رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصص عظيمة عن الحب فى سيرة النبى ‏«2-2»‏


- احترام المرأة وعدم التعرض لها جسديًا
حذر النبى الشباب من التحرش بالنساء، والعقوبة الحرمان من لقائه، كما فى قصة «صاحب الجذيبة»، فقد جاء وفد يبايعه، بينهم شاب لم يعرف عن الإسلام شيئًا، جاءوا ليلًا، وبينما هم يبحثون عن مكان ‏يبيتون فيه، مرت جارية فجذب الشاب طرف ثوبها. وفى اليوم التالى ذهب الوفد إلى النبى لمبايعته، ففرح للقياهم ومد لهم يده، إلى أن ظهر هذا الشاب فأحمر وجه النبى وقال له: ألست أنت صاحب ‏الجذيبة، قال: نعم، قال له: والله لا أبايعك وأعطاه ظهره، فاعتذر الشاب للنبى، وقال له: لقد تبت، فتبسم النبى ومد يده لمصافحته، وقال له: مد يدك إذًا لأبايعك.‏
وكان هناك رجل قد أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبى، فذكر ذلك له، قال فنزلت: «وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ»، فقال الرجل: ألى هذه يا ‏رسول الله؟، قال «لمن عمل بها من أمتى».‏
‏- حفظ البيوت من الانهيار
كانت السيدة زينب متزوجة من أبى العاص بن الربيعة، ابن خالتها، وأنجبت منه «على» و«أمامة»، لكنهما انفصلا بعدما رفض دخول الإسلام، فقال: أما أنا لا أحب الناس أن يقولوا خذّل قومه، وكفر ‏بآبائه إرضاءً لزوجته.‏
ثم جاءت الهجرة، وقالت زينب: يا رسول الله.. أتأذن لى أنْ أبقى مع زوجى؟، فقال النبى: أبق مع زوجك وأولادك. وفى غزوة بدر، كانت تبكى وتقول: اللهم إنّى أخشى من يوم تشرق شمسه فييتم ولداى ‏أو أفقد أبى. تنتهى المعركة، وتسأل: ماذا فعل أبى؟ فقيل لها: انتصر المسلمون. فتسجد شكرًا لله، وماذا فعل زوجى؟ فقالوا: أسره حماه، فقالت: أرسل فى فداء زوجى، فخلعت عقد أمها السيدة خديجة، ‏وحين رأى العقد سأل: هذا فداء من؟، قالوا: هذا فداء أبوالعاص بن الربيع، فبكى النبى، وقال: هذا عقد خديجة، لا تفرطى فيه.‏
قال له: يا أبا العاص هل لك أن أساررك؟ إن الله أمرنى أن أُفرّق بين مسلمة وكافر، فهلا رددت إلىّ ابنتى؟ فلما رجع قال لها: ارجعى إلى أبيك. فقالت، فهل لك أن ترافقنى وتُسْلِم؟ فقال: لا.. طلقها.‏
ظلت دون زواج لمدة ٦ سنوات، رفضت كل من تقدم لخطبتها، حتى جاء طليقها، حينما خرج بقافلة من مكة، وأثناء سيره التقى مجموعة من الصحابة، ﻓﺴﺄﻝ على بيت زينب، وطرق بابها قبل أذان ‏الفجر، فسألته حين رأيته: ﺃﺟئت ﻣﺴﻠﻤًﺎ؟ ﻗﺎﻝ: بل جئت هاربًا، فقالت: فهل لك إلى أن تسلم، ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ.. قالت: فلا تخف.. مرحبًا بابن الخالة.. مرحبًا بأبى على وأمامة. ولما خرج الرسول، صلوات الله ‏وسلامه عليه لصلاة الفجر، واستوى قائمًا فى المحراب، وكبّر للإحرام وكبّر الناس بتكبيره، صدحت زينب من صفة النساء قائلة: «أيها الناس، أنا زينب بنت محمد، وقد أجرت أبا العاص فأجيروه، فلما سلم ‏النبى من الصلاة، التفت إلىّ الناس وقال: «هل سمعتم ما سمعت؟!»، قالوا: نعم يا رسول الله.‏
قال: «والذى نفسى بيده ما علمت بشىء من ذلك حتى سمعت ما سمعتموه، وإنه يجير من المسلمين أدناهم، ثم انصرف إلى بيته وقال لابنته: «أكرمى مثوى أبى العاص، واعلمى أنك لا تحلين له».‏
ثم دعا رجال السرية التى أخذت العير وأسرت الرجال وقال لهم: «إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أخذتم ماله، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذى له، كان ما نحب، وإن أبيتم فهو فىء الله الذى أفاء ‏عليكم، وأنتم به أحق».‏
فقالوا: «بل نرد عليه ماله يا رسول الله»، فلما جاء لأخذه قالوا له: «يا أبا العاص، إنك فى شرف من قريش، وأنت ابن عم رسول الله وصهره، فهل لك أن تسلم، ونحن ننزل لك عن هذا المال كله فتنعم ‏بما معك من أموال أهل مكة وتبقى معنا فى المدينة؟».‏
فقال: «بئس ما دعوتمونى أن أبدأ دينى الجديد بغدرة»، مضى أبوالعاص بالعير وما عليها إلى مكة فلما بلغها أدى لكل ذى حق حقه، ثم قال: «يا معشر قريش هل بقى لأحد منكم عندى مال لم يأخذه؟»، ‏قالوا: «لا وجزاك الله عنّا خيرًا، فقد وجدناك وفيًا كريمًا».‏
قال: «أما وإنى قد وفيت لكم حقوقكم، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والله ما منعنى من الإسلام عند محمد فى المدينة إلا خوفى أن تظنوا أنى إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله ‏إليكم، وفرغت ذمتى منها أسلمت».‏
ثم خرج حتى قدم على رسول الله، فأكرم وفادته ورد إليه زوجته، وكان يقول عنه: «حدثنى فصدقنى، ووعدنى فوفى لى»، قيمة عظيمة فى المحافظة على البيوت، وبعد سنة من هذه الواقعة ماتت ‏زينب، فبكاها بكاءً شديدًا حتى رأى الناس رسول الله يمسح عليه ويهون عليه، فيقول له: والله يا رسول الله ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب، ليلحق بها بعد سنة من موتها، حبًا وحزنًا عليها.‏
‏- الأحلام المشتركة
يوم فتح مكة، نصب المسلمون خيمة عند قبر خديجة لتشهد انتصار النبى كما شهدت أحزانه.. ما سر هذا الحب الكبير؟! كانت بينهما أحلام جميلة عاشا ينفذانها، وهذه كلمة السر فى السعادة الزوجية.‏