رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحلم المستحيل».. كوارث فى طريق ميسى للوصول إلى «عرش مارادونا»

ميسي
ميسي

بعد البرازيل، وألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا، يأتى الدور للحديث عن المنتخب الأرجنتينى، ضمن المرشحين الستة للفوز بمونديال موسكو ٢٠١٨.

وعندما تنظر إلى قائمة «راقصى التانجو»، التى أعلنها خورخى سامباولى، المدير الفنى للفريق، قبل أيام، يثور تساؤل: لماذا يعد هذا الفريق من بين المرشحين؟.. هل لأنها بلاد مارادونا، لذا تبقى مرشحة فى أى وقت؟ أم لأن ليونيل ميسى يلعب وسط هؤلاء اللاعبين المتواضعين؟.
وعند الإجابة عن هذه التساؤلات، ستجد نفسك أمام فريق سيواجه صعوبات كبيرة فى البطولة بوجه عام، تجعل تتويجه بالبطولة الأهم عالميًا، ضربًا من الخيال، ما يصعب من مهمة ميسى فى الوصول إلى «عرش» مارادونا وإنجازه الكبير فى مونديال ٨٦.

أسماء متواضعة فى الدفاع والوسط.. لاعبون بأداء أقل من المتوسط.. وتميز فى الهجوم
فى الحلقات الأربع الأولى، وخلال استعراض قوائم منتخبات البرازيل، وألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا، كنا أمام أسماء مرعبة فى كرة القدم، تشكيلات مخيفة، ودكة بدلاء جبارة، حتى الأسماء التى تم استبعادها من القوائم النهائية للمنتخبات كانت تلعب لكبرى أندية العالم، وتقدم مستويات رائعة، تؤهلها لقيادة فرقها فى أهم بطولات العالم.
لكن، عندما يأتى الدور للحديث عن الأرجنتين، كخامس المرشحين للفوز باللقب، وبعد النظر إلى الأسماء التى شملتها قائمة «منتخب التانجو»، تجد تباينا كبيرا عند مقارنته بالمنتخبات السابقة، فحتى فكرة الوصول إلى تشكيل مكون من ١١ لاعبًا من أصحاب الأداء المتوسط على أقصى تقدير غير متاحة.
ويمكن القول إننا أمام مجموعة كبيرة من اللاعبين المجهولين والمتواضعين، الذين يلعبون لأندية صغيرة، سواء فى أوروبا أو فى الدوريات اللاتينية، بالإضافة إلى أسماء كبيرة انتهت أدوارها فعليًا، لتقدم أعمارها، مثل ماسكيرانو.
فعلى سبيل المثال، تضم قائمة خط دفاع الفريق أسماء مثل: «راميرو فونيس مورى، وماركوس روخو، ونيكولاس أوتامندى، وجابريال مركادو، وفيديريكو فازيو، ونيكولاس تاجلافيكو، وإدواردو سالفيو، وماركوس أكونيا، وكريستيان أنسالدى، وخافيير ماسكيرانو، وجيرمان بيتسيلا».
وعند النظر إلى هذه الأسماء، وباستثناء أوتامندى، نجم مانشستر سيتى، و«ماسكيرانو» -الذى لم يعد بكامل قوته- يمكن القول إنه لا أحد من بين هؤلاء يُعد بين نجوم الصف الأول فى لاعبى خط الدفاع فى العالم، فجميعهم أسماء عادية، وأدوارهم فى أنديتهم مجرد أدوار نمطية، وليس من بينهم أعمدة رئيسية، تعتمد عليها الفرق الكبرى.

ومن بين هذه الأسماء، لن نجد قلب دفاع من طراز فريد، على طريقة راموس وبيكيه فى إسبانيا، أو هوميلز وبواتينج فى ألمانيا، أو أومتيتى وفاران فى فرنسا، فثمة فوارق كبيرة بين هذه الأسماء وقوتها وأدوارها، مقارنة بنظرائهم من رفاق ميسى.

أما عند النظر إلى طرفى الملعب الدفاعيين اللذين يتكونان من: أكونيا فى اليسار، وميركادو فى اليمين، وعند مقارنتهما بأسماء مثل: ألبا وكارفخال، وحتى بديله سيرجو روبيرتو فى إسبانيا، ومارسيلو ودانيلو الذى حل بديلًا لألفيش فى البرازيل، وميندى وسيدبيه أو هافارد فى فرنسا، وكميتيش وجوناس هيكتور فى ألمانيا، نلاحظ أننا أمام ظهيرى جانب لا يمكنهما الوقوف على قدم المساواة مع نظرائهم فى المرشحين الأوائل للفوز باللقب، ودون مبالغة، يمكننا القول: مسكين ليونيل ميسى لأن هذا هو خط دفاع فريقه.
أما فى وسط الملعب، فتضم القائمة كلا من: بيليا، وبانيجا، وباريديس، وإنيزو بيريز، ولانزينى، وبافون، وماكسيميليانو، وسنتورين، لذا فإن أول تساؤل قد يتبادر إلى ذهن من يقرأ هذه الأسماء هو: كيف يكون هذا خط وسط فريق مرشح للفوز بالمونديال؟».
الحقيقة أنه لا أحد يعرف هذه الأسماء، ومن يعرف بعضها، يتأكد أن أفضلهم وهو بيليا، الذى أصبح مؤخرا يعانى أثناء لعبه فى صفوف الميلان الإيطالى، أما ثانيهم فى المستوى وهو بانيجا، فهو مجرد لاعب غير متميز فى صفوف إشبيلية الإسبانى، وكلاهما يعد محور ارتكاز أساسًيا مع المنتخب الأرجنتينى.
وبينما تعتمد المنتخبات الأربعة الكبرى على خطوط وسط، يلعب معظمهم فى برشلونة ومدريد والأربعة الكبار فى إنجلترا، وبايرن ميونخ، وباريس سان جيرمان، أى فى أفضل ٨ أندية بالعالم، فإن ميسى المسكين أصبح ضحية الأقدار، لأنه يلعب إلى رفقة هؤلاء، بعد أن رفض ذات يوم أن يدافع عن ألوان العلم الإسبانى، إلى جوار أسماء مثل: إنييستا وتشافى وفيا وبيول وبيكيه وراموس وألبا وبيدور وسيلفا.
أما عن الأسماء المهمة والنجوم اللامعة فى المنتخب الأرجنتينى، فلسوء حظ ميسى وسامباولى، فجميعهم يلعبون فى مركز واحد، هو مركز المهاجم الصريح.
لكن وجود أجويرو، مع هيجواين، وإيكاردى فى صفوف المنتخب، لن تكون له جدوى كبيرة، إذ سيعتمد المدرب على مهاجم واحد فقط منهم، يلعب إلى جوار ميسى، مع وضع آخر على الدكة كبديل، بينما سيبقى القوام الأساسى للفريق فى خطوط الوسط والدفاع خاويًا.

المدير الفنى يعانى من التخبط التكتيكى.. وثنائية «ميسى- ديبالا» ضرورة لصناعة الإنجاز
رغم تدنى أسماء المنتخب الأرجنتينى مقارنة بمنتخبات الكبار، إلا أن الفريق الأرجنتينى يدخل هذه البطولة مجردًا من الضغوط الكبيرة، التى تطارده وتصاحبه فى كل بطولة، ربما للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.
فرفاق ليونيل ميسى صعدوا إلى مونديال موسكو بشق الأنفس، لذا لا يعدون من بين المرشحين الأقوياء للظفر بهذا اللقب، وإن كان هناك شىء يجعلهم فى قائمة المراهنات والتوقعات، فهذا لأن بينهم النجم ميسى فقط.
فكرة الصعود للمونديال بصعوبة تجعل من وداع الفريق للبطولة قبل الأدوار النهائية أمرًا منطقيًا، بينما يعد وصوله للمربع الذهبى إنجازا كبيرا، ومن هنا قد تتبدل المواقف وتتغير المعطيات لدى اللاعبين، الذين تجردوا بعض الشىء من الضغوط الكبيرة، التى يخوضون بها البطولات فى كل مرة. إذًا فيما يتعلق بالعامل النفسى والمعنوى، فإن الأمر سيكون فى صالح «راقصى» التانجو هذه المرة.
أما فيما يتعلق بطريقة اللعب، فيبدو أن الفريق تحت قيادة سامباولى يتخبط تكتيكيا بشكل كبير، فتارة يلعب بـ«٣٤٣» وأخرى بـ «٤ ٢ ٣ ١»، وغيرهما من الطرق التى لم تأت بالاستقرار الفنى للفريق، وكانت نتائجها مخيبة، وكان آخرها الخسارة من نيجيريا ٤٢ ومن إسبانيا بفضيحة ٦١.
عندما ينتهج سامباولى طريقته الأولى يواجه مشكلات كبيرة فى الكثافة العددية هجوميًا، وهو ما يضطر لاعبى الطرف ميركادو وأكونيا للتقدم بشكل كبير لتقديم الدعم، ما يولد خلفهما مساحات كبيرة، فتتولد الأزمة الدفاعية إلى جوار العجز الهجومى، لذا دائمًا ما تكون النتائج مخيبة فى ظل هذا الشكل الخططى.
أما فى طريقة «٤٢٣١»، فيكون الفريق أكثر اتزانًا دفاعيًا وفعالية هجومية، فوجود ٤ مدافعين بشكل دائم يغلق المساحات، بينما وجود ٣ صناع لعب، يصبحون ٤ بتقدم بانيجا خلف مهاجم صريح، يمنح الفريق الكثافة العددية المطلوبة فى المناطق الأمامية، ما يعطيه قدرة أكبر على توليد الحلول وفرص التهديف.
ومن أزمات سامباولى الكبيرة إصراره على خيار دى ماريا، رغم تراجع مستوى اللاعب بشكل كبير، وغياب تأثيره فى المناطق الهجومية، بعدما بدا قليل المراوغات، وتراجعت تسديداته وكراته العرضية، ولم يعد يمتلك الجهد البدنى الكبير الذى يمكنه من أداء الأدوار المزدوجة بين الهجوم والدفاع، لذلك فإن بيروتى جناح روما المتألق فى الفترة الأخيرة لا بد أن يدخل الحسابات فى هذا المركز.
ومن عجائب سامباولى تصريحه الدائم بأن ميسى وديبالا لا يجتمعان ولا يمكن أن يشاركا معًا فى تشكيلة واحدة، أين الحلول، أين المرونة، أين الأفكار إذًا؟
إذا فكر سامباولى بعناية، وبحث عن طريقة يستفيد بها من ثنائية ميسى - ديبالا فإنه قادر على صناعة تركيبة يصعب لأى دفاع فى العالم توقيفها.
يعرف الجميع أن ليونيل ميسى أبدع وأجاد كثيرًا حينما لعب فى مركز الجناح الأيمن، وسجل أهدافا تاريخية، ويمكن لسامباولى أن يبادل اللعب بين ميسى وديبالا فى مركزى الجناح وصناعة اللعب بعمق الملعب، وتكليفهما بتبادل الأدوار بينهما وعدم التقيد بالتواجد فى مركز واحد من الاثنين بشكل دائم وهنا يستطيع ميسى وديبالا إرباك أى خصم بهذه الطريقة.

ويمكن لـ«سامباولى» الاعتماد على الاكتفاء بهذه الثنائية خلف مهاجم واحد هو أجويرو أو هيجوايين، وزيادة عدد لاعبى وسط الملعب بلاعب ثالث يقوم بالأدوار الدفاعية ومنح الفريق القدرة على دفاع منظم دائمًا بـ ٧ لاعبين لقتل فرص الهجوم المرتد على الخصوم.
كما أن المدرب الأرجنتينى بإمكانه الاعتماد على «الليو» فى مركز المهاجم الوهمى خلف لاعبين هما ديبالا وبيروتى أو دى ماريا على سبيل المثال، وهنا يستطيع إيجاد تكوينة تضم الثنائى.

النجاة من فرنسا وإسبانيا تؤدى إلى البرازيل فى نصف النهائى
فيما يتعلق بمشوار البطولة، فإن الأرجنتين تسعى لخطف الصدارة فى مجموعة تضم كرواتيا، وأيسلندا ونيجيريا، ورغم أنها تبدو سهلة للجميع إلا أن الواقع غير ذلك.
المنتخب الكرواتى يمتلك مجموعة من اللاعبين لا تقل أبدًا عن نظيرتها فى الأرجنتين وربما تكون أقوى جماعيًا، كما أن المنتخب النيجيرى يقدم أداءً قويًا ونجح فى التغلب على الأرجنتين ذاتها مؤخرًا فى إحدى المباريات الودية.
وإذا نجح المنتخب الأرجنتينى فى الصعود بالمركز الأول سينجو من مواجهة فرنسا بالدور الثانى وسيلتقى ثانى المجموعة الثالثة الذى سيكون واحدًا من الدانمارك وبيرو.
لكن نجاته من مواجهة فرنسا إذا صعد عبر الصدارة، لن تعفيه من مواجهة نارية بالدور ربع النهائى، إذ ستكون إسبانيا فى الانتظار، التى من المفترض أن تكون المحطة الأخيرة لـ«راقصى التانجو» فى البطولة، بسبب وجود فوارق كبيرة بين التشكيلتين.
وفى حال تحققت المعجزة وتخطى الأرجنتين المنتخب الإسبانى سيكون بانتظاره المنتخب البرازيلى فى قبل النهائى.