رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يعود اليمن سعيدًا؟




اليمن السعيد إحدى محطات قطار الربيع الأسود، اليمن الوطن غادره حوالى «٥» ملايين من سكانه إلى أوروبا وإفريقيا والسعودية ومصر التى يقيم بها حوالى «٣٠٠» ألف يمنى وإلى شرق آسيا ‏أيضًا ذهب اليمنيون بحثًا عن الأمان.‏
اليمن عبر السنوات السبع الأخيرة قالوا إنه يدفع ثمن ديكتاتورية على عبدالله صالح، فدفع صالح حياته ثمنًا لمحاولته العودة باليمن إلى ما كان عليه من ديكتاتورية كان ساعتها يمتلك جيشا وموانئ ‏ومزارع.‏
ما بين قوات الشرعية وقوات طارق صالح العائد إلى ساحة الصراع وما بين قوات تابعة للإمارات وأخرى تابعة للسعودية وفى مواجهة الجميع ميليشيات الحوثى كل يبحث عن فرض سيطرته ‏على أحد الأقاليم ليتحول اليمن إلى فخ للجميع، كشف تقرير أخير لفريق خبراء مجلس الأمن عن ارتكاب الحوثيين انتهاكات صارخة بحق الشعب اليمنى وأوضح التقرير أن الانتهاكات شملت الاعتقال ‏التعسفى والتعذيب والاختفاء القسرى، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية الخاضعة لميليشيات الحوثى تفاخرت باحتجاز ستة آلاف يمنى دون اكتراث لحقوق الإنسان، وفقا لما ذكره موقع مداد نيوز، ولفت ‏إلى أن متوسط أرباح الحوثيين من التجارة بالبشر بين مليون وأربعين مليون ريال، وفقا لتقرير مجلس الأمن، فضلا على أن هناك منظمات دولية وحقوقية تتهم الحوثيين باتخاذ المئات من المعتقلين ‏دروعا بشرية والزج بهم فى مواقع عسكرية، كما تكشف أوراق لمركز (سمت) للدراسات عن العشرات من وقائع القمع وجرائم الاضطهاد التى ارتكبها الحوثيون منذ الانقلاب فى سبتمبر ٢٠١٤، ‏مشيرة إلى تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان فى اليمن بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة ضد كل من يرفض وجود الحوثيين.‏
وذكرت الورقة البحثية أنه خلال أربعة أعوام من سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، رصد كثير من الأرقام الحالة المأساوية التى وصل إليها اليمن والفئات التى واجهت الاضطهاد الحوثى ‏بشتى أشكاله.‏
وأوضحت أن ميليشيات الحوثى تعمدت إفقار قطاع التعليم ماديا ومعنويا، فمنذ سبتمبر ٢٠١٦ أوقفت صرف رواتب المعلمين، ما اضطرهم إلى البقاء عاما كاملا بلا راتب، وانتهى الحال ببعضهم ‏إلى العمل فى مهن شاقة من أجل الإيفاء بالالتزامات الأساسية لأسرهم، بعدها نظموا إضرابا للمطالبة بحقوقهم، وكان الرد من قبل الحوثيين بالتهديد بالاستغناء عنهم وإحلال معلمين جدد بدلًا منهم، ‏بالإضافة إلى إقالة كل من يعترض أو ينتقد انتهاكاتهم، ويشهد ما حدث لـ(خالد الأشبط)، مدير منطقة معين التعليمية، على صدق تهديدات الحوثيين، إذ لم يطل وقت بقائه فى منصبه بعد انتقاده ‏الحوثيين ووصفهم بالكاذبين فيما يتعلق بتحسين واقع العيش فى اليمن على كافة المستويات ومنها الارتقاء بالتعليم.‏
وأشارت الورقة البحثية إلى أن ميليشيات الحوثى قامت باختطاف مئات المعلمين من مدارسهم ومنازلهم والزج بهم فى سجونها واتهمتهم بالخيانة والعمالة، كما دمرت مئات المدارس، وأجبرت ‏الطلاب على المشاركة فى القتال بتجنيدهم بطرق مختلفة ونتيجة لذلك تضاعفت أعداد المتسربين من المدارس، وحسب أرقام رسمية فإن عددهم وصل إلى ٣.٥ مليون مقارنة بـ١.٥ مليون كانوا قبل ‏الانقلاب الحوثى.‏
أما أساتذة الجامعات الرافضون للانقلاب فقد طالتهم أيضا مضايقات الحوثيين، حيث واجهوا السجن والفصل التعسفى والاختطاف، حيث تم فى ٢٣ أغسطس ٢٠١٥ اختطاف رئيس نقابة هيئة ‏التدريس فى جامعة صنعاء خلال تظاهرات واحتجاجات سلمية، كما تم فصل ٦٦ أستاذًا جامعيًا فى الجامعة نفسها، وكذلك تم الاعتداء على آخرين بالضرب.‏
الأطفال أيضا لم ينجوا من أساليب الاضطهاد التى اتبعها الحوثيون سبيلا لإخضاع وتركيع الشعب اليمنى، حيث أوضحت الورقة البحثية أن الحوثيين دفعوا بآلاف الأطفال للمشاركة فى القتال ‏وتعريضهم لخطر الموت أو الإصابة، فتارة كانت ميليشيا الحوثى تغرى الأطفال بالمال والوظائف، وتارة أخرى كانت توعز للمدارس والمساجد باستقطابهم، وتارة ثالثة توكل المهمة لشيوخ القبائل ‏عبر إلزامهم بإيجاد مقاتلين وأحيانا كانت تلجأ لحملات التجنيد الإجبارية، وأحيانا أخرى تلجأ إلى اختطاف الأطفال وإرسالهم مباشرة إلى الجبهات فلا يكون لهم مناص من حمل السلاح والمواجهة أو ‏الاستسلام للموت القادم من فوهات بنادق المهاجمين، وتقدر الورقة البحثية عدد الأطفال فى اليمن بنحو ثلث المقاتلين.‏
وفى المقابل تشهد مدينة «إب» فى إطار تنامى الرفض الشعبى المتزايد للفكر الطائفى الحوثى الدخيل على المجتمع اليمنى وشعاراته الخمينية الإيرانية طمس مواطنين فى مدينة «إب» القديمة ‏وسط البلاد فى حملة واسعة ترفع شعارات الميليشيا وصرختهم الخمينية.‏
وقال سكان محليون إن عددا من طبعات شعار الصرخة والعبارات الطائفية الحوثية التى أغرقت بها جدران المبانى والمنازل والمساجد فى مدينة «إب» شوهدت مشطوبة وعليها علامة إكس ‏تعبيرا عن حالة الرفض الشعبى لنهج ميليشيا الحوثى وفكرها الدخيل رغم السطوة الأمنية والقمع اللذين تمارسهما فى مناطق سيطرتها. ‏
كما قام المواطنون بإحراق ملازم تتضمن محاضرات تحتوى على نصوص تعكس الفتنة الحوثية، تعبيرا عن رفضهم لما تحتويه تلك المحاضرات من فكر ضال ومنحرف يسعى لزرع بذور الفتنة ‏المذهبية فى اليمن، حسب السكان.‏
وتعيش محافظة «إب» الخاضعة لسيطرة الميليشيا حالة من الغليان الشعبى ضد انتهاكاتهم المتصاعدة مع تضييق الخناق عليها فى جبهات القتال لتنتقم من المدنيين.‏
وتشهد بقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بدرجات متفاوتة هذا الرفض الشعبى، لعل أكثرها فى العاصمة صنعاء، حيث تتحدى الطالبات والطلاب فى المدارس إرهاب الحوثيين ويرفضون ‏ترديد شعاراتهم الطائفية ومقابلتها بالهتاف بشعارات وطنية تثير انزعاج الميليشيا.‏