رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسحراتى الوطن على المسرح القومى فى العتبة


الرِّجل تدب مطرح ما تحب، وأنا حبيت أكون فى أمسية فنية رائعة مع الأصدقاء والصديقات، أمسية «حى على بلدنا» على خشبة المسرح القومى، التى تحمل عبق الفن والتاريخ على مدى ثلاثة وثمانين عاما منذ ١٩٣٥.
يقول لنا الفنان يوسف إسماعيل، مدير عام المسرح القومى، العاشق للمسرح والحريص منذ مجيئه على إضاءة لياليه بأجمل وأروع المسرحيات. يقول يوسف إسماعيل: «يظل شاعر العامية المصرية فؤاد حداد بعد أكثر من ٣٠ سنة على وفاته مسحراتى الوطن، حيث يطل علينا فى كل وقت يحتاج إلينا الوطن».
«حى على بلدنا» أمسية مسرحية لعاشق ومنشد الوطن شاعر العامية المصرية فؤاد حداد، الملقب بالعديد من الألقاب «شيخ شيوخ شعراء العامية المصرية، أبوشعراء العامية المصرية، أول شعراء العامية المصرية»، هذه الأمسية أعدها الابن الشاعر أمين حداد، وأعاد ترتيب بعض أشعار الأب فؤاد حداد، وأخرجها المبدع القدير أحمد إسماعيل لنستمتع بسهرة فنية توقظ وتشعل حب الوطن والانتماء إليه وتستنهض الهمم.
أحمد إسماعيل المخرج الذى آمن برسالة المسرح ودوره فى تنمية الوعى والمشاركة فى عملية الحفاظ على الهوية، وأخذ على عاتقه نشر المسرح فى كل ربوع مصر من خلال قصور وبيوت الثقافة الجماهيرية فى القرى والنجوع والأحياء والمدن وصاحب تجربة ثرية ورائدة فى ذلك.
تجول بنا الأمسية وتلف بنا بين حوارى مصر وشوارعها مع شعبها وسلاطينها وحكامها وبطولاتها على يد صلاح الدين، وتؤكد لنا أن الأرض بتتكلم عربى ونردد مع فؤاد حداد «يا مصر وعشقت فيكى الدنيا والأيام» ونقول معه «إحنا الشعب المصرى أول سيرة الإنسان» ونسهر معه فى رمضان مع المسحراتى وندق على الطبلة ونقول «الرجل تدب مطرح ما تحب ورمضان كريم». ولا ينسى أمين حداد من خلال أشعار أبيه أن يعرج بنا على فلسطين التى تتعرض لأبشع خنق وحصار وعدوان بغرض تصفية القضية التى هى قضية أمن قومى مصرى وعربى، ويردد جمهور المسرح من جميع فئات الشعب مع الفرقة الموسيقية والمغنين «أنا العطشان ماليش مية إلا فلسطين... ولا فى قلبى ولا عنيا إلا فلسطين».
نحن فى هذه الفترة أحوج ما نكون إلى هذه الأمسيات المسرحية التى تتناول قضايا الوطن وتحارب التطرف والإرهاب وتحافظ على الهوية المصرية، لأن الثقافة والإبداع يقفان حائط صد للأفكار المتطرفة والإرهاب.
نحن أمام أمسية مسرحية غنائية تتميز ببساطة الإخراج «السهل الممتنع» الذى هو الأصعب فى نفس الوقت ويحتاج إلى مخرج ذى خبرة كبيرة ومتمكن من أدواته الفنية مثل أحمد إسماعيل، الذى اعتمد أسلوبه على الحركة البسيطة الموحية التى تبرز الكلمات والمعانى وتطلق طاقات وإبداعات الممثلين والمغنين والممثلات والمغنيات. استطاع المخرج أن يجعل الفنان الممثل القدير مايسترو العرض أشرف عبدالغفور يغنى بإحساس عالٍ وخفة ظل وأيضا المبدع مفيد عاشور ورحاب رسمى بخفة ظلها ورشاقة حركتها وتدفق مشاعرها.
وإذا انتقلنا إلى أشعار فؤاد حداد، التى لحنها عدد من كبار الملحنين عبر السنين ومنهم سيد مكاوى وإبراهيم رجب وعبدالعظيم عويضة ووجيه عزيز وأيضا الملحن والمغنى الرائع محمد عزت، الذى غنى هذه الكلمات والألحان فحرك مشاعرنا بالفرح والحزن والشجن والألم والأمل، وكانت المفاجأة أن يمثل بأداء متمكن وخفة ظل، كما استمتع الجمهور بالصوت الرائع الحساس القوى لسارة مدحت.
أما فاكهة هذه الأمسية فتمثلت فى الصديق الرائع القدير عهدى صادق وطلته التى حملت لنا البهجة والضحكة والحزن والدمعة، هذا الفرفور الذى أدى لنا دورا للصعلوك الذى يحلم بين الملوك حلم الإنسان الذى لا يخجل من ضعفه أو خوفه. ولا يفوتنى تحية خاصة للمشاركين فى العرض من الأطفال.
نقدم كل التحية للفرقة الموسيقية ولكل العازفين وللكورال من نساء ورجال بقيادة المايسترو دكتور صابر عبدالستار. وكل التحية والتقدير لكل الفنيين بالمسرح القومى المصممين والمنفذين للملابس والديكور والإضاءة.
كلمة أخيرة للسادة المسئولين: الثقافة حق لكل مواطن كما جاء فى الدستور فى المادة ٤٧: «تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة». والمادة ٤٨:«الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى أو غير ذلك. وتولى اهتماما خاصا بالمناطق الثقافية والفئات الأكثر احتياجا».
لذا أناشد السيدة الفنانة المبدعة وزيرة الثقافة توفير الميزانية وتقديم التسهيلات ليصل هذا العرض المسرحى «حى على بلدنا» إلى كل فئات شعب مصر فى كل محافظات مصر. إن أشعة شمس الفن والإبداع تطرد ظلام الأفكار المتشددة المتطرفة وتواجه الإرهاب.