رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسن السحيمى.. حوار خاص مع أحد قادة تنظيم الفنية العسكرية

جريدة الدستور

كان معنا حسن السحيمى، أحد قادة تنظيم الفنية العسكرية، وهو أول تنظيم قام بمحاولة انقلاب عسكرى على خلفية جهادية يوم ١٩ أبريل عام ١٩٧٤.
لم ننسَ نحن هذا اليوم الذى قامت فيه هذه المجموعة من الشباب بمحاولة اقتحام كلية الفنية العسكرية، حيث كان السادات وقيادات الدولة سيحضرون اجتماعًا للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى.

كانت الخطة تقضى بالسيطرة على الكلية وقتل قيادات الدولة، ومن ثم محاصرة مبنى التليفزيون والسيطرة على الدولة، وتم القبض على أعضاء التنظيم وعلى زعيمهم الأردنى الجنسية صالح سرية الذى حكم عليه بالإعدام هو والرجل الثانى كارم الأناضولى، وحكم على طلال الأنصارى بالسجن المؤبد هو والقائد السحيمى.
تعد جماعة الفنية العسكرية أول محاولة جماعية منظمة لتشكيل تنظيم يعتنق أفراده فكرة الجهاد ويهدف لقلب نظام الحكم، كما كانت هى أول جماعة تصطدم بالنظام الساداتى، وكان الجهاد هو المحدد الأساسى لأيديولوجيتها.
تمثلت قيادة الجماعة فى الدكتور صالح سرية الذى لعب دورًا محوريًا فى تشكيل أفكار هذا التنظيم من خلال رسالة الإيمان، وهو كتيب يقع فى ٦٠ صفحة، ويعتبر الوثيقة الفكرية الأساسية للجماعة، ولقد أصبحت الفنية العسكرية هى الجماعة الأولى، التى ترجمت فكرة الجهاد الإسلامى إلى رؤية سياسية واستراتيجية حركية، وظلت هى الأساس الذى تولدت عنه الجهاد الإسلامى بعد ذلك.
من خلال لقائنا مع أفراد هذا التنظيم فى سجن مزرعة طرة وجدنا أنهم يعادون الغرب عداءً شديدًا، كما أنهم يكفرون النظم الحاكمة ويرفضون الفلسفة الاشتراكية والرأسمالية ويطرحون الإسلام بديلًا، ويجعلون القضية الفلسطينية هى القضية المحورية، التى يدور بها الصراع مع الأنظمة الحاكمة.
صالح سرية مؤسس التنظيم هو أحد أفراد الإخوان المسلمين بالعراق، وقد حاول هناك أن يقلب نظام الحكم ففشل وهرب لسوريا ومنها للأردن، حيث اقترب من حزب التحرير الإسلامى، ثم انتقل إلى مصر، حيث ضم طلال الأنصارى واستطاع أن يشكل ثلاث مجموعات كان أحد قوادها حسن السحيمى الذى أصبح قائدًا لهم فى سجن طرة بعد أن أعدم سرية وكارم الأناضولى، وتحول طلال الأنصارى إلى فكر التكفير داخل المعتقل بعد أن خفف عليه حكم الإعدام.
السحيمى هو المأمور الحقيقى للسجن فقد كان يتمتع بحرية توصله إلى البوابة الرئيسية، وكانت كلمته مسموعة لكل المسجونين، كان يقول:
«أنا المسئول الحقيقى عنكم فى هذا السجن فقد قال لى صفوت عبدالغنى خلى بالك من الإخوة الذين يعتقلون هنا».
كان يقول ذلك بفخر، نظرًا لأنه يعتبر نفسه الوالد الحقيقى لكل الحركات الجهادية.
ونحن نستند إلى ظهر جدار عنبر التحقيقات فى المزرعة كان لى هذا الحوار معه:
«قل لى يا مولانا إيه الحرية اللى إنت واخدها دى؟!».
«حرية إيه يا بنى هو فيه أحلى من الحرية اللى بره، وبعدين ما هو لازم يعملوا معايا كده».
«ليه؟!».
«أقولك ليه، أولًا لأننى تأخرت قوى فى السجن، وثانيًا لأنهم واثقون فى قوى وعارفين إن حسن السحيمى راجل كويس، تصدق بالله أنا مرة كنت رايح أمتحن وعربية الترحيلات عملت حادثة والضابط أصيب والباب اتفتح علىّ، رحت أنا وقفت جنب الضابط، واتصلنا مع بعض بالإسعاف».
«إنت من بيت السحيمى بتوع زمان؟»
«أنا من بيت السحيمى بتوع إسكندرية، وعائلتنا مشهورة جدًا، وإخواتى لهم اسم معروف هناك.. بس تصدق إخوتى كتير جدًا وأنا دلوقتى معرفش عددهم كام».
«هل التقيت الشيخ صالح سرية؟».
«أمال التقيت بك؟!».
وضحك السحيمى، وقال:
«التقيت به وكانت رسالة الإيمان من أول الأشياء اللى قرأتها».
«هل هى كتاب فى العقيدة؟».
«ممكن نعتبرها رسالة فى العقيدة أو الفكر فهى تتحدث عن الإيمان بالله والجهاد فى سبيل الله والموالاة».
«يعنى إيه الموالاة؟!».
«يعنى لا يجوز موالاة الطواغيت والظلمة».
«وبعدين».
«وبعدين النقطة الأهم هى أنه من مات دفاعًا عن دولة كافرة فهو كافر وأن كل القوانين كفرية ما دامت لا توافق الشريعة».
«وبعدين؟».
«وبعدين خلاص».
«يعنى يا مولانا أقصد الحل إيه؟».
«إحنا كنا بنؤمن بأن العمل الحزبى إذا كان سيوصلنا لحكم الدولة نقوله ماشى».
«الجماعة الإسلامية لا تؤمن بالعمل الحزبى».
«نتكلم على موضوع الجماعة فى الآخر».
«ماشى يا مولانا».
«نرجع إلى موضوعنا إحنا كنا عاوزين نقتحم اجتماع اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى زى ما أنتم عارفين ومش عاوزين نحكى الكلام ده تانى، لكن إحنا ساعتها كانت المشكلة عندنا هى الضباط والعساكر فأخذنا نقيدهم ونربطهم، واستطاع أحد الضباط أن يبلغ عنا، ولو كنا نعرف ساعتها بحث الطائفة الممتنعة بتاع الجماعة الإسلامية الذى يجيز قتلهم لكنا فعلنا وحققنا مرادنا».
ابتسمت قائلًا له:
«يبقى الجماعة صح؟!».
«إحنا غلط والجماعة كمان غلط، فيه حاجات كثيرة تحتاج مراجعات، وإحنا أرسلنا لقياداتها مجموعة من الشرائط المسجلة، وتحاورنا معهم فى قضايا كثيرة عن طريق الشرائط ولكن منفعش معاهم حاجة.. يا راجل معقول ناس زى كده يدخلوا الخباءات والخلوة الشرعية مع زوجاتهم ويضحكوا عليهم المخبرين والعساكر دا كلام!».
«يا مولانا إيه اللى ينفع بالضبط؟».
«أنا أشعر أنى زعلتكم، ولكن هى نصيحة وبراحتكم، الثورة والانقلابات والمواجهات لا تنفع يا إخوانى، سعد زغلول عمل الثورة ولما نفوه الشعب قال له باى باى يا سعد».
«يعنى إحنا غلط؟!».
«باى باى يا سعد».