رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"التحطيب".. فن فرعوني يزين ليالي الأقصر في رمضان

جريدة الدستور

"عصى تلوح في الأفق، تحدث أصواتا مميزة يعرفها أهالي الأقصر، ورقصات تعلو وتهبط على إيقاع الضربات، المصاحب لمزامير العازف، التي يتجمع لها المحبين من كل حدب وصوب لاسيما في ليالي شهر رمضان، خاصة في قرى الأقصر ونجوعها.

يقيم مواطني الأقصر حلقات التحطيب يوميا، حيث يتجمع محبي تلك الرياضة من المسنين والشباب الراغبين في تعلمها عقب الانتهاء من صلاة التراويح، أمام ديوان كل عائلة، ويتنافس المتبارين في استعراض مهاراتهم في السيطرة علي العصا، والتلويح بها يمينًا ويسارًا وتحقيق نقاط للتغلب على المنافس الآخر.

وتعد ممارسة رياضة التحطيب من أقدم الرياضيات المتوارثة من المصريين القدماء حيث سجلت جدران المعابد الآثرية تاريخ المصريين القدماء مع تلك اللعبة التي أسسوا قواعدها منذ نحو 7000 عامًا، فرياضة التحطيب تعد رياضة استعراضية في المقام الأول، وتكشف عن مدي صلابة عضلات اللاعب، ومدي قدرته علي تطويع العصا.

فالمتنافسان يقفان في شكل دائري ويمسك كل منهم بالعصا وهو يلفها فوق رأسه ورأس خصمه بمسافات معينة، بحيث يكون قادرا على تغطية كامل الجسم عند التعرض للضرب من قبل الخصم وهجوميا مرة أخرى، والضرب هنا ليس ضربا حقيقيا، وإنما هو ملامسة العصا للخصم، وقبل أن يتحول التنافس إلى عداء ومشاحنات يقوم اثنان آخران باستلام العصا من كلا الاثنين وتعاد الكرة مرة أخرى.

واللعب بالعصا له أصول قديمة تمتد حتى مصر القديمة الفرعونية، فلقد ظهرت هذه الرياضة كمبارزة بالعصا وكرياضة خشنة للشجعان، كما أن العصا المستخدمة في التحطيب ليست عصي عدوان، فهي رياضه لها أخلاقيات، ورغم اعتمادها على الهجوم والدفاع وفكرتها القتالية، إلا أنها تدعو إلى التسامح والإخاء كما أنها تعبر عن كرامة ابن الصعيد وشهامته.

ويلتف الأهالي حول حلقات التحطيب التي لا يغيب عازفو المزمار والطبل عنها، وعلى إيقاعاتها يبدأ المتنافسان معركتهما الاستعراضية، وعقب تحقيق الفوز يتباهي الفائز بتغلبه على الخصم من خلال التلويح بعصاه في الهواء ليعلن انتصاره.

وتجذب حلقات التحطيب الكثيرين من الشباب والأطفال الذين يسعون إلي تعلم تلك الرياضة واكتساب مهاراتها منذ سن صغيرة، وذلك بهدف أحياء تلك اللعبة والحفاظ عليها من الإندثار.