رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الملافظ سعد.. يا بنت الباشمهندس


يقول المثل المصرى «الملافظ سعد»، وهو مثل جميل عميق المعنى يشير ليس فقط إلى القدرة على التعبير، بل إلى أهمية التسامح والتعامل مع الحياة من جوانبها الأجمل. ولا أظن أن هناك ثقافة عربية أو أجنبية تخلو من نظير لتلك الحكمة.
لكن يبدو أن دينا أنور، التى توقع ما تكتبه باسم «الدكتورة بنت الباشمهندس» لم تسمع عن هذا المثل، مكتفية بأنها الدكتورة بنت المهندس، مع مثل هذه الألقاب لا تكسب حاملها أى شىء، فنحن نعرف طه حسين ولا نقول إنه دكتور، وكذلك يوسف إدريس، لأن الإنسان بعمله وليس بلقبه.
فإذا ما نظرنا فى إبداعات الست المذكورة سنجد كتابًا تافهًا بعنوان «خالعات الحجاب والنقاب»، تردد فيه أن مشكلة المجتمع المصرى كله والمرأة هى الحجاب. نعم. الحجاب وليس التعليم أو ضرورة التوزيع العادل للدخل أو التغلب على التخلف أو التصنيع أو الأمية، كلا، بخلع الحجاب نقفز إلى التطور! وكما يركز الإخوان المسلمون على الحجاب، يركز الباحثون عن دور ووجاهة على نزع الحجاب، وفى الحالتين يرى الطرفان أن الحجاب طريق وحيد للإصلاح عند الإخوان أو التخلف عند دعاة التنوير! وجهان لعملة واحدة.
الست الدكتورة هى أيضا صاحبة المبادرة الثورية «إلبسى فستانك»! ومع دعوتها لتحرير المرأة فإنها تقدم نفسها على صفحات التواصل بصفتها «أنثى متفجرة»! أى كومة لحم أبيض.
ولم أكن لأكتب عن الست الدكتورة، فمثيلاتها كثيرات، لولا ما كتبته هى مؤخرا بشأن حريق محطة مصر. وبينما أثارت الحادثة حزنًا عميقًا فى مصر كلها، وتعددت الآراء بشأنها، فإن «بنت الباشمهندس» لم تجد ما تقوله عن ضحايا الحريق سوى أن الفقراء «كثير منهم بلطجية وتجار حشيش ومخدرات ومتسولون يخطفون الأطفال ومهما ساعدناهم بالمال لن نقوم انحرافهم السلوكى»، ثم أضافت: «أن الأغنياء الوطنيين أكثر شرفا من الفقراء الذين يكرهون الوطن ويتعاونون مع الإرهاب».
وقد يحتاج الأمر أن أذكر الست الصيدلانية وليست دكتورة، بأن معظم من خرج للإطاحة بالإخوان فى ٣٠ يونيو كانوا من الفقراء الذين تقول إن كثيرا منهم بلطجية، وإن الذين افتدوا مصر فى حروبها كلها أعوام ٥٦، و٦٧، و٧٣، كانوا من أبناء الفلاحين والصنايعية الفقراء، وأن من تسميهم الدكتورة «متسولين وتجار حشيش» هم الذين سدوا ثغرات المدفعية الإسرائيلية بأجسامهم ليعبر الجيش المصرى إلى الضفة الأخرى من القناة فى حرب أكتوبر ٧٣، وأن الذى تقدم وجازف بنفسه فى سبيل إنقاذ المحترقين فى محطة القطارات كان «وليد مرضى» العامل الفقير فى قطارات النوم، ولم تكن «الدكتورة بنت الباشمهندس» صاحبة مبادرة «إلبسى فستانك» هى من خاض فى النار لأجل الآخرين، ولا أى دكتورة أخرى. بكلامها ذلك استفزت «بنت الباشمهندس» الجميع، ثم واصلت كتابة ما تكتبه فى دقيقة تنشغل بعدها بالإعلان عن بشرتها البيضاء فى أوضاع مختلفة بعشرات الصور.
استفزت الجميع لأنها لحظة الألم العام بدلا من المواساة، راحت تسب الناس الذين يقوم كل شىء على عملهم وعرقهم. وقد كثرت تلك النماذج من الباحثات عن مساحة تحت الضوء بأى ثمن، إما بالتهجم على الأديان، بدعوى الحرية، أو ابتسار كل مشاكل مصر فى الحجاب، أو بتشويه تاريخ الشعب ورموز كفاحه.
لذا فإنها تكتب على صفحتها بالنص: «فلتذهب تقاليدكم وأعرافكم وعاداتكم ومواريثكم إلى الجحيم»! والدكتورة لا تكتفى بتشويه قضية تحرر المرأة باختصار القضية فى الحجاب، بل تمضى لتحقير الشعب المصرى لأنه فقير، مع أن غالبية عظماء مصر مثل رفاعة الطهطاوى وعبدالله النديم وطه حسين وغيرهم من أبناء القرى الفقيرة.
وقد أهان الكثيرات الشعب المصرى من قبل، وبلغ ذلك حد أن إحداهن كتبت مرة: «من أين يأتى الشعب الحالى الذى همه على بطنه؟»، بل صرح الكاتب مكرم محمد أحمد ذات مرة بأنه من الممكن: «تدليع الشعب.. لما يستحق الدلع» كأن الشعب قطة سيامى صغيرة أو كلب لولو لطيف! ومع ذلك فإن أحدًا لم يجرؤ قط أن يوجه مثل تلك الكلمات إلى الناس وهم فى غمرة الحزن والألم، لم يجرؤ على ذلك سوى الست الدكتورة بنت..!، وقد اعتبر أحد رجال القانون أن ما كتبته الست دينا أنور يشكل جريمة جنائية تتمثل فى احتقار طبقة من طبقات الشعب المصرى وتسويد طبقة اجتماعية على باقى الطبقات، وهى جريمة منصوص عليها فى المادة ٩٨ فقرة «ب» من قانون العقوبات. ليت الست الدكتورة تشغل نفسها بالقراءة ولو قليلًا فى وقت فراغها ما بين كل عشر صور والعشر صور التاليات التى تبرز لنا فيها الأنوثة المتفجرة.