رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دريم: «كنت هروح فطيس لصورة في أسيوط» (المصوّراتي - 5)

لقطة لفتاتين من أسيوط
لقطة لفتاتين من أسيوط

«أكلة هنيّة تكفّى مية».. مثل شعبى يؤمن به أحمد مصطفى الشهير بـ«دريم»، لذا تجده دائمًا ما يقاسم الفلاحين وجباتهم الريفية البسيطة، وسط عيدان الذرة وأثناء حصاد القمح والكمون، أو حتى فى موسم جنى الرُّمان والبرتقال.

بداية «دريم»، البالغ من العمر 36 عامًا، والحاصل على بكالوريوس الزراعة، كانت فى مدينة دبى الإماراتية حيث عمل كمصور حر عام ٢٠٠٩، مستخدمًا كاميرا «نيكون ٧٠٠٠»، لمدة ٤ سنوات، قبل أن ينتقل للعمل فى مؤسسة «ولاد البلد» عام ٢٠١٣.

«دريم» يهتم بصورة كبيرة بتوثيق المهن التراثية التى أوشكت على الاندثار فى الصعيد، وخاصة «المعمارية»، لذا شارك مع «ولاد البلد» فى حملة «عمارة البلد هوية لا تستحق الهدم»، واستطاع تصوير وتوثيق عدد كبير من البيوت ذات الطابع المعمارى المتميز.

«المقرقر» كانت من بين تلك المهن التراثية وهو الشخص المسئول عن تنظيف محصول القمح من الطين والحصى، بجانب صناعة الأقفاص والكليم العدوى، الذى ينسب إلى قرية «بنى عدى» التابعة لمركز «منفلوط» بأسيوط.

ونجح «دريم» فى أن يوثق الحياة بالصعيد، وفى القلب منها أسيوط، نظرًا لما تتمتع به المحافظة من آثار مهمة. يقول: «أسيوط من المحافظات اللّى فيها آثار فرعونية وقبطية وإسلامية كثيرة والحمد لله قدرت أوثّق عددًا كبيرًا منها».

فكرة أن تسير بسلاح فى شوارع الصعيد الجوّانى، أهون بكثير من أن تحمل كاميرا وتصوّر هناك، وهذه الأزمة يواجهها العديد من مصورى الصحف، وفق «دريم»، الذى يوضح: «فى الصعيد وخصوصًا فى قرى أسيوط الناس ممكن تتقبّل تشوفك بسلاح إنما كاميرا ده شىء غريب جدًا».

وجد «دريم» حلًا ولو «مؤقتًا» لاستكمال عمله: «الحل النزول إلى القرية أكثر من مرة عشان الناس تتعوّد تشوفنى، وتاخد عليّا وأوقات برضه بيكون عن طريق معارف بيسهلوا الدخول والتصوير فى الأماكن المطلوبة».

يضحك «دريم» عندما يتذكر مآسى عمله: «اترفع علىّ سلاح قبل كده وأنا بصوّر، وفى مرة حصل ضرب نار وأنا راجع من (المعابدة) وفضلنا نايمين تحت كراسى الميكروباص نص ساعة لغاية لمّا العيلتين بطلوا ضرب نار».

وكانت دراسته دافعًا كبيرًا لزيادة اهتمامه بالتصوير الزراعى، فيقول: «نشأتى فى الصعيد قرّبتنى من الناس والوشوش الطيبة، وخلانى أوثّق حياة الفلاح فى الغيط من (تفويس) الشامى والكراوية وجنى محصول القطن والطماطم والرمان والمانجو والكمون».

ويضيف: «صورى بتيجى من عفوية الناس فى الغيط اللى بستمد قوتى من عرقهم وكفاحهم، فهم أبطالى فى اللقطات المصوّرة، لأنهم ملح الأرض اللى بتتنفس بيهم».

زار «دريم» أكثر من ٢٠٠ قرية فى أسيوط مع الزميلة فاتن الخطيب، وألفا كتابًا اسمه «قرية أسيوطية» وثقا فيه مشاكل ١٠٠ قرية، وطُبع الكتاب ووزع منذ عامين.

وعن حكاياته مع لقطات الحصاد فى حقول الصعيد، يقول: «قبل موسم الحصاد لأى محصول بكون متابع مواعيدها مع الفلاحين أو المهندسين فى بعض الإدارات الزراعية، عشان كده تلاقى الصور طازة من الغيط مباشرة».

أما العائد المادى، فالتصوير الصحفى عائده ليس كبيرًا كما يرى البعض، وفق «دريم»، مضيفًا: «حبّنا للمجال خلانا نتغاضى عن حاجات كتير فى مسألة الفلوس، بس المعدات مش قادرين نطورها لارتفاع الأسعار، على أمل أنه فى يوم ممكن الوضع يتغير ويكون فيه اهتمام أكثر بالمصوّر الصحفى وده دور شعبة المصورين الصحفيين فى النقابة اللى بنتمنى تهتم بمصوريها فى الأقاليم من خلال دورات تدريبية ونصائح السلامة المهنية، لأننا شغالين فى ظروف صعبة تحتم علينا التسلح جيدًا».

مثل «دريم» الأعلى هو المصوّر الإيرانى الفرنسى عبّاس الذى توفى أبريل الماضى عن عمر ناهز ٧٤ عامًا: «حلمى أبقى زيه، فاكر لمّا جالنا معهد فؤاد الأزهرى وصوّرنا بنفسه وكانت دفعتنا محظوظة بواحد زى ده.. تفتكر هطلع زيّه؟ ممكن».