رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صيامك ليس جوعًا.. صيامك تقوى «2–2»


سأل عبدالله بن رواحة النبى صلى الله عليه وسلم فقال: «أوصنى» يا رسول الله.. فقال له: ياعبدالله «لا تـيـأس»، وإن أسأت تسعًا أن تُحسن واحدة فالحسنة بعشر أمثالها فيقبلك الله عز وجل. هناك قانون اسمه قانون الإزاحة.. كلما أكثرت من فعل الخير زال الشر، وهذا القانون له سند دينى قرآنى هو قول الله تعالى: «إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»، فالله لايطرد أحدًا من رحمته، فلا تيأس مهما أخطأت فى حياتك. تفاءل وتقدم نحو النجاح. ولم يأمر الله تعالى فى القرآن العبد المؤمن بالاستزادة من شىء إلا بالاستزادة من التقوى: «وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى»، والإنسان فى أسفاره يتزود بكل ما يضمن له الحفاظ على حياته، وبما يعينه على قطع المسافات الطويلة من دون أن يهلك، وحرى به أن يتزود للحياة الأبدية، التى لا فناء فيها.
والصيام يربى النفس الإنسانية على أن تترك بعض المباحات لساعات طويلة من اليوم، وليس ذلك إلا طاعة لله، وإذا كان المسلم يفعل ذلك استجابة لأمر الله تعالى، فإنه من باب أولى يترك المعصية التى تستوجب غضب الخالق فى كل وقت وحين.
ولو لم يكن للصوم ذلك التأثير على النفس، فيكسر جموحها ويحد من الشهوات لديها، لما أمر النبى صلى الله عليه وسلم الشباب غير القادر على الزواج أن يصوم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء»، أى وقاية.
وشهر رمضان يمثل للفرد المسلم فرصة ذهبية لأن يعيد حساباته مع نفسه فى كل شىء، فإن كان مقصرًا فى العبادات، عليه أن يستعين بالله قاطعًا على نفسه عهدًا أمامه، بأن يلتزم بكل أفعال الطاعات من غير تقاعس أو تقصير، وإن كان طائعًا غير مقصر زاد من وجوه الخير، وحفز نفسه على كل أعمال الطاعات التى تجعله إلى الله أقرب.
والنبى صلى الله عليه وسلم يحدد الهدف من مشروعية الصوم فى قوله: «مَن لم يدَعْ قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدَع طعامه وشرابه»، فلا ينطق الصائم إلا صدقًا، ولا يشهد إلا عدلًا، ولا يقول إلا ما يرضى ربه، وهذا فى حقيقته يندرج فى سياق الغاية الأساسية من الصوم وهو «التقوى». ورُوى عن جابر بن عبدالله- رضى الله عنهما- أنه قال: «إذا صُمتَ فليَصُم سمعُك وبصرك ولسانك عن الكذب والمَحارم، ودعْ أذى الخادِم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامِك، ولا تجعل يوم فطرك وصومك سواءً».