رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات مصرية.. لعنة الإخوان


تخيل لو أنك ربيت ابنك على مبدأ المصلحة وتفضيل الذات، والحصول على ما يريد حتى لو كان بالكذب الذى حرمه الله تحريما قطعيا، وخداع الناس بالتودد لهم، وأن يخفي ما يبطن ويظهر عكس ما بداخله. وتخيل أنك تعلم ابنك من صغره أنه هو المسلم والمؤمن الحق، وأنه الأفضل عند الله دون غيره من البشر، وتخيل أنك علمت ابنك أن له أسرة غير أسرته، وجماعة غير عائلته، وأنهم الأقرب إليه من أي شخص آخر بما فيهم أشقائه من رحم أمه، تخيل ماذا سيكون حال ابنك، وما هى طبيعة شخصيته ونفسيته وعلاقته بالمجتمع، هل سيكون شخصا سويا؟ ما فعله الإخوان مع من تحالفوا معهم وراهنوا عليهم يؤكد أن هذه النوعية من التربية لا تنتج بشرا مثل كل البشر، فعبر 90 عاما هى عمر الجماعة عشناها معهم بالقتل والتفجير الكراهية والفتن والكذب والخداع كانت نتيجة طبيعية لهذه التربية، وعبر أجيالهم المتلاحقة، لم يسلم من خيانتهم أحد. هذه لعنة الاخوان الحقيقية التى اصابت كل من صدقهم وتعاملوا معهم، وهنا نعيد ونذكر بالتاريخ لعل غيرنا يعتبر.

كان أول من دعم الاخوان من حكام مصر هو الملك فاروق الذى كان يريد طرح نفسه كخليفة للمسلمين، ووقف الإخوان إلى جواره حتى وصل هتافهم له بأن الملك حبيب الله، وأن الله مع الملك والغريب، وأن الهتاف للملك كان ضد الزعيم الوطنى مصطفى النحاس، فماذا فعل الاخوان مع الملك، الذى ساندهم وسمح لهم بممارسة السياسة باسم الدين؟. تفجيرات في كل مكان واغتيالات سياسية طالت اثنين من رؤساء وزرائه وحكمدار العاصمة وقاضي وعشرات المواطنين وانتهت بحريق القاهرة، ثم خلع الملك بثورة جيش ساندها الشعب وتخلى عنه الإخوان.
وجاءت ثورة يوليو وحاولت استيعاب الإخوان وكان أول قرار لمجلس الثورة هو فتح التحقيق في واقعة قتل حسن البنا مؤسس الجماعة وإلغاء قرار حل الجماعة، غير أنهم طمعوا في السلطة مبكرا، وأرادوا الاستحواذ على الثورة ومكاسبها، وبعد تأييدهم لها في بدايتها انقلوا عليها واعتبرها انقلابا عسكريا وحاولوا اغتيال قائدها الزعيم جمال عبدالناصر، استمرت مؤامراتهم حتى خططوا لإغراق مصر واغتيال رموزها وقادتها وكانت قضية سيد قطب التى تم ضبطها بالصدفة، وبستر من الله أنقذت مصر من كارثة.





أما الرئيس السادات الذي أعلن ندمه وخطأه من التعاون معهم بعدما أفرج عنهم في قضايا ارهاب وأحكام قضائية نهائية، فدعم السادات للإخوان لم يتوقف عند الإفراج عنهم، بل امتد الدعم لفتح مقرات لهم وسمح لهم بممارسة العمل السياسي داخل الجامعات، وفتح أبواب التبرعات لهم، فضلا عن تمكينهم من الجمعيات الشرعية والمساجد والزوايا، وكل ذلك كان باتفاق السادات مع كمال أدهم رئيس جهاز المخابرات السعودى الذى أخبر السادات أن ذلك سيفتح بابا جديدا مع الامريكان، وأنه سوف يحد من الوجود السوفيتي في مصر.

ثم بعدها بدأت الحرب الأفغانية السوفيتية في ديسمبر عام 1979 والتى لعب فيها السادات والاخوان دورا مهما في الدعم اللوجستي والعسكري والمادي والإعلامي أيضا للأفغان ضد السوفييت، أو بمعنى أدق للأمريكان ضد السوفيت.
وبلغ دعم السادات للإخوان حتى أنه تجاهل حادث اغتيال الشيخ الذهبي وزير الأوقاف الأسبق في يوليو عام 1977، حيث قابل السادات الشيخ عمر التلمسانى مرشد الجماعة في أغسطس من نفس العام، وأكد دعمة للجماعة ومرت اول وابشع جريمة اغتيال دون رادع من رأس في الدولة، وكانت نهاية العلاقة بين الرئيس السادات والاخوان باغتياله وتفاخرت الجماعة بضلوعها في قتلة، وها هم قادة الجماعة الإسلامية وقت اغتيال السادات يصبحون هم قادة جماعة الإخوان فيما بعد، عبد المنعم أبو الفتوح وأبو العلا ماضي وحلمى الجزار وغيرهم، وفي أول احتفال لهم بحرب أكتوبر بعد سطوهم على السلطة دعوا قتلة السادات للاحتفال وركب مرسي سيارته أثناء دخوله ساحة استاد القاهرة للاحتفال بيوم اغتياله.
أما علاقة الرئيس مبارك والإخوان فقد شهدت تطورا كبيرا، فقد تحولت الجماعة الى شريك فى الحكم بعد سيطرتهم على المؤسسات الدينية جمعياتها الشرعية وكتاتيبها مساجدها وزواياها، والتعليمية بالسيطرة على التعليم الخاص والاقتصادية بالسيطرة على عدة سلع منها الاجهزة الإلكترونية والكهربائية والغذائية وماخفي كان أعظم هو ما خصصت له الدولة جهازا مهما اسمة جهاز حصر أموال الإخوان يعمل منذ 5 سنوات ولم ينته حتى الآن من من حصرها لضخامة هذه الأموال وتعدد أوجهها.وفي عهد الرئيس مبارك، دخل الإخوان كأول فصيل سياسي معارض للبرلمان، وفي الوقت الذي كانت تمنع فيه صور وخطب الزعيم جمال عبدالناصر من التداول، كانت تعقد مؤتمرات الإخوان فى كل مكان وتحت شعارهم "الإسلام هو الحل"، في الشوارع والجامعات والنقابات، ودخل أبناء الإخوان النيابة وكليات الشرطة، وكل ذلك وكل هؤلاء ظهروا بانتمائهم للجماعة بعد توليهم للسلطة وكانت أيضا نهاية الرئيس مبارك في السلطة لا تختلف عن سابقية بين ملك مخلوع ورئيس مقتول وآخر تنحى بعد ثورة شعبية.لعب الإخوان أيضا فيها دورا خفيا ما زالت أحداثها تتكشف كل يوم من إحراق لأقسام الشرطة واقتحام السجون إلى تضليل الرأي العام باحداث وفبركات صدرتها قناة الجزيرة القطرية، لتستمر لعنة الإخوان مع كل من وثق فيهم أو راهن عليهم.