المختلفة، التى تثبت وجوب دفع مبالغ معينة مقابل القيام بالأعمال المختلفة للجهات الضريبية، وكمان اللعب فى تخصيص الأراضى بالطرق المختلفة.
علمونا منذ زمن بعيد أن أهم طرق محاربة الفساد هى تسهيل طرق العمل، زيادة معدلات الدوران الوظيفى، تحديد الرواتب المناسبة لكل فئة من الموظفين، وتطبيق معايير الحكم الرشيد والحوكمة، وتعزيز سبل المراقبة والإشراف، ووضع لجان لمحاربة الفساد، ووضع القوانين الرادعة لهذه التصرفات، وتفعيل تطبيقها فى المحاكم، ووضع الشخص المناسب فى المكان المناسب.. إلى غير ذلك من إجراءات إصلاحية.
ولا شك أن أولى خطوات الإصلاح وأشجعها وأصدقها هى أن نعترف بلا خجل أو عُقد بمواطن الضعف أو التقصير، وما زلت أكرّر عن اقتناع عميق أن مكافحة الفساد تمثل جزءًا لا يتجزأ من شرعية الحكم، وإذا كان صندوق الانتخابات هو شرط ابتداء لهذه الشرعية، فمكافحة الفساد شرط استمرار لها. الاختيار الشعبى شرط سياسى للشرعية، بينما النزاهة شرطها الأخلاقى.. وعليه توقفت عند أخبار إنجازات هيئة الرقابة الإدارية تحت العنوان التالى.. «104 قضايا فساد بقبضة الرقابة الإدارية فى 60 يومًا» خلال الفترة من مارس حتى أبريل 2019م، منها:
- ضبطت هيئة الرقابة الإدارية كُلًا من السيدة رئيس حى وسط الإسكندرية، وباحثة قانونية أخرى بديوان عام المحافظة؛ لقيامهما بطلب وتقاضى مبلغ 600 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تسهيل إجراءات هدم بعض العقارات بنطاق الحى بالمخالفة، وتقاعسهما عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال العقارات التى تم هدمها، وبعرضهما على النيابة المختصة قررت حبسهما.
- ضبطت الهيئة مدير عام المشتريات ومحاسبًا بذات الإدارة فى إحدى الشركات التابعة للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، وذلك فى أعقاب طلب وتقاضى مبالغ مالية على سبيل الرشوة «بلغت حوالى 2 مليون جنيه» من بعض الشركات الخاصة التى تعمل فى مجال إنتاج الذهب، مقابل تسهيل حصول الشركات على مناطق بحث واستكشاف بالمخالفة، وبعرضهما على النيابة المختصة قررت حبسهما.
- ضبط مهندس أول بإدارة حماية أملاك الدولة بديوان عام محافظة البحر الأحمر، وشخص آخر وسيط؛ لقيامهما بطلب وتقاضى 1٫5 مليون جنيه على سبيل الرشوة، مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يد إحدى الشركات على قطعة أرض مساحتها 48 فدانًا بمدينة الغردقة، وبعرضهما على النيابة المختصة قررت حبسهما.
- ضبطت الهيئة فى واقعتين مختلفتين 9 من أمناء العُهد بعدة أفرع مختلفة تابعة للشركة المصرية لتجارة الجملة؛ وذلك لقيامهم بالاستيلاء على سلع تموينية من عهدتهم وهم الأمناء عليها، وبيعها لحسابهم واختلاس قيمتها التى قدر إجماليها بحوالى 33 مليون جنيه، وبعرض المتهمين على النيابات المختلفة قررت حبسهم.
- ضبط كُلٍ من: صاحب شركة أدوات تجميل ومستلزمات طبية، وآخر محامٍ حر استخدما توكيلات مزورة منسوب صدورها لأحد مكاتب التوثيق بالشهر العقارى؛ ليتمكنا من خلالها وعن طريق الدفع الإلكترونى من مكتب بريد شبين الكوم الجديد بصرف مبلغ 420 ألف جنيه من قيمة حساب التعويضات المحول من الصندوق الحكومى لتغطية الأضرار الناتجة عن حوادث الطرق للمركبات.. وبعرض المتهمين على النيابة العامة قررت حبسهما على ذمة التحقيقات.
- ضبط مهندس زراعى بالإدارة العامة للمتابعة الميدانية والرقابة بوزارة الزراعة فى أعقاب قيامه بعرض 100 ألف جنيه على سبيل الرشوة على مدير عام الثروة الداجنة بالوزارة نفسها، مقابل الحصول على رخصة مزرعة باسم زوجته.. وبعرض المتهم على النيابة العامة قررت حبسه.
- ضبط مستأجر قاعة حفلات نادى غزل دمياط، فى أعقاب قيامه بعرض 50 ألف جنيه (على سبيل الرشوة) على محامٍ بإدارة الشئون القانونية لشركة دمياط للغزل والنسيج والمستشار القانونى للنادى؛ مقابل قيام الأخير بالتغاضى عن عرض رأيه القانونى المتضمن فسخ التعاقد المبرم مع المستأجر على مجلس إدارة الشركة لمخالفته الشروط.
- ضبط تشكيل عصابى مؤلف من 5 موظفين بالشركة المصرية لنقل الكهرباء بمنطقة القاهرة، لطلبهم مبالغ مالية على سبيل الرشوة من بعض العاملين المحالين للمعاش؛ مقابل التلاعب بالزيادة فى أرصدة إجازاتهم بما يُمكنهم من صرف مبالغ أكبر من المستحقة، وإنهاء إجراءات الصرف بالمخالفة للوائح والقرارات المنظمة.. وبعرضهم على النيابة المختصة قررت حبسهم.
- ضبط السيدة مدير مديرية الطرق والنقل بمحافظة كفر الشيخ وآخرين تحت رئاستها؛ لاعتياد حصولهم على مبالغ مالية على سبيل الرشوة من مسئولى إحدى الشركات الخاصة العاملة فى مجال الرصف والمقاولات؛ وذلك مقابل قيامهم بصرف المستخلصات المالية الخاصة بالعمليات التى نفذتها الشركة، والتغاضى عن أوجه التلاعب فى المواصفات بالطرق المنفذة «التى تشرف على تنفيذها المديرية».. وبعرضهم على النيابة المختصة قررت حبسهم.
إلى غير ذلك من عمليات لا تتسع مساحة المقال للإشارة إليها.. شكرًا لكل تلك الجهود الرائعة وغير المسبوقة يا هيئة الرقابة، ونأمل استمرارها وتعظيمها، ولكن ما زال ترتيبنا فى تقارير مكافحة الفساد العالمية أقل من طموحاتنا، رغم التحسن النسبى فى ترتيب وجودنا، ومطلوب مشروع قومى ضخم تتبناه الدولة لمكافحة الفساد.. لا بد من إعمال آليات النزاهة وتوفير تكافؤ الفرص وعدم التمييز بدعم تشريعى وعمل تنفيذى فى ظل نظام أخذ على عاتقه الإجهاز على منظومة الفساد التى تجذرت وتشعبت مخرجاتها فى أزمنة فوضى سياسة المقايضات و«سيب وأنا سيب».