رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قانون القومية اليهودية ترسيخ للدولة العنصرية



د. كريمة الحفناوى
فجر الخميس ١٩ يوليو عام ٢٠١٨ أصدر الكنيست الإسرائيلى، وأقر قانون «الدولة القومية» المشين والبغيض بتأييد ٦٢ نائبًا مقابل رفض ٥٥ نائبًا وامتناع نائبين عن التصويت من أصل ١٢٠، هم ‏أعضاء الكنيست. بدأت الفكرة الصهيونية بإنشاء وطن قومى لليهود على يد تيودور هيرتزل فى مؤتمر بازل بسويسرا عام ١٨٩٧ وبتشجيع الهجرة اليهودية إلى أرض الميعاد (أرض فلسطين ‏العربية) باعتبارها وطنًا قوميًا لليهود (شعب الله المختار). وأحب فى السطور التالية أن أشير إلى ما جاء فى بنود القانون الذى يسمى «قانون القومية» تحت عنوان إسرائيل الدولة القومية للشعب ‏اليهودى، وطبعًا يعنى أن فلسطين العربية هى الدولة القومية لليهود! ولنرَ معًا بنود هذا القانون العنصرى.‏
المبادئ الأساسية: أرض إسرائيل هى الوطن التاريخى للشعب اليهودى، وفيها قامت دولة إسرائيل.. دولة إسرائيل هى الدولة القومية للشعب اليهودى، وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعى والثقافى ‏والدينى والتاريخى لتقرير المصير.. حق تقرير المصير فى دولة إسرائيل حصرى للشعب اليهودى.. رموز الدولة: اسم الدولة دولة إسرائيل، ويستكمل تحت هذا البند وصفًا تفصيليًا لعلم الدولة ‏وشكله ولونه، وأيضًا شعار الدولة والنشيد الوطنى.. عاصمة الدولة: القدس الكاملة والموحدة عاصمة إسرائيل.. اللغة: اللغة العبرية هى لغة الدولة. واللغة العربية لها مكانة خاصة فى الدولة ‏واستخدامها يكون بموجب قانون.. لم الشتات: تكون الدولة مفتوحة أمام قدوم اليهود ولم الشتات.. العلاقة مع الشعب اليهودى: تهتم الدولة بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودى ومواطنيها ‏والمحافظة على الميراث الثقافى التاريخى والدينى اليهودى لدى يهود الشتات.. الاستيطان اليهودى: تعتبر الدولة تطوير استيطان اليهود قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته.‏
بالإضافة إلى التقويم الرسمى: التقويم العبرى هو التقويم الرسمى للدولة وإلى جانبه يكون التقويم الميلادى تقويمًا رسميًا.. يوم الاستقلال: هو العيد القومى الرسمى (١٥ مايو سنة ١٩٤٨). ويوم ‏الذكرى ذكرى الجنود الذين سقطوا فى معارك إسرائيل.. أيام الراحة والعطل: يوم السبت وأعياد الشعب اليهودى هى أيام العطلة الثابتة فى الدولة. ولدى غير اليهود الحق فى أيام عطلة فى أعيادهم.. ‏أى تغيير فى هذا القانون يستلزم أغلبية مطلقة من أعضاء الكنيست.‏
مما سبق تتضح لنا سياسات العدو الصهيونى القبيح ويتبين للعالم عنصرية إسرائيل التى تشيع أنها الدولة الديمقراطية التى تريد السلام، فالقانون يُكرِّس سياسات التطهير العرقى للفلسطينيين العرب ‏أصحاب الأرض، ويعمل القانون على طمس الهوية والموروث والتراث والثقافة الوطنية وإلغاء مكانة اللغة العربية عن طريق التمييز العنصرى ضد الفلسطينيين، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ‏‏(عرب إسرائيل) وجميع الفلسطينيين على جميع الأراضى الفلسطينية المحتلة أى تصفية الشعب الفلسطينى لصالح كيان عنصرى كريه ومجرم وبغيض.‏
يصدر هذا القانون فى إطار خطة صهيونية تعمل بدأب ومثابرة على أرض الواقع من أجل قيام دولة إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر، خطة منهجية تشتمل على إجراءات يومية لتغيير ‏ديموجرافية فلسطين العربية بالاستيلاء على مزيد من المنازل والأراضى ومصادرتها وطرد الأهالى لإقامة مزيد من المستوطنات وجلب اليهود من شتى أنحاء العالم، وذلك بجانب اعتقال الشباب ‏والأطفال والنساء والكبار والزج بهم فى سجون العدو. هذا غير ما نشاهده يوميًا من طرد للفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا مع حماية المستوطنين وجرائمهم وفرض الهيمنة على القدس والمقدسات ‏المسيحية والإسلامية، والاعتداءات اليومية من جانب اليهود المتطرفين على المسجد الأقصى واقتحامه بحماية الجنود الإسرائيليين.‏
ويصدر هذا القانون العنصرى أيضًا فى الوقت الذى تقف فيه الولايات المتحدة الأمريكية (برئاسة التاجر البلطجى العنصرى دونالد ترامب ومستشاريه العنصريين المتعصبين للصهاينة) تقف بكل ‏قوة ودعم ومساندة لأمن إسرائيل.. ويصدر هذا القانون أيضًا فى ظل ضعف الأنظمة العربية وانشغالها بمصالحها وانشغال الشعوب بالأزمات المتعددة الداخلية الاقتصادية والسياسية، غير الحروب، ‏التى تمزق عددًا من الدول العربية بجانب الإرهاب (الذى تدعمه إسرائيل وتساعده) والذى يوجه ضرباته لإنهاك الدول والجيوش وإضعافها والعمل على تفتيتها.‏
إن مواجهة هذا القانون والتصدى لإلغائه وفضحه وفضح الكيان العنصرى لا يكون ببيانات الشجب والإدانة التى ترتفع أصواتها هنا أو هناك والتى سرعان ما تخفت وتختفى. مواجهة القانون ‏تقتضى إنهاء الانقسام الفلسطينى مع التوحد على هدف مقاومة العدو مقاومة شاملة بالسلاح، والمقاومة السياسية والقانونية أمام المحافل الدولية فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية ‏الدولية.‏
مواجهة القانون العنصرى تتطلب، كما أشرت من قبل، وأكرر تكوين الجبهة الشعبية العربية ضد الحلف الأمريكى لمساندة ودعم المقاومة الفلسطينية ولمناهضة الصهيونية، ومقاطعة البضائع ‏الصهيونية من سلع وخدمات ومقاطعة الدول التى تدعمها وتساندها، الجبهة الشعبية التى تعمل على فضح الصفقات والقوانين التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتعمل على نشر التوعية ‏للشعوب العربية وشعوب العالم بالقضية الفلسطينية كقضية احتلال واغتصاب من جانب العصابات الصهيونية وقضية الصراع على الوجود وليس الصراع على الحدود.. إن الأعداء يعملون على ‏تصفية القضية وطمس الهوية الفلسطينية وعلينا كشعوب عربية أن نقاومهم من أجل استرداد فلسطين العربية وعاصمتها القدس الموحدة، ومن أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى.‏