رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثورة العرابية.. 9 سبتمبر 1881 «1-3»


- كان عرابى يرفض اسم «الثورة العرابية» ويفضل عليها اسم «النهضة المصرية» للدلالة على أنها ليست ثورة عرابى وحسب بل ثورة كل المصريين
هلَّت علينا منذ أيام قليلة ذكرى الثورة العرابية، هذه الثورة التى اُخْتير لها يوم ٩ سبتمبر ليكون هو العيد الرسمى لها.. هذا اليوم الذى شهد ما عُرف بـ«مظاهرة عابدين»، وتجمع بعض فرق الجيش يقودها أحمد عرابى فى مظاهرة احتجاج على سياسات الخديو توفيق.
وبدايةً تُثير الثورة العرابية حتى اليوم العديد من التساؤلات، بل وأحيانًا الصخب والجدل.. ويأتى على رأس ذلك تسمية الثورة نفسها بـ«الثورة العرابية»، إذ تعتبر هذه الثورة هى الوحيدة فى تاريخ مصر التى تُلقَّب باسم زعيمها، فلم نسمع مثلًا أن ثورة ١٩ سُميّت فى يوم من الأيام بالثورة السعدية أو الزغلولية، نسبة إلى الزعيم سعد زغلول، على الرغم من أن سعد كان أكثر شهرة من عرابى، هذا فضلًا عن نجاح ثورة ١٩ بالمقارنة بهزيمة ثورة عرابى على يد الاحتلال البريطانى فى عام ١٨٨٢، كما تولى سعد زغلول رئاسة وزراء مصر فى عام ١٩٢٤، لكن لا سعد ولا أحد بعد وفاته جَرُؤَ على أن يُطلِق عليها اسم سعد زغلول، واستمرت تُعرَف حتى الآن بثورة ١٩.
وينطبق الشىء نفسه على ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، فعلى الرغم من نجاح الثورة، وانفراد أهم الضباط الأحرار «جمال عبدالناصر» بالحكم، بدايةً من عام ١٩٥٤ حتى وفاته فى عام ١٩٧٠، لم يَجرُؤ ناصر أو حتى أتباعه من بعده على تسميتها بالثورة الناصرية. وتم الاحتفاظ باسم «ثورة ٢٣ يوليو»، الذى أصبح اليوم القومى لمصر حتى الآن.. فلماذا كانت الثورة العرابية هى الثورة الوحيدة التى عُرفت باسم أهم زعمائها، فى سابقة غريبة ونادرة عجيبة فى التاريخ المصرى؟
وربما يُصدم القارئ الكريم، إذا قلنا إن أحمد عرابى نفسه كان لا يتقبل هذه التسمية، بل ويرفضها! وعندما كتب عرابى مذكراته عن الثورة، كان عنوانها «كشف الستار عن سر الأسرار فى النهضة المصرية المسماة بالثورة العرابية».
هكذا كان يرفض عرابى اسم «الثورة العرابية» ويفضل عليها اسم «النهضة المصرية»، للدلالة على أنها ليست ثورة عرابى وحسب، بل ثورة كل المصريين.
وفى التاريخ، نسبة الثورات والأحداث الكبرى إلى شخص أو زعيم ما، هى فى الحقيقة نسبة للتقليل من الحدث وأهميته، ولإلصاقه بشخص فقط، وليس جموع الشعب.. لذلك أطلق البعض على أحداث ١٨٨١- ١٨٨٢ «هوجة عرابى»، فى محاولة للتقليل من شأن الحدث.. وحتى كلمة «ثورة»، التى لم تكن تَبعُد كثيرًا فى المعنى آنذاك عن كلمة هوجة، هى كلمة ذات ميراث سيئ فى التراث العربى الإسلامى، فلا تُطلق إلا على الأحداث السلبية.. من هنا كان عرابى يفضل اسم «النهضة المصرية» على «الثورة العرابية».