رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة دور المدرسة


هو يا من هو.. هو أفضل عندى من الكل.. نعم.. لأنه الأساس فى تكوين وإصلاح الكل.. ولا نتمناه أبدا أن يكون غير ذلك.. هو من أسس الطبيب الناجح.. والقاضى العادل.. والمهندس الشريف.. والإعلامى النزيه.. والصحفى الوطنى.. والكاتب الحر.. وشيخ الدين المعتدل.. والموظف الملتزم.. والعلماء: الاقتصادى والنووى واللغوى والاجتماعى الأفذاذ و... لذلك يجب أن يكون وأن يظل هو كما عرفناه.. إنه المُدرس المُعلم القدوة صاحب القيم والمبادئ.. عن نفسى أقدره حق التقدير.. أقف بجانبه وأشد على يديه.. أتمناه من صميم قلبى أن يكون لفلذات أكبادنا القدوة والمثل بالكلمة والفعل معًا.. هكذا تربيت أنا.. وهكذا تربى كل جيلى والأجيال التى سبقتنى.
الآن.. تبدلت الأحوال.. لم نعد نحن كما كنا.. شىء ما حدث فى سلوكنا.. أو لنقل فى جيناتنا حتى نكون أكثر دقة.
مدرس اليومين دول- غالبا- يتجاهل القيام بواجباته المدرسية عامدًا متعمدًا.. وما يتجاهلش ليه؟!.. هو فيه حد بيحاسبه؟!.. هذا النوع من المدرسين ماتت ضمائرهم وشبعت مووووت.. لكن أفواههم وكروشهم لم تمت أبدًا.. أفواههم وكروشهم يقظة لإخضاع الطالب للدروس الخصوصية.. هؤلاء أصبحوا تجارًا لا مربين.. تحولوا بقدرة قادر إلى مستثمرين كبار.. ولم لا ؟!.. سماسرة يستغلون علمهم ومجهودهم وسطوتهم فى تأجير «السناتر» لجمع ما تيسر لهم من المال الـ «حراااام».. وكله تحت رعايتنا ورضانا نحن أولياء الأمور أولًا وأخيرًا.. نعم نحن والله ولا أحد غيرنا!!.
والنتيجة.. إفراز طالب يستهين بمدرسه.. طالب يتطاول باللفظ والضرب على مدرسه.. طالب يستغل لحظات ضعف مدرسه ويسجل فضائحه وينشرها فى وسائل التواصل الاجتماعى.. طالب «يكره» مُدرسه ومدرسته.. وفى بعض الأحيان «يهجرها» لعجز والديه عن تسديد ثمن الدروس الخصوصية.
باختصار شديد جدًا.. لقد ساهمنا جميعا- طائعين أو مكرهين أو راغبين- فى القضاء على «حزمة» القيم والأخلاق التى توارثناها أبًا عن جد.. فضللنا الطريق الذى نريد الوصول إليه.. لكل ما سبق.. أوجه رسالتى الأولى إلى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى.. رسالة من أمهات وآباء تلاميذ وطلاب المدارس والمعاهد والجامعات.. رسالة استغاثة للحفاظ على بند الدروس الخصوصية فى ميزانية الأسر البسيطة.. الأسر التى تُعانى وتشتكى مُر الشكوى من جشع المدرس الذى يغتصب أموال غيره دون وجه حق.
ورسالتى الثانية إلى وزير التربية والتعليم: معالى الوزير.. لقد ناشدت أصحاب المصالح المستفيدين من الدروس أن يستحضروا فكرة الوطنية، وألا يُعلوا من مصالحهم الشخصية على حساب أجيال ونشء سيعانى بقية حياته عقب تخرجه.. وأضفت: «وإللى كان بيدى دروس هيلاقى وسيلة أخرى نظامية ونحن سوف نساعده فى هذا، وهنحاول نجيب مصادر دخل أخرى».. كلام معقول مؤقتًا نظرًا للظروف التى نمر بها، ويتبقى لنا السؤال: ليتك تكشف لنا عن المصادر التى ستعوض المدرسين بها عن الدروس الخصوصية التى تلتهم- حسب الخبراء - ١٨ مليار جنيه من جيوب أولياء الأمور سنويًا، وذلك حتى نعرف إذا كانت هذه المصادر فى إطار قانونى ومشروع أم لا.. وهل من عقاب رادع للمدرس الذى سيخالف تعليماتك؟!.
أما رسالتى الثالثة فسأوجهها إلى المدرس: نعم أنت أيها المدرس الذى نتوسم فيه دائما وأبدا كل الخير.. فمن غيرك يمكن أن نأتمنه على بناء أجيال قادرة على تحمل مسئولية نفسها وأسرها ووطنها.. فإن خنت الأمانة.. فلا أمل فيك ولا فى الأجيال التى أوقعها حظها العاثر بين يديك.. وأنصحك بالبحث عن مهنة أخرى تعود عليك بالمال الذى تطمح وتطمع فيه بعيدًا عن هذه المهنة المقدسة، وعن «جيوب» المعدمين بـ«المرة».
ورسالتى الرابعة والأخيرة، أوجهها إلى أولياء أمور التلاميذ والطلبة: أعرف منكم أعدادًا ليست بالقليلة.. ساهمت- بشكل أو بآخر- فى تفاقم هذه «المصيبة» التى ابتلينا بها، فليس مقبولا ولا معقولا أن يعلن وزير التربية والتعليم رؤية شاملة لتطوير التعليم واستعادة دور المدرسة فى التربية والتعليم والقضاء على الدروس الخصوصية.. ثم نفاجأ بكم تشتكون من قلة الأماكن فى «سناتر» الدروس الخصوصية للعام المقبل»؟!.. والمصيبة الأكبر.. أننى سألت أحد المدرسين عن وضع هذه «السناتر» فى الإجازات.. فوجدته يؤكد لى أن «الحجز فيها أصبح بالأسبقية والواسطة»!!.