رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مواجهة العنف الأسرى مسئولية مجتمعية


ينص الدستور المصرى فى مواده 59 و60 على أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان وعلى التزام الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقبم على أراضيها ويؤكد على أن لجسد الإنسان حرمة ويعد الاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون كما ينص فى المادة 53 على عدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو الوضع الاجتماعي والتمييز والحض على الكراهية جريمة. وجاءت المادة 11 الخاصة بالمرأة لتتوج جهود المرأة عبر سنوات للمساواة بين المرأة والرجل حيث أكدت على كفالة والتزام الدولة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل سياسيا واقتصاديا ومدنيا واجتماعيا وثقافيا كما تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة فى الإدارة العليا والهيئات القضائية دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف وتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا.
إن الاستقرار الأسرى يساهم فى استقرار المجتمع كما أن اهتمام الدولة بتنمية الموارد البشرية أى الاهتمام بالصحة والتعليم وتنمية المهارات والقدرات وتأهيل وتدريب المواطينين والمواطنات وتوفير فرص العمل مع توفير الدخل المناسب والمرتبات التى تكفى احتياجات الأسرة الضرورية وكفالة حياة كريمة للمواطنين مع الاهتمام بالقضاء على الفقر وتقليل الفجوة الكبيرة بين المواطنيين (حيث قلة تحتكر الثروات والدخول وتجمع بين السلطة ورأس المال وغالبية تعانى من الفقر والفقر المدقع وتعانى من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والبطالة والمرض).مع التزام الدولة بتقليل الفجوة بين الجنسين (الرجل والمرأة) ومعالجة الخلل المجتمعى الواقع على المرأة (حيث تشير تقارير وإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نسبة البطالة فى النساء ثلاثة أضعاف النسبة فى الرجال و،التسرب من التعليم ينال النسبة الأكبر فى الفتيات ونسبة الأمية أعلى فى النساء عن الرجال).كل ذلك يساعد على استقرار الأسرة وبالتالى استقرار المجتمع
وإذا انتقلنا إلى العنف الأسرى الذى زاد فى الفترة الأخيرة نجد أنه بجانب تعرض المرأة لأشكال عديدة داخل الأسرة من العنف (الختان، تسرب الفتيات من التعليم وإجبارهن على الزواج فى سن صغيرة فيما يعرف بزواج القاصرات، حرمان المرأة من التعليم أو العمل، الاعتداء على الفتيات والنساء جنسيا فيما يعرف بزنا المحارم، الضرب والإهانة، حرمان المرأة من الميراث) بجانب تعرض المرأة لكل هذا العنف نجد أنه زادت فى الفترة الأخيرة جرائم تتصف بالعنف والبشاعة ولاتتفق مع القيم والأخلاق والاعتقادات والتقاليد التى تربينا عليها ونشأنا وسطها من التراحم والبر والتسامح لقد نشأنا ونشأت الأسر المصرية وسط ثقافة ومعرفة تحمل المواطنة وقبول الآخر واحترام ومودة وصلة رحم ومعرفة الأمور الدينية الوسطية والمعتدلة والى تُحرِّم الاعتداء على الأنفس والممتلكات والحض على الفتن والقتل وكان للمجتمع قيمه وأصوله وتقاليده التى تقوم على التعاون على الخير والبناء والتقدم.
الآن وفى السنوات الأخيرة تنتشرجرائم العنف الأسرى للأسباب التى تحدثت عنها فى السطور السابقة (التفاوت الطبقى وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية والعدالة الناجزة فى المحاكم مع عدم تطبيق القانون وتنفيذ الأحكام بجانب انتشار قيم النصب والفهلوة والرشوة والفساد الذى عم البلاد وانتشار الأفكار الظلامية والمتطرفة فى المجتمع والتى تحث على العنف وارتكاب جناية القتل والتخريب باسم الدين بل وتقلل من دور المرأة وتعتبرها وعاءً للإنجاب ومتعة للرجل وعليها تربية الأبناء فقط ولاتشارك فى بناء وتنمية المجتمع مثلها مثل الرجل مما ساعد على انتشار نظرة مجتمعية دونية للمرأة). لذا يجب أن تشارك كل مؤسسات الدولة فى نشر ثقافة المساواة وعدم التمييز وسن قوانين رادعة وتنفيذها حتى ينصلح حال المجتمع وتتقدم بلادنا.ولابد أن نشير إلى أن مواجهة ظواهر العنف الأسرى (ومنها ظاهرة خطيرة تهدد أمن وأمان المجتمع وهى قتل الأب لأبنائه وزوجته أو قتل الزوجة لزوجها أو قتل الشاب لوالده أوجده أوجدته أو أى أحد من الأقارب) مواجهة هذه الظواهر تقتضى التنمية الإنتاجية فى الزراعة والصناعة واستثمار الدولة فى الصحة والتعليم ونشر ثقافة تنويرية وإبداعية فنية وأدبية والعمل على استرجاع القيم والعادات الإنسانية النبيلة ومواجهة أفكار العنف والظلام.
الفقر والجهل والمرض وانتشار الظلم والفساد أسباب لانتشار جرائم القتل والاعتداء على الأنفس والممتلكات الخاصة والعامة وأسباب لانتشار الإدمان والتحرش والاغتصاب.ومواجهة كل هذه الجرائم تقتضى مشاركة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى من أحزاب وجمعيات أهلية ومراكز تنمية المجتمع ومراكز الشباب ونقابات وروابط أى مشاركة مجتمعية جادة وفاعلة.