رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب العقول


تمر جماعة الإخوان الإرهابية والدول المساندة لها، وكذلك الأجهزة الاستخباراتية التى تقوم بمعاونتها، بأزمة فى تحقيق ما تسعى إليه تلك الجماعة من إحداث توترات وقلاقل داخل البلاد من خلال العمليات الإرهابية، وتأليب الرأى العام العالمى ضد السياسة التى تنتجها الدولة حاليًا، سعيًا إلى العودة مرة أخرى لحكم البلاد من خلال تلك العمليات والمحاولات التى باءت بالفشل بشكل عام، خاصة على ضوء الضربات الاستباقية التى توجه إلى كوادرها حاليًا فى مختلف محافظات الجمهورية، سواء من خلال القوات المسلحة أو الشرطة، حيث نرى ونسمع كل يوم عن القضاء على خلية إرهابية أو القبض على عدد من الكوادر التى تنتمى لتلك الجماعة أو الكيانات الإرهابية المدعومة منها.
تمر تلك الجماعة حاليًا بأسوأ فتراتها، حيث وصلت إلى مرحلة كبيرة من الضعف والتشتت والانقسامات الداخلية داخل الجماعة سواء بين القيادات وبعضها أو فيما بين هؤلاء القيادات والقواعد الشبابية الذين يأتمرون بأمرهم بعدما اكتشفت هذه القواعد تلك الأكاذيب التى يحاول القيادات إقناعها بها، ليقوم شباب الجماعة وغيرهم من العناصر الشبابية التكفيرية، بتقديم حياتهم ثمنًا لأطماع قياداتهم الذين ينعمون بالحياة الرغدة فى قطر وتركيا وإنجلترا، وما عرفناه مؤخرًا أيضًا من وجود العديد منهم فى ماليزيا وتايلاند، والذين لم يتحركوا لإنقاذ كوادرهم الشبابية من الترحيل إلى مصر، وهو ما حدث للإرهابى الإخوانى محمد عبدالحفيظ الذى تم ترحيله من تركيا والعناصر الأربعة الذين جارٍ ترحيلهم من ماليزيا وهم: الإرهابى محمد عبدالعزيز فتحى وعبدالله محمد هشام وعبدالرحمن عبدالعزيز أحمد مصطفى وعزمى السيد محمد إبراهيم، حيث جاء خبر القبض على هؤلاء الأربعة صادمًا لشباب الجماعة الموجودين فى تركيا وقطر، محاولين مخاطبة أكثر من مركز حقوقى لوقف ترحيلهم إلى مصر، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل وعندما لجأوا إلى قياداتهم فى تركيا، رفض هؤلاء التدخل خوفًا على وضعهم هم أنفسهم، حيث إن معظم هؤلاء قد انتهت صلاحية جوازات سفرهم، وأصبحت إقامتهم فى تركيا والدول الأخرى بشكل غير قانونى، وباتت إقامتهم هناك تتم تحت بند «إقامة إنسانية» لرفض تلك الدول بما فيها تركيا منحهم حق اللجوء السياسى.
من ناحية أخرى فقد خرجت من قلب الجماعة اعترافات عديدة تفضح قنواتهم الإعلامية، وتكشف حجم الزيف والخداع الذى تمارسه الجماعة، حيث تناوب العاملون بتلك القنوات، الهجوم على بعضهم البعض، حيث وجدنا الهارب الإخوانى عمرو عبدالهادى يهاجم قناة الشرق المملوكة للهارب أيمن نور الذى يقوم ببث فيديوهات مضللة عبر تلك القناة الهدف منها زيادة نسبة المشاهدة وخداع هؤلاء المشاهدين.فى حين يسخر الإخوانى الهارب أحمد المغير، من الإعلامى الهارب معتز مطر، وينتقده بشدة على أسلوبه المسرحى فى برنامجه اليومى.
من ناحية أخرى فها هو الإخوانى الهارب ماجد عبدالله، يطلب من قيادات الإخوان فى تركيا تشكيل لجنة لإغاثة الإخوان الذين بلغ عددهم هناك حاليًا ما يقرب من عشرة آلاف إخوانى انتهت إقامة بعضهم فى الخارج، وذلك للتنسيق مع سلطات الدول التى تؤويهم، لعدم ترحيلهم إلى مصر وعدم التخلى عنهم مثلما حدث للعناصر المشار إليها. يأتى كل هذا فى الوقت الذى فشل فيه التنظيم الدولى للجماعة فى تنظيم وقفة احتجاجية أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى جنيف، فى محاولة لتشويه الأوضاع فى مصر، والمطالبة بعودة المعزول محمد مرسى. ولم يستجب لتلك الدعوة أحد بالرغم من الإعلان عن أن أى مشارك سوف يحصل على مبلغ ألفى فرنك سويسرى. وحفاظًا لماء الوجه لجأت الجماعة إلى بعض الإيرانيين والأفارقة المهاجرين إلى سويسرا مقابل مبالغ مالية كبيرة حتى لا تهتز ثقة كوادر الإخوان فى الخارج حول قياداتهم فى التنظيم الدولى.
وهناك العديد من المعطيات داخل الجماعة ذاتها تؤكد وجود انقسامات بين قياداتهم وقواعدهم، وكذلك العديد من المواقف الدولية السلبية تجاه تنظيم الإخوان، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن الجماعة بالفعل باتت حيوانًا مفترسًا بلا أنياب يحاول أن يتحرك هنا وهناك ليثبت لعناصره والدول التى تدعمه أنه ما زال موجودًا على قيد الحياة، ليستطيع أن يستكمل دوره الإرهابى والتخريبى ضد مصر. ومن هنا جاءت فكرة «حرب العقول» والتى بدأ التنظيم فيها يستخدم جميع عناصره التى تجيد بث الشائعات والفتن وفبركة الأحداث والوقائع، كما تم ضخ مبالغ مالية هائلة لتوسيع دائرة المواقع الإلكترونية، والتى بلغ عددها ما يقرب من ١٣٤ ألف موقع تبث سمومها داخل عقول وأذهان شبابنا الذين أصبحت مواقع الفيسبوك بالنسبة لهم أهم من الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة أو حتى المسجد. بل أصبحنا جميعًا مدمنى فيسبوك، وهو الأمر الذى لعبت الجماعة الإرهابية على أوتاره وملأت فراغ السوشيال ميديا به، بالإضافة بالطبع إلى مواقع تويتر ويوتيوب وإنستجرام، وبدأت من خلالها تتقيأ مواد الكذب والغش والخداع على عقول البسطاء ومحدودى المعرفة، والذين لا يحاولون البحث والتدقيق فى صدق ما يتردد من تلك الأكاذيب، حيث استباحت تلك الجماعة لنفسها الحق فى فوضى الادعاءات وتشويه الحقائق والإنجازات، وتراجعت للأسف قيم الصدق والحق- هذا إذا كانوا يعرفون معنى تلك القيم أساسًا- وباتت تصدر لنا رسائل العبث والقبح والتشكيك فى محاولات لزرع القلق والإحباط واليأس فى نفوسنا.
هذا هو ما تحاول الجماعة وأبواقها أن تقوم به حاليًا، بعدما ظهرت فى الأفق بوادر انحسار قوتهم وشوكتهم، بل خروج العديد من الشباب المغيب، والذى اكتشف مؤخرًا زيف ادعاءاتهم من دائرة سيطرتهم وسطوتهم عليه، كما بدأ قادتهم يرتجفون فى أراضى المنفى التى يتواجدون بها، وكل منهم يبحث عن نفسه وأمنه وسلامته دون أن يهتم بمن آمن به وبدعوته المغلوطة الكاذبة.
لقد تجبرت أدوات السوشيال ميديا، وصارت سلاحًا موجهًا إلى عقولنا جميعًا بل صارت تهدد أمن واستقرار المجتمع ونشر الارتباك بين الناس، كما أنها أصبحت إحدى وسائل تجنيد الشباب بالانضمام إلى صفوف التنظيمات الإرهابية، حيث تقوم من خلال مواقع إلكترونية معينة بإرسال مبالغ مالية من الخارج إلى حساباتهم فى البنوك المصرية أو لبعض الشركات التى ما زال الإخوان يسيطرون عليها داخل البلاد. ولو كان ذلك بشكل غير مباشر لمساعدتهم فى شراء المواد التى تستخدم لتصنيع المتفجرات والقنابل لاستخدامها فى عملياتهم الإرهابية. وبطبيعة الحال يساعدهم فى ذلك، تلك الحالة من النهم والشراهة لدى الشباب فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى بلا ضابط ولا رابط. فقد أصبح فيها كل شىء مباحًا وكل شىء متاحًا.
وهنا أجدنى أدعو كل الأجهزة المعلوماتية والأمنية التى لها علاقة بوسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، أن تضع لنا التصور المناسب لمواجهة تلك الموجات العاتية الوافدة إلينا من ذلك الحيوان الجريح، والذى أصبح يعانى من مخاطر الشيخوخة وضعف السيطرة على أدواته التى كان يجيد توجيهها والسيطرة والتأثير عليها للانضمام إلى تلك المجموعات الإرهابية أو إلى الجناح العسكرى لحركة الإخوان «حسم»، فاتجه إلى شيطنة السوشيال ميديا، والتوسع فى المواقع الإلكترونية لنرى برامج موجهة بأساليب مختلفة، الهدف منها كما ذكرنا زرع الإحباط فى نفوسنا والتشكيك فى النجاحات التى تحققت وتتحقق على أرض الواقع، حيث انتشرت برامج ساخرة مثل «جو شو» و«دحيح» و«فوق السلطة» وغيرها من البرامج بالإضافة لقنوات الشرق ومكملين ووطن. وكل هذه البرامج والقنوات تم تجنيدها بالكامل للنيل من مصرنا الغالية من خلال عناصر باعت نفسها وضميرها بل شرفها مقابل أن تعيش فى حماية أنظمة معادية للوطن، وتسعى للنيل منه بأى وسيلة وأى أسلوب خاصة بعد الفشل المتوالى والمتواصل الذى تعانى منه تلك الجماعة حاليًا، والتى أصبحت بلا حول ولا قوة. وأعتقد أن خروج شبابها من تحت عباءتها سوف يستمر ويتواصل بشكل أسرع خلال الفترة القادمة، بعدما اكتشف حقيقتها وانسلاخها عنه بحثًا عن مصالحهم وأمانيهم الشخصية، بغض النظر عن مصالح التابعين لهم أو حمايتهم، بل إنهم أصبحوا لا يتورعون فى تسليم بعض عناصرهم إذا استشعروا أنهم قد يكونون عبئًا عليهم، ويتنصلون منهم مثلما حدث مع الإخوانى الشاب محمد عبدالحفيظ الذى تم ترحيله من تركيا إلى القاهرة منذ عدة أيام.
إننى أدعو شباب الإخوان إلى مراجعة أنفسهم والعودة إلى صوابهم، بعدما اكتشفوا حقيقة قياداتهم الذين ينعمون بالرفاهية والأمان فى تلك الدول التى تؤويهم وتغدق عليهم، بينما يتركون هؤلاء الشباب يواجهون الموت أو السجن.
كما أدعو شبابنا إلى ضرورة توخى الحيطة والحذر فى تعاملهم مع السوشيال ميديا، وأن تكون لديهم الحنكة والوعى الكافى لاكتشاف زيف الادعاءات والأكاذيب والشائعات التى تحاول جماعة الشيطان ترويجها عبر تلك الوسائل الإلكترونية.
إنها حرب من نوع جديد يحاول فيه أهل الشر السيطرة على عقولنا، ولكن هيهات أن يتحقق ذلك بإذن الله، طالما تمسكنا بولائنا وانتمائنا للوطن الذى يحتاج أن ندافع عنه ونحميه من تلك المحاولات الفاشلة، ويقينى أن شعبنا وشبابنا قد اكتشف حقيقة ما يحاك حولنا من دسائس ومؤامرات تهدف إلى إسقاط مصرنا الغالية، والتى قال عنها المولى سبحانه وتعالى «ادخلوها بسلام آمنين».
سوف تبقى مصر بلد الأمن والأمان والاستقرار بفضل الله عز وجل، وبوعى شبابها وإخلاص قائدها.
وتحيا مصر.