رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيخ صوفية إسبانيا: 3 ملايين صوفى بأوروبا والنقشبندية والشاذلية أشهر طرق القارة العجوز

عبدالله أبوبكر
عبدالله أبوبكر

- خريج الفلسفة فى جامعة إشبيلية قال إنهم ينشرون الإسلام بالحب والأخلاق
- الحبيبى والشاذلى والجيلانى أشهر أولياء الغرب.. والرومى والنقشبندى أبرز الموالد
- تصدينا لـ«داعش» فى غالبية مدن المملكة.. وعناصرنا سلموا «الدواعش» للشرطة
- نمتلك عشرات الزوايا والساحات ومريدو أوروبا يعتبروننى قطب الصوفية هنا



أحد المفكرين الكبار فى إسبانيا، تخرج فى قسم الفلسفة بجامعة إشبيلية عام ١٩٦٠، جذبته روحانيات وأفكار التصوف حتى اعتنق الإسلام، مطلقًا على نفسه اسم «عبدالله أبوبكر»، ليصبح بعدها شيخًا لأكبر طريقة صوفية فى قارة أوروبا هى «الحبيبية الشاذلية»، وتدخل عائلته كلها المقيمة فى إشبيلية الإسلام.
فرينانديز توريز، المُلقب من قبل مريديه فى «القارة العجوز» بـ«قطب صوفية أوروبا»، التقته «الدستور» فى حوار تحدث فيه عن أحوال «أهل المدد» فى إسبانيا وقارة أوروبا، وتفاصيل التحديات التى يواجهونها، والمعارك التى يخوضونها ضد أتباع التيار السلفى المتشدد، وحقيقة استفادة الحكومات الأوروبية منهم فى مواجهة التطرف.

■ بداية.. ما طريقتك الصوفية التى تتولى قيادتها؟
- طريقتى هى «الحبيبية الدرقاوية الشاذلية»، التى تمتلك أكبر زاوية صوفية فى إسبانيا تسمى بـ«الزاوية الحبيبية»، فى مقاطعة إشبيلية، وينتشر أتباعها فى جميع المقاطعات الإسبانية والدول الأوروبية والإفريقية، ولأن المريدين عندما يعشقون شيخهم يلقبونه بألقاب كثيرة، أطلقوا علىّ لقب «قطب صوفية إسبانيا»، ولم يكن لدى أى يد فى ذلك، كما أنهم أطلقوا علىّ أيضًا «قطب صوفية أوروبا».
■ كيف بدأت قصتك مع الصوفية حتى أصبحت شيخًا لصوفية إسبانيا؟
- كنت فى بداية حياتى أعتنق المسيحية، ثم أكرمنى الله بـ«الإسلام»، الذى اعتنقته بسبب الصوفية، بعدما علمونى أحكامه وتعاليمه الحقيقية، وكان ذلك على يد الشيخ محمد الحبيبى، شيخ «الدرقاوية الشاذلية» فى مدينة غرناطة منذ ٣٠ عامًا.
ونجحت فى إقناع عائلتى كلها بالمنهج الصوفى والدين الإسلامى، وبالفعل دخلوا جميعًا إلى الإسلام فى مدينة إشبيلية، حيث نقيم.
بعد ذلك، أخذت العهد الخاص بى من الشيخ الرئيسى للطريقة «الحبيبية الدرقاوية الشاذلية»، فى دولة المغرب، وعملت على نشرها هنا فى إسبانيا، وبناء عشرات الزوايا والساحات فى أكثر من مقاطعة إسبانية، حتى انضم ما لا يقل عن ١٠٠ ألف إليها، والحكومة الإسبانية وقفت معى فى ذلك، وقدمت لى الكثير من التسهيلات.
■ ما أبرز الطرق الصوفية فى قارة أوروبا؟
- يوجد الكثير من الطرق الصوفية فى أوروبا، من أبرزها «النقشبندية» التى تنتشر فى تركيا وروسيا، بجانب: «الشاذلية والتيجانية والقادرية»، وهذه الطرق انتشرت بكثافة فى فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإسبانيا، خلال الفترة الأخيرة، عن طريق مريدى الصوفية الذين جاءوا من المغرب والجزائر وتونس.
وعمل هؤلاء المريدون على نشر الصوفية وتعليم الناس الدين الإسلامى، بالحب والوسطية والأخلاق، حتى أصبح عدد الصوفية فى قارة أوروبا نحو ٣ ملايين تقريبًا، فى ظل عدم ممانعة الحكومات الأوروبية إنشاء الزوايا والساحات الخاصة بهم، لأن الصوفية لا يمثلون أى ضرر لأصحاب الديانات الأخرى.
ولعل ذلك هو ما جعل التيار السلفى فى أوروبا يعادى الصوفية، بعدما وجدوهم يسحبون البساط من تحت أقدامهم تدريجيًا، وأصبح الأوروبيون يقبلون على الإسلام من خلال التصوف.
■ أتوجد أقطاب وأولياء للصوفية فى إسبانيا وأوروبا مثل المشرق العربى؟
- نعم.. فى إسبانيا توجد عشرات الأضرحة والمزارات الصوفية، والدولة تعلم ذلك جيدًا، وتوفر لها الأمن والحماية الكاملة، حتى لا يهدمها المتشددون وأصحاب الأفكار التكفيرية، الرافضون فكرة وجود هذه الأضرحة والمزارات، ويعتبرونها «حرامًا».
وأولياء الله الصالحون كثيرون فى إسبانيا، منهم متوفون وآخرون أحياء، من أبرزهم: «الشيخ محمد الحبيبى، والشيخ على الشاذلى، والشيخ أبوبكر الجيلانى»، وغيرهم ممن لا يعلم كثيرون عنهم شيئًا، بسبب عدم وجود حصر لغالبية الأولياء فى إسبانيا، وأوروبا بشكل عام.
■ ما حقيقة دخول مواطنين إسبان وأوروبيين الإسلام على يديك؟
- من دخلوا الإسلام على يدى يقدر عددهم بنحو ٥ آلاف مواطن، منهم من كان يهوديًا، ومنهم من كان مسيحيًا، وغالبيتهم من فرنسا وإسبانيا، وهناك مسلمون أوروبيون ينتهجون المنهج الصوفى أيضًا، لأنهم وجدوا أن هذا المنهج كله وسطية ورحمة ومعاملة يكثر فيها الطابع الإنسانى، الأمر الذى جعلهم يعشقون التصوف وينجذبون إلى حضرته الإيمانية، وينضمون هم وعائلاتهم لـ«أهل المدد» فى أكثر من مقاطعة إسبانية ودولة أوروبية.
■ ما الذى جذب الإسبان والأوروبيين إلى التصوف؟
- ضغوط الحياة اليومية التى يعانى منها الأوروبيون، والفلسفة المادية الكبيرة التى يعيشونها جعلتهم يبحثون عن الجوانب الروحانية التى وجدوها بالفعل فى التصوف، خاصة فى حلقات الذكر الصوفية التى تجعل المريد أو المحب يشعر بنوع من الفرحة والسعادة عند ممارسة طقوسها، وهو ما حدث بصورة كبيرة فى بريطانيا والولايات المتحدة.
■ وماذا عن دوركم فى محاربة الإلحاد والإرهاب؟
- الطريقة «الحبيبية الدرقاوية» نظمت العديد من المحاضرات والندوات، لمواجهة التطرف بالتعاون والتنسيق مع الطرق والزوايا الصوفية الأخرى، فى غرناطة وإشبيلية ومدريد، من بينها: «الشاذلية» و«التيجانية»، ونجحنا من خلال هذه الفعاليات فى إنقاذ العديد من الشباب من براثن الفكر المتطرف الذى يخالف الدين الإسلامى الحنيف، واستطاع مريدو الطريقة فى مقاطعة «غرناطة» القبض على ١٠ ينتمون لتنظيم «داعش» الإرهابى، وتسليمهم للشرطة.
وبالتوازى مع ذلك، واجهنا الجماعات الملحدة التى لا تعترف بالدين، وينتشرون فى دول أوروبا، خاصة إسبانيا، من خلال علمائها وشيوخها الذين يثبتون لهم بالحجة والدليل وجود الله.
■ ألم تستعن بكم الحكومات الأوروبية فى القضاء على التيارات المتطرفة؟
- الدول الأوروبية جميعها، تضررت من الجماعات والتيارات المتطرفة، على رأسها السلفيون، خاصة أن هذه التيارات تحاول بشكل دائم نشر فكرها المتطرف بين الشباب الأوروبى، وهو ما جعل الحكومات تخاف وتخشى أفكارها، ولم يجدوا حلًا لمواجهتها إلا من خلال الصوفية الذين يرفضون التشدد، وينشرون أفكارهم بالمحبة والوسطية والروحانيات، لذا دعم العديد من الدول مثل إسبانيا وإنجلترا وألمانيا الحركات الصوفية، للتقليل من خطر هذه الجماعات والقضاء عليها تدريجيًا.
■ ما أوجه التعاون بين صوفية إسبانيا وباقى الطرق الصوفية فى قارة أوروبا؟
- الطرق الصوفية فى إسبانيا تتعاون مع كل نظرائها حول العالم، وليس فى قارة أوروبا فقط، والهدف من ذلك جمع الصوفية على قلب رجل واحد، والتلاقى على نفس الأهداف والأفكار، وهناك الكثير من أوجه التعاون، خاصة مع الطرق الصوفية فى تونس والمغرب والجزائر، لوضع استراتيجية جديدة يمكن من خلالها مواجهة الجماعات المتشددة الكارهة لأهل التصوف فى جميع دول العالم الإسلامى.
■ بذكرك هذه الجماعات.. هل تواجهون أى مضايقات منها؟
- نحن لا نواجه أى مضايقات إلا من خلال التيار السلفى الوهابى، الرافض للصوفية والتصوف، فهم يشنون حربًا شرسة ضد الصوفية، وهو ما جعل الدولة هناك تطالبهم بالتراجع عن هجومهم هذا، وإلا ستتم معاقبتهم والتعامل معهم بالقانون، ومع ذلك، ما زالوا يصدرون العديد من الفتاوى المعادية لنا، مثل تحريم زيارة الأولياء وإقامة الاحتفالات والموالد، وغير ذلك من الأمور.
■ هل تقيمون احتفالات أو موالد صوفية فى أوروبا؟
- نعم هناك الكثير من الموالد والاحتفالات نقيمها فى قارة أوروبا، بمشاركة الآلاف من المريدين الذين يأتون من كل أنحاء العالم، ويجدون طابعًا مختلفًا لدى الأولياء والصالحين الأوروبيين، وهناك مولد «مولانا الرومى» ومولد «الشيخ النقشبندى»، ومولد «الشيخ الفذارى»، وغيرها من الموالد والاحتفالات التى تجذب المواطنين العاديين إليها، لأنهم يرون فيها نوعًا من الفلكلور الشعبى المختلف كثيرًا عن الأعياد والاحتفالات الأخرى.
■ وماذا عن الحضرات ومجالس الذكر؟
- نقيم ٣ مجالس ذكر فى اليوم الواحد، يحضر إليها مريدون من جميع أنحاء إسبانيا، ويقرأون خلالها الأوراد فى حضرتى، ويأتى مسيحيون ويهود فى أوقات كثيرة لرؤية طقوس الحضرة، منهم من تجذبه الحضرة ويدخل فى الإسلام دون تردد، وينطق الشهادتين بين يدى، فيتم إطلاق الزغاريد فى جميع أركان الزاوية وترديد عبارات: «الله أكبر» و«لا إله إلا الله».

ما مدى تواجد الإخوان والسلفية فى إسبانيا.. وما موقفكم منهما؟

- نعم.. الإخوان والجمعيات السلفية موجودة فى إسبانيا بصورة كبيرة، لكن لا تربطنا أى علاقة بهم، لأن أفكارهم متشددة جدًا، ويؤمنون بعقيدة مختلفة عن صحيح الإسلام، فدينهم التشدد، وليس الوسطية، وعلى ذلك نحن نهرب منهم دائمًا عندما نراهم فى أى محفل أو مكان، خاصة أنهم يحاولون دائمًا الاحتكاك بنا، لإرجاعنا عن أفكارنا الصوفية، لكننا ننشر أفكارنا ومنهجنا بين الجميع، ولا يستطيع أحد إيقافنا.