رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤسسة دولية: الاقتصاد المصري مستعد للانطلاق نحو مستويات أعلى من النمو

جريدة الدستور

‎أكدت مؤسسة (Business & Investment) أن الاقتصاد المصري انتعش مجددا بعد بضع سنوات من عدم الاستقرار، وهي الأعوام التي تلت أحداث "الربيع العربي" في عام 2011، مشيرة إلى أن الاقتصاد المصري أصبح جاهزا ومستعدا للانطلاق نحو مستويات أعلى من النمو.

جاء ذلك خلال مقابلة أجرتها مؤسسة (Business & Investment) مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، تحت عنوان (الإصلاحات الاقتصادية الجريئة تؤتي عوائد كبيرة)، وذلك في ملحق عن الاقتصاد المصرى نشر بصحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية واسعة الانتشار بعددها الصادر مؤخرا.

وقالت المؤسسة "إن الحكومة المصرية نفذت إصلاحات ورسمت الخطط التي ستسمح في نهاية المطاف للقطاع الخاص بتولي مسئولية القيادة نحو تحقيق نمو مستدام وشامل، موضحة أن الدولة المصرية، الواقعة ضمن حدود الشمال الأفريقي والمستقرة سياسيا واقتصاديا، تمضي قدما متسلحة بخطة إصلاح ورؤية مستقبلية، حفزت مشروعات تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات في شتى المجالات من بناء المدن الجديدة إلى تنمية المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، والتي ستحدث طفرة في المنطقة، واستطاعت بالفعل اجتذاب بعض من أكبر الشركات في العالم".

وأضافت "أن المصريين منحوا ثقتهم مجددا للرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما أعطوه أصواتهم خلال الانتخابات الرئاسية التي انعقدت في أبريل الماضي، وهو ما مكّن الرئيس السيسي من مواصلة برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، والذي وضع الاقتصاد المصري على طريق الانتعاش، وأسس لنمو قوي ومستدام من شأنه تحسين مستويات المعيشة لجميع المصريين".

وتوقعت المؤسسة أن ينمو الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بشكل ملحوظ خلال السنوات المقبلة مع الإصلاحات الاقتصادية والانتعاش الذي يغري العديد من المستثمرين الأجانب للاستثمار في الاقتصاد المصري المتنوع والديناميكي.

ولفتت إلى أنه في ذروة الأزمة الاقتصادية التي واجهتها مصر خلال العام (2013 - 2014)، كان معدل النمو يبلغ أقل من 3%، وانخفضت الاحتياطيات الأجنبية إلى ما يقل عن 15 مليار دولار، وارتفعت البطالة لأكثر من 14%، ولكن منذ نوفمبر 2016 وبمساعدة قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، اتخذت مصر إجراءات جريئة تمثلت في تخفيض قيمة عملتها، وإزالة القيود المفروضة على تحويلات العملات الأجنبية بها، ورفع القيود على العملة الصعبة للمستوردين، وخفض دعم الوقود، وهو ما أثمر بالفعل عن نتائج إيجابية.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي، خلال المقابلة، "كان من الممكن أن يتجه هذا البلد إلى كارثة إذا لم نقم بإجراء تلك الإصلاحات الاقتصادية الجريئة.. وإذا نظرنا إلى الأرقام اليوم، في الربع الأخير، نجد البطالة تنخفض إلى 8.9% بعد أن كانت تدور حول 14%، وتجاوزت احتياطيات العملات الأجنبية للبلاد 44 مليار دولار أمريكي".

وأضاف "أنه بالنسبة للنمو الاقتصادي خلال العام الجاري، فإن الحكومة تستهدف تحقيق معدل نمو بمقدار 5.6%.. وسنعمل جاهدين خلال العام المقبل للوصول إلى معدل نمو نسبته 6%، وهو ما يعد إنجازا مٌبهرا حقا".

وأشار مدبولي إلى تقارير المؤسسات الدولية التي تُظهر أن مصر كانت من بين الدول الخمس الأكثر نموًا في العالم، مؤكدًا أنه فيما يتعلق بالاقتصاد، تسير الأمور بشكل جيد وأن الحكومة تعتزم مواصلة البناء على ما حققه برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال السنوات المقبلة، موضحا أنه عندما شرعت الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، طلب الرئيس السيسي من الشعب المصري التحلي بالصبر، لأن هذه الإجراءات الصعبة من المنتظر أن تستغرق بعض الوقت قبل أن يظهر أثرها الإيجابي.

ونوه إلى أنه بفضل برنامج حماية اجتماعية متنوع وقوي تم تدشينه ليسير جنبًا إلى جنب مع أجندة الإصلاح الاقتصادية، فإن المصريين الآن، خاصة من الشرائح الأقل دخلًا في صعيد مصر، بدأت تشعر بأثر هذه البرامج الاجتماعية.

وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الوزراء أنه نتيجة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وبرنامج الحماية الاجتماعية، والذي يشمل توفير الأغذية بأسعار مدعومة، وبرنامج (تكافل وكرامة) للمساعدات المالية، وبرنامج الإسكان الاجتماعي الذي يستهدف 200 ألف أسرة مصرية سنويًا، فقد انخفض معدل الفقر في صعيد مصر لأول مرة، مشددا على أن هذه المبادرات والبرامج الاجتماعية تمضي قدما.

ولفت إلى أن هدف الحكومة الآن هو التركيز على ثروة مصر من الموارد البشرية، قائلا "لدينا أكثر من 65% من السكان من الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما، وهذا يعد مصدر قوة وتحدٍ في ذات الوقت".. وأضاف "الشيء الأكثر أهمية إذا كنت ترغب في تقديم مساهمات إيجابية حقيقية لتطوير الثروة البشرية هو التركيز على قضايا الصحة والتعليم، ومن أبرز المبادرات الي تركز عليها الحكومة في القطاع الصحي هو برنامج القضاء على إلتهاب الكبد الوبائي (فيروس سي) في مصر، فمصر واحدة من أعلى البلدان من حيث معدل الإصابة بهذا المرض في العالم، ويهدف البرنامج إلى فحص 60 مليون مصري وعلاج المصابين به بالمجان".

ونوه رئيس الوزراء، خلال المقابلة، بجهود تعزيز دور النساء والشباب في الحكومة ومجال الاقتصاد والأعمال واعتبرها من الانجازات المجتمعية المهمة، إذ أنه ولأول مرة في تاريخ مصر، يشغل النساء 8 مناصب وزارية، أي ربع التشكيل الحكومي، فضلا عن أن مشاركة السيدات في الأنشطة الاقتصادية التجارية آخذة في التزايد، مضيفا "هناك توجه واضح في زيادة الاعتماد على النساء والشباب، لأننا نعتقد أن لديهم إسهامات مهمة في هذا البلد".

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى حرص الحكومة على خلق بيئة مواتية للاستثمار من خلال الاستمرار في تنفيذ أجندة الإصلاح الاقتصادي، وكذا تنفيذ تدابير لجعل البلاد أكثر ملاءمة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في نمو الاقتصاد الوطني.
وأوضح أن السنة المالية (2017 - 2018) شهدت ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 14.5% ليصل إلي 7.9 مليار دولار مقارنة بالعام السابق، مُبينا أن الحكومة تستهدف الوصول خلال السنة المالية (2018 - 2019) إلي 11 مليار دولار.

وفي ذات السياق، لفت مدبولي إلى أنه سيتعين على مصر تأمين مستويات أعلى بكثير من الاستثمار الأجنبي خلال السنوات القادمة، وذلك لضمان نجاح إستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، واستكمال عدد كبير من المشروعات الضخمة المخطط لها، خاصة وأن ذلك يتطلب اقتصادا تنافسيا ومتوازنا ومتنوعا يعتمد على الابتكار والمعرفة.

وقال "إن الإجراءات، التي اتخذتها الحكومة مثل قانون الاستثمار الجديد والتوجه الحكومي للقضاء على البيروقراطية والحوافز المالية التي يتم تقديمها، وإن كانت ضرورية لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب، فإن من المهم أيضًا إصلاح طرق التفكير المتأصلة لدى موظفي الحكومة في الدرجات الوظيفية الأقل، وهي التي لا تزال تعمل بالطرق التقليدية".. مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن بعض الموظفين من هذه الشريحة لا يزالون متمسكين بطرق العمل القديمة، ودائمًا ما ينظرون إلى أية إجراءات جديدة بنظرة شك وخوف من تنفيذ هذه الإجراءات على أرض الواقع.

وأضاف "هدفنا في الفترة المقبلة كحكومة هو فتح المزيد من الأبواب، وجعل المناخ أكثر ملاءمة ومرونة للقطاع الخاص، لتوفير الظروف المواتية لقيام القطاع الخاص بدوره المنشود في المساهمة في نمو الاقتصاد الوطني".

كما نوه بأن الحكومة ساعدت على مدار السنوات الأربع الماضية في توجيه البلاد نحو الوجهة الصواب من خلال ما تم تنفيذه من إصلاحات وخطط للنهوض بالبنية التحتية وغيرها من المشاريع التنموية التي ستسمح في نهاية المطاف للقطاع الخاص بتولي مسئولية القيادة نحو تحقيق رؤية مصر 2030 وما بعدها، بالإضافة إلى الجهود التي قامت بها الحكومة لدعم ومساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرة البنك المركزي في هذا الشأن، حيث تأمل الحكومة في رفع نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج القومي الإجمالي إلى 25%.

وتابع رئيس مجلس الوزراء "أهم شيء في الوقت الحالي هو تنفيذ مبادرات جديدة لدعم التصدير ودفع مساهمة القطاع الخاص في تحسين الميزان التجاري للبلاد، موضحًا أننا نعمل بجدية مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي لإزالة أية مشكلات تواجه المستثمرين المحليين أو الأجانب".

وأكد أن الحكومة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حرصت علي إطلاق آلاف المشاريع بتكلفة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، كجزء من خطة التعافي الاقتصادي لإصلاح البنية التحتية، لافتا إلى أنه خلافًا للمشكلات المالية قصيرة الأجل، فإن ضعف البنية التحتية هي قضية تعود لعقود مضت ومن ثم تحتاج جهدًا مٌضاعفًا لمعالجتها.

وسلط رئيس الوزراء الضوء على بعض المشروعات البارزة التي تم إطلاقها في ظل توجيهات الرئيس السيسي، والتي تشمل مشروع قناة السويس الجديدة، وإنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي تبلغ مساحتها 285 ميلا مربعا، والمقرر أن تصبح مركزا للوجستيات والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبتروكيماويات ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشاريع الطرق القومية ومشروع إقامة مطارين دوليين جديدين ومشروع تحديث وتوسيع الموانئ على طول المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالإضافة إلى العديد من مشروعات الطاقة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، بما في ذلك أكبر مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم في بنبان بأسوان.. مشيرا إلى أن هناك عددا قليلا جدا من البلدان في العالم تشهد تطورا كبيرا بهذا الحجم.

وقال "إنه وفقا للتقديرات، فقد نجحت تلك المشروعات العملاقة في توفير حوالي 4 ملايين فرصة عمل جديدة، وقمنا بتحسين البنية التحتية والطرق والمياه والصرف الصحي والغاز والكهرباء بشكل كبير وملحوظ، كما نجحنا في تقليل الفجوة بين العرض والطلب في مجال الإسكان والخدمات الأخرى، كما نجحت الحكومة في تعزيز التوسع الأفقي على الأراضي الصحراوية".

وأعرب عن سعادته بتحقيق تلك المشروعات الضخمة لأهدافها، وهو ما كان يعد تحديا آخر واجهته مصر في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، مضيفا أنه أصبح لدينا الآن قاعدة جيدة وتسهيلات تسمح للقطاع الخاص بالمساهمة بشكل أفضل لتعزيز معدلات النمو الاقتصادي.. وفي اعتقادنا، بدون هذه الأنواع من برامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والخطوات الجادة التي نفذتها مصر، لم يكن بالإمكان أن تقوم للاقتصاد المصري قائمة.