رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار سقوط عصابة «مجمع التحرير» لتزوير عقود العمل فى الخارج

جريدة الدستور

- المتهم الرئيسى صاحب شركة استيراد.. وقلد شعار الجمهورية وخاتم إدارة فى «القوى العاملة»

تنظر محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، قضية اتهام صاحب شركة استيراد وتصدير، بتزوير أوراق وعقود رسمية للسفر إلى الخارج، وبيعها فى «مجمع التحرير» مقابل مبالغ مالية، والتى تحمل رقم «٢٣٤٨- ٢٧٠ لسنة ٢٠١٧ - جنايات قصر النيل».

ووجهت النيابة للمتهم «إكرامى. ع. ح»، ٣٥ سنة، صاحب شركة استيراد وتصدير، عدة اتهامات، من بينها تقليد خاتمين حكوميين بواسطة الغير، وهما خاتم شعار الجمهورية، والخاتم الكودى الخاص بوزارة القوى العاملة والهجرة «الإدارة العامة للاستخدام الخارجى».

٥ آلاف جنيه مقابل العقد.. و«حيلة سينمائية» وراء سقوط المجرم الأساسى
وفقًا لأوراق القضية التى حصلت عليها «الدستور» فإن المتهم استعمل الخاتمين بأن مهر بهما العقود موضوع الاتهامات، واشترك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع آخر «مجهول» فى ارتكاب تزوير فى محررات رسمية «عقود عمل»، التى أثبتت صحتها من نتيجة فحص تقرير الطب الشرعى «إدارة أبحاث التزييف والتزوير» المرفق بالأوراق، والمنسوب صدورها لإحدى الشركات بدولة السودان، وممهورة بأختام عرفية مزورة.
واتفق المتهم مع شريكه «المجهول» على تزوير عقود العمل، وأمده بالبيانات اللازمة، واصطنعها «المجهول» على غرار المحررات الصحيحة التى تقدم لتلك الجهة ومهرهما بأختام مقلدة، وتوقيعات عزاها للموظفين المختصين.
واستغل المتهم كثافة العمل لدى الموظف المختص بخاتم تصديق مكتب تصديقات أحمد عرابى التابع لوزارة الخارجية، وكذلك الموظفون المختصون بخاتم شعار الجمهورية بالإدارة العامة للاستخدام الخارجى بوزارة القوى العاملة والهجرة، وقدم لهم تلك العقود عقب مهرها بالأختام العرفية المزورة المنسوبة لدولة السودان، فمهروها بأختامهم الصحيحة وذيلها بتوقيعات سليمة.

واستمعت النيابة إلى أقوال كريم عمادالدين عبدالرحمن، نقيب شرطة بإدارة البحث الجنائى، الذى ذكر أنه أثناء وجوده بمقر عمله فى «مجمع التحرير»، وردت إليه معلومة من أحد مصادره السرية، عن وجود المتهم فى إدارة الجوازات لبيع عقود عمل مزورة منسوبة لدولة السودان، بجانب التصاريح الأمنية اللازمة لذلك، حتى يستطيع من يشتريها التحصل على أذون السفر إلى هناك.

توجه نقيب الشرطة لمكان وجود المتهم، ورافقه محمد كمال الدين محمد، ضابط بمباحث الجوازات والهجرة والجنسية، وشاهد المتهم أمام إحدى نوافذ التعامل مع الجمهور، رفقة أحد المواطنين، فتوجه إليه وطلب منه شراء عقد عمل للسفر إلى دولة السودان.
اصطحب المتهم، الضابط، بعيدًا عن نوافذ التعامل مع الجمهور، وأخرج له عقد عمل مزورًا منسوبًا صدوره لإحدى الشركات فى السودان، وفارغ البيانات من حيث الطرف الثانى «العامل»، وممهورًا بعدة أختام منسوبة لجهات حكومية هناك، بجانب خاتم سفارة السودان فى القاهرة، وخاتم مكتب تصديقات أحمد عرابى.
وطلب المتهم ٥ آلاف جنيه مقابل شراء العقد، فأعطى النقيب إشارة للضابط «محمد كمال الدين»، الذى ضبط المتهم والحقيبة حوزته، وبتفتيشها عُثر بداخلها على عدد من عقود العمل المزورة المنسوبة للسودان، وبعضها خالى البيانات من الطرف الثانى، وجميعها ممهور بأختام مصطنعة لجهات حكومية بالسودان وخاتم مكتب تصديقات أحمد عرابى.
وبمواجهة المتهم بما أسفر عنه الضبط والتفتيش، أقر بإحرازه تلك العقود بقصد بيعها للمترددين على مصلحة الجوازات.
واستمعت النيابة إلى أقوال مصطفى أحمد سيد رائد، كيميائى فى الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، الذى قال إنه بفحصه العقود المضبوطة حوزة المتهم بقسم البحوث الفنية بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، تبين له أن كل العقود ممهورة بخاتم منسوب لإحدى الشركات فى السودان، وتعذر تحديد مدى تزويرها من عدمه.
وأوضح أن العقود ممهورة أيضًا بأختام لوزارتى العدل والخارجية فى السودان، ولسفارة السودان بالقاهرة، وجميعها مزورة باستخدام طابعة نفث حبر، كما أنها ممهورة بخاتم شعار الجمهورية الخاص بمكتب تصديقات أحمد عرابى وخاتم شعار الجمهورية منسوب لوزارة القوى العاملة والهجرة «صحيحة ماديًا».

استغلال ضغط العمل فى المكاتب الحكومية للحصول على الأختام الصحيحة
قال رفعت إمام سالم أحمد مصطفى، موظف فى الإدارة العامة للتمثيل والتشغيل بالخارج بوزارة القوى العاملة والهجرة، خلال استماع النيابة لأقواله، إنه المسئول عن خاتم شعار الجمهورية الخاص بالمكتب.
وأضاف: «الدورة المستندية الخاصة بمهر عقود العمل بخاتم وزارة القوى العاملة والهجرة تشترط ورود العقد كامل البيانات وممهورًا بخاتمى وزارتى الخارجية والعمل بالسودان، وكذا خاتم السفارة المصرية بالسودان، وخاتم وتوقيع المستشار العمالى المصرى بالسودان، وعقب فحص العقد يتم مهره بخاتم الإدارة، ليستطيع العامل استصدار تصريح العمل والتصريح الأمنى للسفر».
وقال أحمد محمد سيد شرف جودة، مدير مكتب تصديقات أحمد عرابى، إنه المسئول عن خاتم شعار الجمهورية الخاص بالمكتب، موضحًا أن الإجراءات المتبعة لمهر مثل المستندات المضبوطة بخاتم مكتب التصديقات هى ورود المستند من صاحب الشأن ممهورًا بخاتم السفارة المصرية بالسودان، وتوقيع القنصل المصرى بالسودان، وملصقًا عليه طوابع البعثة المصرية لدولة السودان.
وأكد رامى رضا محمد قنديل، مقدم شرطة بمباحث الأموال العامة، أن تحرياته السرية توصلت لصحة واقعة ضبط المتهم على النحو الوارد بأقوال الضابطين كريم عماد الدين ومحمد كمال الدين، وأنه اشترك مع آخرين مجهولين فى تزوير واصطناع العقود المضبوطة والأختام المقلدة الممهورة بها.
وأشار إلى أن المتهم استغل حسن النية من موظفى مكتب تصديقات أحمد عرابى، وإدارة التحايل والتشغيل بالخارج وضغط العمل لديهم، للتحصل على الأختام الصحيحة على المستندات المزورة محل الواقعة.
أما عبدالرحمن عباس، كبير باحثين بدرجة مدير عام بوزارة القوى العاملة، فأرجع اعتماد ومهر العقود المزورة بخاتم الإدارة عن طريق الخطأ، نظرًا لكثافة العمل فى المكتب، مشيرًا إلى الإجراءات الصحيحة لوجود خاتم شعار سفارة السودان بمصر، وخاتم تصديق مكتب أحمد عرابى، وانخداع المراجع والموظف المسئول عن الخاتم بتزوير الأختام.
وأشار عادل أحمد فرغلى، مدير عام بإدارة التشغيل بالخارج بوزارة القوى العاملة والهجرة، إلى أنه المختص بالتوقيع على عقود العمل قبل مهرها بمعرفة رفعت إمام، موظف بالإدارة العامة للتمثيل والتشغيل بالخارج بالوزارة، بخاتم شعار الجمهورية الخاص بالإدارة محل عمله.
وأكد أنه القائم بالتوقيع على العقود المضبوطة والممهورة بالخاتم الصحيح، التى تأكد من أنها مكتملة البيانات، واتبعت الإجراءات الصحيحة، لاحتوائها على خاتم شعار سفارة السودان فى مصر، وخاتم تصديق مكتب تصديقات أحمد عرابى، أما بالنسبة للعقود غير مكتملة البيانات، فإنها مهرت على سبيل الخطأ نظرًا لضغط العمل.
وكشفت ملاحظات النيابة العامة أنه ثبت بتقرير الفحص الفنى الخاص بقسم البحوث الفنية، التابع للإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، أن كل العقود المضبوطة تم مهرها ببصمات عرفية مظللة، الخاصة بوزارة الخارجية ووزارة العدل بالسودان وسفارة السودان بالقاهرة.
كما أثبت التقرير أن الدمغة الموضوعة على العقود بأختام مزورة باستخدام طابعة حاسب آلى التى تعمل بتقنية نفث الحبر، وأن العقود التى تم مهرها بأختام شعار الجمهورية صحيحة ماديًا، ومنسوبة لمكتب تصديقات أحمد عرابى ولوزارة القوى العاملة، وأن الدمغات المنسوبة لخاتم شعار الجمهورية الخاص بوزارة الخارجية مكتب تصديقات أحمد عرابى والثابت بالعقود المضبوطة أخذت من ذلك القالب المأخوذ من نماذج بصمات المقارنة.