رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى مكتبة خالد بن الوليد بـ«الكيت كات»‏




بدعوة كريمة من الإدارة المركزية للمرأة بالهيئة العامة لقصور الثقافة كان اللقاء مع سيدات وفتيات مصريات، وكان الحوار والنقاش فى مكتبة خالد بن الوليد بميدان الكيت كات بإمبابة فى الدور ‏الثالث وفى القاعة المجهزة للندوات جلسنا معا. جاءت الفتيات والسيدات ومعهن الأطفال من البنين والبنات.‏
تزاحمت فى رأسى الأفكار عما نتكلم، ها هى المرأة المصرية وفى عينيها أسئلة كثيرة متلاحقة حول الأعباء التى تتحملها، سواء فى العمل أو فى البيت فى تربية الأبناء فى عصر التكنولوجيا ‏ومواقع التواصل الاجتماعى ومحطات الفضائيات المليئة بالبرامج والمسلسلات والإعلانات، غير الأسئلة الخاصة بغلاء الأسعار وتربية النشء التى تبدأ من الأم الملتصقة بوليدها منذ خروجه إلى هذه ‏الدنيا وحتى يصبح شابا يافعا أو شابة عليهما أن يواجها المجتمع ويشقا طريقهما فى الحياة لبناء الأسرة معا ومن هذه الأسر تكون مجتمعنا الكبير. كيف نعد هذه الأسرة، الرجل والمرأة والطفل، التى ‏فى استقرارها استقرار للدولة، بينما تفككها يعنى تفكك الدولة والمجتمع مع زيادة معدلات الطلاق والانفصال، ويؤثر ذلك على زيادة ظاهرة أطفال بلا مأوى.‏
ودار النقاش حول عدد من القضايا المهمة، التى تثبت أن سيدات مصر يتحملن الكثير من الجهد والوقت والعمل الدءوب والمعاناة خارج المنزل وداخله. وهنا يقفز السؤال عن دور الدولة الكبير فى ‏إعداد المرأة، وما الذى توفره لها من أجل تمكينها من أداء ما عليها من واجبات وأعباء كثيرة، وذلك حقها الذى نص عليه الدستور فى المادة (١١) «تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، ‏وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا».‏
وتناول الحديث عددًا من المحاور حول دور المرأة فى غرس القيم والأخلاق الحميدة لأبنائها وبناتها من الصغر، قيم التسامح والمواطنة وعدم التمييز أو التفرقة على أساس النوع «ذكرا أو أنثى» أو ‏على أساس الديانة «فالدين لله والوطن للجميع» أو التمييز على أساس الوضع الاجتماعى أو الجغرافى.‏
كما تناول الحوار التركيز على غرس قيم قبول الآخر مع دمج ذوى الاحتياجات الخاصة فى المجتمع فى كل المؤسسات والمجالات بتوفير البيئة الملائمة لهم لتسهيل تحركاتهم وانتقالاتهم فى وسائل ‏النقل والمواصلات وعلى الأرصفة، هذا غير تنفيذ وتفعيل قانون إلزام جميع المؤسسات والشركات الحكومية وغير الحكومية بتعيين ٥٪ من العاملين فيها من ذوى الاحتياجات الخاصة.‏
وطال الحوار ما تعانى منه معظم الأسر المصرية من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، ودار النقاش حول دور الدولة فى توفير فرص العمل وزيادة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وزيادة ‏الحد الأدنى للأجور لتلبية الاحتياجات الضرورية للأسرة المصرية ودورها أيضا فى الرقابة على الأسواق وحماية المستهلك. أما بالنسبة للمواطنين فكان هناك العديد من المقترحات، منها عدم التكالب ‏على السلع التى يرفع سعرها التجار بل مقاطعة السلعة حتى يتم تخفيض سعرها، هذا بجانب أهمية مواجهة ثقافة القيم الاستهلاكية التى انتشرت بشراهة فى المجتمع على حساب قيم الادخار ‏والاستثمار.‏
ومن أهم ما جاء فى الحديث السؤال الذى سألته سيدة فاضلة، وهو سؤال يؤرقنا جميعا، وكان السؤال عن كيفية تربية الأبناء والبنات فى سن المراهقة وكيفية غرس القيم والأخلاق من الصدق ‏والأمانة وعدم الغش وقيمة العمل والكسب الحلال وسط الإعلام الذى لا يهتم بالتوعية الثقافية إلا بنسبة لا تذكر، بل يهتم بعرض مسلسلات تنشر قيم العنف والبلطجة والفهلوة والنصب والكذب والنفاق ‏و«اللى تلعب به إغلب به» أين القيم والأخلاق؟ أين القدوة التى يقتدى بها أولادنا وبناتنا؟. واتفقت كل الحاضرات والحاضرين على عدد من المهام التى يجب أن تقوم بها الدولة وعدد من التوصيات، ‏منها دور وسائل الإعلام فى زيادة جرعة البرامج التثقيفية والتوعوية للأسرة ودور الدولة فى إنتاج مسلسلات وأفلام تتعرض لحياتنا بواقعية وتكرس قيم وعادات المجتمع الأصيلة وتتناول تاريخنا ‏وحضارتنا وعلماءنا وأعلامنا فى مجالات الفنون والآداب والعلم.‏
وطبعا يا سادة يا كرام علينا أن نعرف أن ٩٠٪ من الحضور، خاصة الأجيال الجديدة لا يعرفون الرواد والرائدات الأوائل، بل لم يسمعوا عن عالمة الذرة المصرية سميرة موسى، التى اغتيلت فى ‏منتصف القرن الماضى فى الولايات المتحدة الأمريكية. بل لم يعرفوا الدور النضالى، الذى قامت به هدى شعراوى فى الدفاع عن حقوق المرأة المصرية فى الترشح والانتخاب والتعليم ودورها فى ‏إنشاء الاتحاد النسائى المصرى والعربى.‏
وإننى أتساءل: إذا كانت الدولة تقوم بدورها فى مواجهة الإرهاب ويتساقط الشهداء من أبناء الشعب المصرى فى الجيش والشرطة.. أين دور الدولة فى مواجهة الأفكار المتطرفة والمتشددة التى ‏تقود للعنف والإرهاب؟.. هذا الدور يتطلب استراتيجية تنويرية تثقيفية تتعاون فى وضعها المؤسسات والوزارات المعنية «التربية والتعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة والثقافة وهيئة الكتاب ‏والهيئة العامة لقصور الثقافة ومراكز النيل بالهيئة العامة للاستعلامات ومراكز الفنون والإبداع من مسرح وسينما وموسيقى وغناء وفنون تشكيلية، وهيئات الصحافة والإعلام» مع الأحزاب والنقابات ‏والجمعيات الأهلية والمراكز الثقافية وكل منظمات المجتمع المدنى.. وبعد وضع الخطة لا بد من متابعة تنفيذ وتفعيل هذه الخطة بكل سرعة وجدية.. كل التحية لإدارة المرأة بالهيئة العامة لقصور ‏الثقافة وتعاونها مع المدارس والجامعات والمكتبات العامة والجمعيات الأهلية والمحليات فى المدن والقرى والأحياء للنهوض بالمرأة المصرية.‏