رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دور الأم فى غرس قيم المواطنة والتسامح


‏«مصر مهد الدين وراية مجد الأديان السماوية، فى أرضها شب كليم الله موسى عليه السلام، وتجلى له النور الإلهى وتنزلت عليه الرسالة فى طور سنين، وعلى أرضها احتضن المصريون السيدة ‏العذراء ووليدها، ثم قدموا آلاف الشهداء دفاعا عن كنيسة السيد المسيح عليه السلام. وحين بعث خاتم المرسلين محمد، عليه الصلاة والسلام، للناس كافة ليتمم مكارم الأخلاق انفتحت قلوبنا وعقولنا ‏لنور الإسلام، فكنا خير أجناد الأرض جهادا فى سبيل الله ونشرنا رسالة الحق وعلوم الدين فى العالمين. هذه مصر، وطن نعيش فيه ويعيش فينا».‏
كل العبارات السابقة وردت فى مقدمة الدستور المصرى، الذى أجمع عليه الشعب فى يناير ٢٠١٤. جاءت لتؤكد على التسامح والسلام بين البشر جميعا دون تمييز، والذى أكدت عليه المادة ٥٣ من ‏الدستور فى باب الحقوق والحريات والواجبات العامة. وإذا انتقلنا إلى المادة العاشرة من الدستور «الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها ‏وترسيخ قيمها». إذن المجتمع الكبير هو مجموع هذه الأسر، والأسرة هى الخلية الأولى إذا سلمت سلم الجسد كله، وإذا بنيت بناء قويا ثقافيا ودينيا وعلميا ووطنيا وصحيا أصبح المجتمع كالبنيان ‏المرصوص يشد بعضه بعضا، وأصبحت الدولة حائط صد للتحديات والأزمات التى تحيط ببلدنا على المستوى المحلى والإقليمى والدولى وخاصة مخططات الدول الرأسمالية المتوحشة الكبرى، ‏وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التى تعمل على ترسيخ تبعية الدول العربية لها عن طريق تقسيمها وتفتيتها إلى دويلات صغرى يسهل استغلالها ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد، والذى ‏تعتمد على تأجيج التناحر بين الأعراق والأديان والطوائف فى تنفيذه معتمدة على الجماعات التى تتبنى الأفكار المتشددة والمتطرفة والتى تحرض على الاقتتال بين أفراد الشعب الواحد.‏
من هنا لا بد أن نؤكد على أهمية التنشئة والتربية السليمة داخل الأسرة للبنين والبنات، تنشئة تقوم على بث قيم التسامح والمحبة والمساواة والاحترام وقبول الآخر، والصدق والأمانة وحب الوطن، ‏وتقوم على الأخلاق الحميدة وعلى عدم التمييز بين الولد والبنت منذ الصغر فى الحقوق والواجبات، تنشئة وتربية دينية سليمة تقوم على الفهم الصحيح للدين والإيمان بالرسالات السماوية والرسل ‏والأنبياء. تنشئة تقوم على عدم التمييز بين بنات وأبناء الأسرة مع الآخرين من الجيران والأهل وزملاء وزميلات المدرسة. تنشئة تقوم على أن الدين يجمع بين العقائد والعبادات والمعاملات. فالصدق ‏والأمانة والتسامح والاهتمام بالجار ومساعدة المحتاج هى المضمون الحقيقى للمعاملات فى كل الأديان.‏
قيمة الإنسان فى العطاء وإسعاد الآخرين. وإذا كانت الأسرة وفى القلب منها الأم هى التى تتفتح عينا الطفل عليها منذ اللحظات الأولى لولادته ويظل ملتصقا بها فى جميع مراحل حياته فلهذا عليها ‏دور كبير فى تنشئة وتربية الأبناء والبنات. أى أن للمرأة الدور الأساسى فى التربية. المرأة (الجدة والخالة والعمة والأخت والأم) لها التأثير الكبير فى بناء هذا المجتمع. وإذا كان «فاقد الشىء لا ‏يعطيه» فالاهتمام بالمرأة التى هى أساس الأسرة واجب والتزام على الدولة، مثلما نصت المادة ١١ من الدستور.‏