رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إخوان الحزب الوطني!


كثيرون أدهشهم دفاع الدكتور أحمد فتحي سرور، والدكتورة آمال عثمان، القياديين بالحزب الوطني «المنحل»، عن منتمين (أو داعمين) لجماعة الإخوان أدرجتهم محكمة الجنايات على قائمة الإرهاب، وتجاهلوا وقائع كثيرة قديمة، وواقعة حديثة جدًا، تفيد أن الحزب الوطني وجماعة الإخوان كانا «أربعة أرجل في بنطال واحد». والبنطال كما يقول معجم اللغة العربية المعاصرة، هو لباس للرجال أو للنساء ذو ساقين طويلين، يستر النصف الأسفل من الجسم. وسبب كل هذه «اللَّفة» هدفها، تجنب ذكر المثل الشائع الذي أراه على طرف لسانك!.

تجميلًا أو تخفيفًا، تم ربط سرور وآمال بـ«لاعب كرة» أو بـ«رجل أعمال»، مع أن الطعن مقدم من ١٥٣٨ شخصًا، «شَروة واحدة»، سواء من طعنوا منهم على القرار أو لم يطعنوا، لاتصال وجه الطعن بهم ولوحدة الواقعة. وبين المتهمين، مرشد الجماعة محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، ومحمد مرسي العياط ورئيس مجلس الشعب المنحل سعد الكتاتني، وباكينام الشرقاوي، مستشارة العياط، ورجل الأعمال صفوان ثابت ولاعب الكرة محمد أبوتريكة و... و... وكلهم، مع بقية الأسماء، متهمون في قضية «تمويل الإخوان»، وأدرجتهم محكمة جنايات القاهرة على قوائم الإرهاب. وفي ٤ يونيو ٢٠١٧، نشرت الجريدة الرسمية القرار والأسماء.

على جنب ضَعْ كل التبريرات أو التخريجات، وأي كلام كبير أو «تخين». ولا تعتقد أن قيمة الأتعاب، مهما ارتفعت، هي التي حركت سرور أو عثمان، كما لا أتمنى أن يحيل شيطانك الأمر إلى «شيء ما» ليس نظيفًا، يجري في الشرايين مع الدم، لأن الملاك الذي بداخلك سينفي وجود الدم من الأساس. أما السبب أو الدافع الأكثر منطقية فهو أنهما ما زالا ملتزمين بالعقد، غير المكتوب، الذي قام نظام مبارك بتوقيعه مع الإخوان والذي أتاح لهم أن يتواجدوا كقوة مؤثرة في مجلس الشعب، النقابات، والشارع. كما سمح لهم بإدارة أنشطتهم الدينية والمالية وإقامة مؤسسات وكيانات اقتصادية ضخمة. أما لو سألتني عن الأكتاف القانونية (أو الأمنية) التي كانت الجماعة تتلقاها بين حين وآخر، فسأردها ببساطة إلى اتصال الجماعة بأجهزة مخابرات دولية، دون علم النظام، أو بلا استئذان، وعادةً ما كانت تتم تسوية الأمر باعتذار يقدمه المرشد!.

يمكن أن أملأ لك بدل الكيس أكياسًا، بوقائع تؤكد العلاقة الحميمية بين الحزب الوطني والإخوان. لكن إلى أن تشتري الأكياس، سأترك الوقائع الكثيرة القديمة، وأكتفي بالواقعة الحديثة جدًا التي شهدتها إحدى جلسات القضية المعروفة إعلاميًا بـ«اللجان النوعية»، التي تنظرها محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، والمتهم فيها ٢١ إخوانيًا وجهت لهم النيابة عدة اتهامات وأبرزها حيازة أسلحة نارية، والانضمام إلى جماعة تم تأسيسها على خلاف أحكام القانون، تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، بأن أسسوا لجان عمليات نوعية استهدفت تغيير نظام الحكم بالقوة، والاعتداء على أفراد ومنشآت الشرطة والمنشآت العامة والخاصة، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها في تحقيق أغراضها.

بين المتهمين في تلك القضية، الدكتور عبدالله شحاتة خطاب، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، الذي كان مستشارًا اقتصاديًا لمحمد مرسي العياط، ورئيسًا للجنة الاقتصادية بحزب الإخوان، حزب الحرية والعدالة، وكانت جريدة «الشروق» لصاحبها المعلم، إبراهيم المعلم، تحتفي بمقالاته، وكان ينافس حسن مالك في صفة «وزير مالية الإخوان». ومنذ إجلاس «العياط» على مقعد الرئيس، ظل المذكور مساعدًا لوزير المالية، ممتاز السعيد ثم المرسي حجازي، إلى أن أقيل في ٣١ يوليو ٢٠١٣ بقرار من الدكتور أحمد جلال، وزير المالية في حكومة حازم الببلاوي.

صباح ما وصفوها بـ«انتفاضة الشاب المسلم»، يوم ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤، تم إلقاء القبض على المذكور ونشرت وزارة الداخلية مقطع فيديو يعترف فيه بحيازة أسلحة، وبصناعة مفرقعات. وطبقًا لما جاء في تحقيقات النيابة فإن شقيق المذكور، أسعد شحاتة، المتهم الثاني في القضية، اعترف بأنه قام بإمداد الجماعة بمفرقعات كان يقوم بتصنيعها في منزل شقيقه «عبدالله» بمنطقة المجزر الآلي. ومع ذلك، دفع محامى المذكور - في جلسة الإثنين الماضي - ببطلان إذن النيابة العامة وصدوره عن جريمة لم تقع بعد، ودفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة، وانتفاء الركن المادي والمعنوي لجريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية.. إلخ وكل ذلك عادي وطبيعي ويكرره كل المحامين في هذا النوع من القضايا.

الجديد هنا، هو أن محامي مستشار العياط، أكد خلال مرافعته، أن موكله كان أحد كوادر الحزب الوطني، وأنه عمل لفترة طويلة بمكتب وزير المالية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. وكانت المفاجأة الأكبر، أنه كان يقوم بالتدريس لضباط الشرطة، ضباط أمن الدولة (الأمن الوطني) تحديدًا. واكتمل المشهد الكوميدي بأن أصيب المحامي بوعكة صحية (وقع من طوله) فاضطر رئيس المحكمة إلى رفع الجلسة للاستراحة، ثم قرر التأجيل لاستكمال المرافعات، بالجلسة التي انعقدت الخميس، وقررت فيها المحكمة حجز القضية إلى يوم ٢٨ يونيو للنطق بالحكم.

أخيرًا، وقبل أن تتشكك، كعادتك، في كلام المحامي، يطيب لي أن ألفت نظرك إلى أن عبدالله شحاتة خطاب، كان مستشارًا لوزارة التنمية المحلية، ثم اختاره يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، في ٢٠٠٧، مستشارًا ومسئولًا عن وحدة السياسات المالية. أما نكتة تدريسه لضباط الأمن الوطني، فتحتاج إلى مصدر ينفيها أو يقول لـ«عطيات»: غطّيني وصوَّتي!.