رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسى.. الحكومة.. البرلمان.. والشباب


مؤتمر الشباب الأخير للرئيس عبدالفتاح السيسى مع أبنائه الشباب فى جامعة القاهرة، كان مؤتمرا ناجحا، تناول إيجابياته وعدّد مآثره كتاب وصحفيون وإعلاميون ومواطنون، وقليل منهم أشار إلى بعض سلبياته، وهذا أمر محمود على عكس ما يظن كثيرنا. وليسمح لى السيد الوزير، أى وزير، ومعالى البرلمانى، أى برلمانى، أن أضيف بعدا جديدا يخص الشريحة العظمى من فلذات أكبادنا الذين تابعوا هذا المؤتمر على الفضائيات ومواقع التواصل الإلكترونى أو من لم يتابعوه وسمعوا به.
الرئيس اجتهد وما زال قدر استطاعته لاحتواء الشباب، وله كل الشكر، بقى الدور الأهم على الجهتين التشريعية والتنفيذية لإيجاد حلول عاجلة لمشاكل الشباب. يقينى أن الوزير والبرلمانى فى جعبتيهما الكثير لهذه الشريحة، جنبا إلى جنب بجوار الرئيس. أنا لا أقترح حلولا أو علاجا لمشاكل هؤلاء، كفانا اقتراحات، وحان وقت الجد، وقت العمل على أرض الواقع، فالحكومة والبرلمان على دراية «كافية ووافية» بكل صغيرة وكبيرة عن وفى هذا الملف الشائك.
لذا سألفت الانتباه فقط إلى أن الحياة ليست وردية كما تصدرها لنا بعض الأقلام والأفواه.. الحياة قاسية ومُرة.. ومرارتها بطعم الحنظل على الشريحة العظمى من الشباب، وهنية- طرية- لذيذة «زى المهلبية» على الشريحة الأقل.. هذا هو الواقع الأليم الذى نحياه.. أنا لا أريدك أن تصدق ما أكتبه سيادة الوزير ويا معالى البرلمانى، أنا أريدك فقط أن تجلس مع هؤلاء الشباب، حينها ستجد أن ما أكتبه واقع، شئنا أم أبينا.
حاول تيجى على نفسك شويتين وتتحدث معهم.. ناقشهم.. انتقدهم.. اذهب معهم فى النقاش إلى أبعد مدى عن وضعنا الحالى والمستقبلى فى: الصناعة.. الصحة.. الزراعة.. البيئة.. الطاقة.. الحضارة.. الرى.. السياسة.. وحتى فى النووى وغيره.. اسمع منهم جيدا.. وسع صدرك قدر المستطاع.. احذر أن تصطدم بهم.. لأنهم- بحق- أصبحوا غير الذى كنا نعرف أو نعتقد.. دعهم يحدثوك عن: الفساد الاقتصادى والإدارى المستشرى فى أغلب مؤسسات الدولة.. ستكتشف مفاجآت.. سيوضحون لك معلومات فى منتهى الخطورة.. معلومات ربما لأول مرة تسمع بها وعنها.. معلومات ستكون أغلبها حقيقية.. هنا لا بد أن تسألهم عن مصادرهم.. لا تفاجأ إذا قالوا لك من: CNN —BBC، أو ما شابه.. عندئذ أنصحك بأن تتوقف عن الحديث معهم قليلا دون أن تهاجمهم.. اصبر عليهم.. تحمل ثورتهم وغضبهم إذا كنت فعلا تريد علاجا لهذا الخلل.
فإذا أخذت بنصيحتى وتحملت قسوة حديثهم للتعبير عن أوجاعهم وتشاؤمهم من مستقبلهم.. فتعال معى نضع أيدينا على العطب الفكرى والمعلوماتى والثقافى والسلوكى الذى أصابهم.. وسأتركك تسألهم فى السياسة والشأن العام على سبيل المثل.. أنصت جيدا لكل حرف تنطق به ألسنتهم.. ركز جيدا فى تعبيرات وجوههم.. دعنى أقل لك- كصاحب تجربة- ماذا لاحظت: هم وطنيون.. يعشقون تراب مصرهم.. لكن حديثهم بطعم العلقم.. أفكارهم أثارت وأوغرت صدرى خوفا منهم وعليهم.. ستسألنى: لماذا؟!.. سأجيبك بأنهم أصبحوا فريسة للكتائب الإلكترونية وغير الإلكترونية الموجهة لتحويلهم إلى «مسخ».. كتائب مدربة تدريبًا عاليًا لتشويه الحقائق.. كتائب تشكك فى ثوابت الدين والتاريخ معا.. كتائب تختلق مواقف وأحداثًا ما أنزل الله بها من سلطان.. كتائب تعرف جيدا ماذا تريد وما الهدف الذى تصبو إليه.
الآن.. عزيزى النائب والبرلمانى.. حاول أن تستكشف إحدى هذه الكتائب.. أكرر.. حاول بنفسك أو عن طريق مساعديك.. ستنجح بالتأكيد فى التواصل مع بعض عناصرها التى تملأ وسائل الإعلام المختلفة.. ومنها التواصل الاجتماعى.. فيسبوك تحديدا.. ناقشهم بنفسك لتتأكد من قدرتهم الجبارة على تقزيم أى معلومة تطرحها عليهم.. ستجدهم يجادلونك بحقائق ووثائق ومعلومات صحيحة ١٠٠٪.. لكن راقب كيف يوظفونها؟!.. كيف يحقرونها؟!.. كيف يستهزئون بها؟!.. وكيف يسفهّونها حتى يكفّروك بكل ما تؤمن به إذا كنت ضحل الثقافة وعديم الإيمان؟!.. حينها أمامك خياران، الأول أن تقبل بالهزيمة وتعلن إفلاسك أمامهم وتنسحب. الثانى أن تستمر فى جدالهم حتى يأتوك بما يسىء إلى شخصك من معلومات تأتيهم من أسيادهم الذين يوظفونهم لهذا الغرض.. وفى هذه الحالة سيشوهون سمعتك فتضطر أيضا للانسحاب من المعركة.. الغالبية يفعلون ذلك لانعدامهم الإمكانات والمصادر اللازمة لدحض أكاذيب وافتراءات هذه الكتائب.. والقليل يثبت ويفضحهم على رءوس الأشهاد. وحتى أكون أكثر دقة.. فالكتائب الإلكترونية ليست فقط على فيس وواتس وتويتر و..... بل يوجد لها أعوان فى: الأندية.. الملاهى.. المواصلات.. المقاهى.. دور العرض.. الأماكن العامة.. المطاعم الفاخرة.. القنوات الفضائية والإذاعات الموجهة.. وحتى الجرائد والمجلات الصفراء.. لذلك وجب علينا الانتباه.. لأن هذه العناصر مجندة ضدك وضد أى تقدم فى وطنك.. وليت الأمر يقف عند هذا الحد.. بل يتعداه لاصطياد فلذات أكبادنا.. شبابنا الصغير.. وحتى غير الصغير من المغرر بهم.. أسمعهم يوميا بأذنى وأشاهدهم بأم عينى هنا وهناك وهم يتبادلون الأخبار والمعلومات الحقيقية على طريقة الإعلامى الأمريكى الشهير «جون ستيوارت».. المغلوطة، الملغمة.