"زيت فاسد".. مصانع تتلاعب في إنتاج زيوت الطعام
"نجوى"، 42 عاما، ربة منزل، اشترت كمية كبيرة من عبوات زيت الطعام، من إحدى المحال التجارية في منطقة الطالبية فيصل التابعة لمحافظة الجيزة، استعدادا لشهر رمضان كعادتها لتجهيز طعام الشهر دون الاحتياج للشراء كل يومين، لكنها لم تكن تعلم أن العبوات التي ابتاعتها جميعها مغشوشة حتى أصابها الطعام هي وأطفالها بالتسمم الحاد بعد تناولهم أول وجبة إفطار تم تحضيرها بهذا الزيت.
"أٌطفالي أصيبوا بالتهابات في المعدة وتعرض أحدهم للإغماء بعد تناول الفطار، وطبيب المستشفى أكد تعرضنا للتسمم بسبب تناول مواد غذائية ضارة"، وأفاد التقرير الطبي للسيدة بأنها أصيبت بالفشل الكبدي الحاد لمعاناتها من قبل مع مرض السكر، وتروي نجوى في حديثها لـ"الدستور" تفاصيل تلك الليلة المشؤومة على عائلتها قائلة "أول ما بدأت أكل حسيت بغثيان شديد وفضلت وقت كبير أعاني من الإسهال لحد ما كلمت والدي علشان يودينا المستشفى".
التحقيق التالي يكشف استخدام محال ومصانع زيوت طعام مواد ومذيبات كيميائية غير صحية، لإعادة تدويره بشكل سريع، ما يؤدي إلى إصابة من يتناوله بتسمم ونزلات معوية، في غياب رقابة وزارة التموين.
مضبوطات لأطنان من عبوات الزيت غير صالحة للاستهلاك
مضبوطات الزيوت الفاسدة التي يتم إعدامها يوميًا في مختلف المحافظات، أكبر دليل على انتشار تلك التجارة الفاسدة، منها ما ضبطه رجال مباحث التموين والتجارة الداخلية بمديرية أمن الإسكندرية من عبوات زيت طعام تحمل علامات تجارية وهمية غير صالحة للاستهلاك الآدمي، يستخدم أصحاب تلك المصانع مذيبات كيميائية في عملية إعادة تدوير الزيوت لبيعها من جديد في الأسواق المصرية.
ومن قبلها ضبطت مباحث التموين بمنطقة كرداسة في محافظة الجيزة 18 طنا من الزيوت مجهولة المصدر وغير صالحة للاستخدام.
وفي مدينة الإسكندرية تم ظبط 52 جركن زيت طعام تزن 936 كيلو جرام، وخزان بلاستيك سعة 1000 لتر، وأسطوانة غاز بوتاجاز وكمية من الاستيكرات المدون عليها البيانات التجارية الوهمية، بينما تم ضبط 17 طن زيت طعام فاسد داخل مصنع بمنطقة أبو النمرس قبل إعادة بيعه للمواطنين.
شقة صغيرة مكونة من غرفتين متهالكين تماما، في إحدى حواري منطقة فيصل التابعة لمحافظة الجيزة، أرضية المكان تملؤها جراكن بلاستكية بداخلها زيت أسود سئ المظهر ومشكوك في أمره لكنه يظهر بصورة طبيعية داخل العبوات البلاستيكية، وعلى الجانب الآخر من الغرفة يوجد العديد من مسطحات الحديد التي يتم تنقية الزيت الشاحب بها أولا ثم يضاف إليها مواد مجهولة المصدر حتى يتم تعبأتها بشكل منظم داخل العبوات البلاستيكية قبل توزيعها على أصحاب المحال التجارية.
"خالد"، شاب عشريني، يعمل بالمصنع منذ عدة شهور، يؤكد أن مهمته هي تصفية الزيت الأسود الشاحب في مسطحات حديدية لإزالة المخلفات التي تحتوي عليها ثم يضيف المذيبات الكيميائية عليه ليظهر بصورة طبيعية قبل تجميعه في العبوات البلاستيكية التي تحمل علامات تجارية وهمية، وعن المذيبات المضافة "الصابون والجلسرين هما أكتر مادتين بنستخدمهم لسرعة تفاعلهم مع الزيت وانجاز المهمة اليومية".
التموين: "نسعى إلى غلق جميع مصانع الزيوت المغشوشة"
الفترة الأخيرة شهدت جهدا كبيرا من قبل رجال وزارة التموين، بالتعاون مع أقسام الشرطة في مداهمة المصانع المزيفة وضبط كميات كبيرة من مصانع الزيوت الفاسدة الذي أُثبت ضرره على المستهلك بعد تحليله، هذا ما أكده المهندس "عبد المنعم خليل"، مدير عام المنتجات الحيوانية بوزارة التموين والتجارة الداخلية، وبتواصلنا معه أوضح عملهم المستمر في مداهمة تلك المصانع.