رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الداخلية فى عهدها الجديد


أعتقد أن وزارة الداخلية تشهد حاليًا فترة من أفضل الفترات التى مرت بالوطن منذ أحداث يناير ٢٠١١، خاصة أن اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، قد نجح فى اختيار مساعديه بالشكل الذى استطاع من خلاله أن يحقق رؤيته الاستراتيجية فى قيادة الوزارة.
هؤلاء بدورهم كان لهم دور فعال فى إعادة الثقة لدى جميع رجال الشرطة كل فى موقعه واختصاصه، بما فيها أجهزة المعلومات التى تعتمد فى المقام الأول على الخبرات التراكمية، ثم معاونة المواطنين الشرفاء الذين يريدون لوطنهم الخير والسلام، فيقومون بالإبلاغ عن أى معلومات أو معاونة تلك الأجهزة لإجهاض أى عمليات إرهابية أو جنائية، سواء قبل وقوعها، كما حدث من ذلك الشيخ الجليل الذى أبلغ بوجود أجسام غريبة أعلى المسجد الذى يعمل به، وهو ما ترتب عليه إنقاذ المنطقة كلها من كارثة كادت تودى بحياة العشرات من المترددين على المسجد أو على كنيسة أبى سيفين المجاورة له، خاصة أن اليوم كان سوف يشهد الاحتفال بعيد الميلاد المجيد واستشهد يومها الرائد مصطفى عبيد، مضحيًا بحياته لإنقاذ المنطقة بأكملها.. أو بعد وقوع تلك الجرائم وذلك بالإرشاد عن مرتكبيها، الأمر الذى يترتب عليه سرعة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، وتفويت الفرصة على مروجى الشائعات لإحداث فتنة أو وقيعة بين الأهالى وبعضهم أو بينهم وأجهزة الأمن.
من ناحية أخرى فإن نجاح وزير الداخلية فى إدارة المنظومة الأمنية حاليًا، أدى إلى تحجيم العمليات الإرهابية إلى حد كبير، نتيجة الضربات الاستباقية المؤثرة التى قلصت إمكانيات الجماعات التكفيرية عددًا وعتادًا ما جعلهم يلجأون إلى استخدام تلك الوسائل الخسيسة الجبانة المتمثلة فى العبوات الناسفة، غير عابئين بالضحايا الذين سوف يسقطون شهداء نتيجة ذلك ولعلنا لاحظنا فى احتفالية عيد الشرطة هذا العام قلة عدد أسر الشهداء الذين تم تكريمهم، وذلك نتيجة إحكام السيطرة الأمنية لرجال الشرطة والجيش على مسرح العمليات فى صحراء سيناء، برغم صعوبة الأجواء المناخية والظروف الحياتية التى يعيش فيها هؤلاء الأبطال.
وعلى صعيد آخر فلم تعد مواجهة الإرهاب فقط، الشغل الشاغل لرجال الشرطة، بل إن مواجهة محاولات إدخال كميات كبيرة من المخدرات التى تستهدف شباب الوطن حتى وصل عدد الأقراص المخدرة التى تم ضبطها خلال الأشهر الماضية إلى نحو خمسة ملايين قرص، ناهيك عن مخدرى الحشيش والبانجو اللذين تحاول بعض الدول الإقليمية المجاورة تهريبهما إلى داخل البلاد.
كذلك الحال فيما يتعلق بجرائم القتل الغريبة على مجتمعنا، حيث رأينا الزوجة تقتل زوجها، والزوج يقتل أبناءه، والأبناء يقتلون الآباء، وغيرها من الجرائم التى كانت تستلزم سرعة ضبطها لوأد أى فتنة قد تحدث بين أهل القاتل والقتيل أو حتى على مستوى القرية والمدينة بأكملها.. ولكى تكتمل المنظومة فها هو الرئيس قد قام بتشكيل اللجنة العليا لمكافحة الأحداث الطائفية برئاسة مستشار الرئيس لمكافحة الإرهاب والتطرف، حيث جاء ذلك استكمالًا لتضييق حلقات أعمال العنف أو التطرف والفتنة الطائفية التى تستهدف الوقيعة بين عنصرى الدولة المصرية.
وإذا نظرنا لقطاعات أخرى فى الداخلية كالأمن المركزى والمرور والحماية المدنية، سوف نجد أن هناك تجهيزات وتدريبات على أعلى مستوى، مستخدمين فيها أحدث وسائل المواجهة والتدريب، حتى وصل الأمر إلى تدريب طلبة كلية الشرطة ذاتهم فى السنتين الثالثة والرابعة على التخصصات التى يرغبون فى العمل بها بعد تخرجهم، بحيث يسهل توظيفهم وتعاملهم مباشرة فى تلك القطاعات التى يتم توزيعهم بها.
ويبقى الاهتمام بهؤلاء الرجال الذين أوفوا العطاء لوطنهم إلى أن تم بلوغهم سن التقاعد، حيث لم يغفل الوزير عن الاهتمام بهم والاعتراف بجميلهم، فأعلن عن العديد من المميزات الجديدة التى لم تكن ممنوحة لهم بل استعان بالبعض منهم للاستفادة من خبراتهم فى مجال تخصصاتهم السابقة، وأعاد البعض منهم للعمل مرة أخرى إذا لم يكن قد تجاوز سن التقاعد القانونية، الأمر الذى جعل هؤلاء يواصلون الجهد والعطاء مرة أخرى فيما يشبه عودتهم للحياة مرة أخرى.
كان هدف وزير الداخلية الأول منذ توليه الوزارة، العنصر البشرى المتمثل فى رجال وزارته حتى درجة المجند بمن فيهم طلبة كلية الشرطة، وبعدما اطمأن إلى ذلك، بدأ يعيد فتح جسور الثقة بين المواطن العادى ورجال الشرطة فى جميع مواقع عملهم، حيث اهتم بتفعيل دور قطاع حقوق الإنسان ودفع إليه كفاءات شرطية على أعلى مستوى من الوعى والثقافة حتى تكون لديهم القدرة على مواجهة افتئات منظمات حقوق الإنسان المشبوهة، والتى تعمل لحساب دول وأجهزة استخباراتية معينة، ويتم توجيهها لتأليب الرأى العام الدولى ضد الأوضاع الداخلية فى البلاد ومحاولات الترويج لوقائع مختلقة ليس لها أساس من الصحة، كمحاولات تصدير صور ذهنية كاذبة للاختفاء القسرى والتصفية الجسدية، حيث يتبين أن تلك الحالات لم تتعرض لمثل ما تتم الإشارة إليه.. بل إن بعضهم كان قد انضم لبعض التنظيمات التكفيرية دون علم أهليته، ولا يتم اكتشاف ذلك إلا عند القبض عليه أو وفاته فى إحدى تلك العمليات الإرهابية.
إننا ونحن نحتفل فى تلك الأيام بعيد الشرطة، ونتذكر البطولات التى سطرها أجدادنا البواسل فى يناير ١٩٥٢ بالإسماعيلية فى مواجهة المحتل البريطانى.. فإن الأجيال الحالية من رجال الشرطة ما زالت تواصل البذل والعطاء، متمسكين بتلك العقيدة التى تربينا عليها فى كلية الشرطة منذ أن التحقنا بها عاقدين العزم على مواصلة مسيرة هؤلاء الأبطال حتى ينعم وطننا العزيز بالأمن والأمان والاستقرار، ولو كان ذلك على حساب حياتنا وأرواحنا التى أقسمنا عليها جميعًا أن تكون فداءً للوطن.
وتحيا مصر.