رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التربية القومية


بمناسبة ذكرى ونتائج ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ المجيدة.. كل عام وأبطالنا العظام ومصرنا الحبيبة بألف ألف خير.. كل عام ونحن فى أمن وخير وسلام.. وإن شاء الله تعالى تتعافى مصرنا من الفساد والإرهاب معا.

تذكرت وأنا أستعيد مآثر عبدالناصر مادة «التربية القومية».. تذكرت مدرسها «المسكين» وأنا فى مرحلة الصبا.. كانت بحق مادة مُهمشة من إدارة المدرسة سواء فى وقت تدريسها أو فى نوعية مدرسيها.. تمامًا كما كان الحال مع مواد التربية الدينية والتربية الفنية والتربية الموسيقية رغم أهميتها الشديدة.

لم أكن أُدرك حينها لماذا يتعمدون «تحقير» هذه المواد مقارنة بمثيلاتها الأساسية، كــ: الأحياء والكيمياء والفيزياء واللغتين: الفرنسية والإنجليزية.. الآن فهمت وأدركت أنه كان مخططًا شيطانيًا من قوى الحقد والغدر حتى نصل إلى ما نحن فيه الآن.. لقد نجحوا وبامتياز فى أن يجعلوا منا أعداءً لبعضنا البعض.. العراقى يقتل العراقى.. المصرى يقتل المصرى.. السورى يقتل السورى.. وهذا السيناريو اللعين يتم الآن باسم الدين الإسلامى العظيم.. وعلى يد متأسلمين من عبدة المناصب والدولار ممن تربوا وترعرعوا على موائد وأموال أمريكا وإيران وقطر وتركيا وإسرائيل.. وللأسف الشديد فإن الإسلام منهم ومن جرائمهم بحق إخوانهم برىء، برىء، برىء.
أكتب عن هذا الموضوع تقديرًا للأخ والصديق- الوطنى المحترم اللواء محمد عيد- أحد أبناء قواتنا المسلحة الباسلة، عندما طلب منى أن أسأل عددًا من شبابنا إذا كانوا يحفظون أسماء الدول العربية وزعمائها.. فكرت فى مغزى السؤال ووجدته وجيهًا جدًا.. طرحته على بعض المثقفين والسياسيين ونشطاء السبوبة وأضفت: وماذا تعرفون عن وطنكم العربى الكبير؟!.. الصدمة كانت- بجد- مروعة حينما لاحظت سخرية العديد ممن سألتهم وهم يجيبون عن السؤال بسؤال آخر: يعنى إيه وطن عربى كبير؟!.. ومين هم الزعماء العرب الحاليون نحن لا نعرف سوى خمسة أو ستة منهم؟!.. وزادوا من سخريتهم حينما سألونى: تقصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ؟!.. بالطبع لم أجد إجابة.. وهنا أيقنت ما الذى كان يقصده اللواء «عيد».. وتأكدت أيضا من حالة التغييب المتعمد للرأى العام المصرى.. ومن ثم العربى والإسلامى أيضًا عن قضاياهم ذات المصير المشترك.
ودون أن أدرى وجدت نفسى أسترجع ما سبق أن أثاره د. أحمد زكى بدر- وزير التربية والتعليم الأسبق- عندما اقترح إضافة مادة التربية القومية للمناهج.. متسائلًا: لماذا هى مهملة على الرغم من أهميتها فى معالجة مشكلات العنف وعدم الانتماء بين النشء؟!.. بصراحة أنا احترمت هذا الرجل بصرف النظر عمن يختلف عليه كقيادة سياسية أو علمية.. فمادة القومية العربية كانت مرتبطة بأيديولوجية نشطة فى بلداننا العربية.. وكان «ناصر» رمزًا جميلًا لها خصوصًا بعد إدارته أزمة قناة السويس ضد العدوان الثلاثى باقتدار.. فضلًا عن تبنيه إنشاء إذاعة «صوت العرب» التى نشرت الفكر القومى العربى فى بلداننا الناطقة باللغة العربية.. وهو ما ساعد فى تحرر هذه الدول من الاستعمار البغيض.