رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نجل أحمد شاه مسعود: على الجيش الأفغانى الاقتداء بنظيره المصرى فى حماية الشعب

أحمد شاه مسعود
أحمد شاه مسعود

- وصف طريقة أمريكا فى محاربة «طالبان» بـ«الخاطئة».. وقال إن بلاده لا تحتاج بطلًا بل مؤسسات قوية
- دستورنا يجعل الرئيس ملكًا بلا حكم ديمقراطى حقيقى وينبغى تعديله بمساعدة الجيش
- قواتنا المسلحة تحمى العرقيات والقوميات والسياسيون يريدون الحفاظ على المناصب
- اتحاد الدول الإسلامية لمواجهة المتطرفين ضرورى و«داعش» و«طالبان» صناعة أمريكية
- الإعلام الأمريكى وراء تصوير بلدنا دولة إرهابية تضم كل المتطرفين حول العالم


دعا أحمد مسعود، نجل الزعيم الروحى للأفغان أحمد شاه مسعود، جميع الدول الإسلامية للاتحاد فى مواجهة الجماعات الإرهابية وفى مقدمتها «طالبان»، وذلك بهدف تقديم الصورة الصحيحة للإسلام، مشيرًا إلى أن الإعلام الأمريكى يصطاد أخطاء الدول الإسلامية والعربية، من أجل تضخيمها وتصويرها على أنها دول مصدرة للإرهاب. ونفى مسعود الابن، فى حواره مع «الدستور»، رغبته فى الحصول على أى منصب سياسى فى بلاده، خاصة أن القانون الأفغانى يمنعه من الترشح للرئاسة بسبب السن، لكنه أكد رغبته فى تقديم خدمات للشعب الأفغانى، كما يريد أن يرى العالم أفغانستان بشكل مختلف بعد القضاء على العرقيات والقوميات.

■ بداية.. إلى أى مدى تسير على خطى والدك فى التعامل مع الأمور السياسية؟
- فكر والدى الشهيد أحمد شاه مسعود، كان يعتمد على «الإسلام المعتدل»، ومسألة دخوله فى حرب مع جهات مختلفة ليست بيده، وهدفه الذى كان يعيش من أجله هو تطبيق الديمقراطية وتحقيق العدالة الاحتماعية والحرية.
هو صاحب المقولة الشهيرة: «نحن نريد أن نبنى أفغانستان، ونريد أن نحقق عدالة اجتماعية، ويكون هناك تعاون مع الدول الأخرى، ولا نكون منعزلين عن العالم».
وأنا أريد أن أستكمل تلك المسيرة وتحقيق هذه الأهداف وأحارب لننتزع الحرية ونطبق العدالة الاجتماعية والديمقراطية بأن نمنح مساحة لجميع وجهات النظر.
■ كيف ستُكمل هذا الطريق؟
- هناك عراقيل كثيرة أمامى بالتأكيد، تتمثل فى الفقر وعدم وجود تعليم جيد، وانتشار الإرهاب المتمثل فى «طالبان» و«داعش»، ويمثلان خطرًا كبيرًا على المسلمين والإسلام وليس على أمريكا، لكن هذه الظروف موجودة فى معظم دول العالم، وهناك دول كبيرة تساعد أفغانستان فى الخروج من هذه المشاكل.
■ من وجهة نظرك.. كيف يمكن حل مشكلة «طالبان»؟
- موضوع الماجستير الخاص بى كان حول كيفية حل هذه المشكلة، وقدمت حلولًا تعتمد على ضرورة أن يكون لدينا فكر وأيديولوجية خاصة نواجه بها أفكار الجماعات المتطرفة، فيمكننا بهذه الطريقة أن نحارب الفكرة من جذورها بالفكر الصحيح والمعتدل.
كما يجب على جميع الدول الإسلامية، الاتحاد لمحاربة الجماعات الإرهابية وأفكارها المغلوطة عن الإسلام، لنوضح للعالم أن هذا ليس ديننا، وأن الجماعات المتطرفة تنتهج فكرًا لا علاقة له بذلك الدين، بجانب تجفيف المصادر المالية لهذه الجماعات الإرهابية.
■ لكن الدول العربية بها مشكلات كثيرة مثل سوريا والعراق واليمن.. فكيف يتحقق هذا الاتحاد؟
- نعلم أن هناك مشاكل داخلية فى معظم الدول العربية، لكن هناك دولًا لديها القدرة على المساعدة فى تغيير الفكر المتشدد مثل السعودية وكذلك مصر، وعلى هذه الدول مساعدة أفغانستان فى هذا الشأن.
■ وماذا عن الدعم الأمريكى لأفغانستان فى هذا الشأن؟
- خلال الـ١٥ سنة الأخيرة، أنفقت أمريكا ودول أخرى أكثر من ١٠٠ مليار دولار فى الحرب على حركة «طالبان»، لكن الحركة ما زالت موجودة، بل على العكس أصبحت أقوى من الأول، وهذا يعنى أنه لا فائدة من دعم الولايات المتحدة فى هذا الشأن، لأن الطريقة التى تتبعها أمريكا فى محاربة «طالبان» خاطئة، وعلى كل حال نحن نشكر واشنطن لمساعدتنا، ولكن التعامل مع الحرب بأسلوب خاطئ لا فائدة منه.
وفى أيام رئيس أفغانستان الأسبق «ربانى»، كنا نقاوم ونحارب «طالبان» وحدنا دون أى مساعدة من الخارج، وكنا أقوياء وحققنا نتائج جيدة على أرض الواقع، وفى عهد أحمد شاه مسعود كنا نحارب «طالبان» على أنها عدو جاء من بلد آخر وليس من أفغانستان، ولكن أمريكا تحارب بطريقة خاطئة، وتصرف أموالًا طائلة بلا فائدة حقيقية.
■ لماذا «طالبان» الآن أقوى من الماضى؟، وكيف لدولة عظمى مثل أمريكا لا تستطيع القضاء عليها؟
- «طالبان» كانت قوية أيام أحمد شاه مسعود، ولم تكن لدينا الإمكانيات التى أصبحت موجودة الآن لمحاربتها، ومنذ ٢٠٠١ تزداد قوة الحركة الإرهابية، وأمريكا والحكومة الأفغانية ليست لديهما طريقة جيدة لمحاربتها، فهم لا يعرفون أساليب «طالبان» فى الحرب بشكل جيد، ولا يعلمون الأيديولوجية التى تتبعها وكيفية التعامل مع الإرهابيين، سواء من الحركة أو «داعش» أو «القاعدة» أو «الشباب» فى الصومال.
وقد درست فى الأكاديمية العسكرية ببريطانيا، وأعلم أنه إذا لم تعرف عدوك وإذا لم تدرسه جيدًا، فأنت لا تستطيع أن تحاربه وتهزمه، لذا ينبغى التعرف على أيديولوجية «داعش» وغيرها من الجماعات الإرهابية.
■ هل تحتاج أفغانستان إلى زعيم يلتف حوله الشعب كما فعل أحمد شاه مسعود؟
- أفغانستان تحتاج لشخصية البطل فى حربها مع «طالبان»، لكن البطل يُولد ولا يُصنع وهذه مقولة معروفة، أبى كان بطلًا، ومن الممكن ألا يتكرر كل ١٠٠ سنة، ونحن الآن نحتاج إلى الفكر أكثر من البطل، لأن الزمن تغير، فيجب أن نفكر كلنا بالعقل كشعب واحد وليس كفرد، لكى نستطيع الخروج من المشاكل التى نحن فيها.
فعلى سبيل المثال دولة مثل بريطانيا، لو انسحب منها أى شخص من منصبه، لن يكون هناك أى تأثير سلبى، لأن الدولة قائمة على كيان وفكر مطبق وأى شخص موجود سيسير على نفس النهج والفكر، ونحن نحتاج إلى مؤسسات قوية تدير نفسها بصرف النظر عن الشخص الموجود بها، وكذلك فى روسيا لو ترك «بوتين» الحكم ستظل روسيا قائمة وماضية فى كيانها وشخصيتها كدولة كبيرة، لذلك نحن لا نحتاج إلى بطل بقدر ما نحتاج إلى بناء مؤسسات للدولة غير مرتبطة بأشخاص.
■ ولكن أفغانستان قائمة على عرقيات واختلافات تجعلها من الصعب أن تصبح دولة مؤسسات.. ما رأيك؟
- المشكلة ليست فى العرقيات والاختلافات، الأزمة فى السياسيين والنخبة الذين يريدون استمرار تلك الاختلافات، ليواصلوا ممارسة السياسة وتشكيل الحكومات على هواهم، فالمشكلة ليست فى الشعب الأفغانى. يجب أن يكون فى البلاد نظام سائد ليس عن طريق العرقيات، بل عن طريق القانون ويُطبق على الجميع.
■ كيف تحل هذه المشكلة؟
- يجب تطبيق القانون والدستور على الجميع، واحترامه حماية حقوق الشعب، وأن يكون القانون فوق الأشخاص والعرقيات والقوميات، فالدستور لدينا فيه عدالة ويحمى حقوق كل الأطراف ويساوى بينهم، لكن السياسيين يطبقون عكس كل هذا ويجعلون نظام الحكم على أسس عرقية، لذلك تبدأ المشاكل فى الظهور، وليست لدينا مؤسسة تحمى هذا الدستور إذا لم يطبق، مثل مصر التى يوجد لديها جيش يحمى الدستور لو جاء سياسى ولم يطبقه.
لكن جيشنا يحمى العرقيات ويعمل لحساب القوميات، وليس لحساب الشعب الأفغانى كما هو الحال فى مصر، فكما شاهدنا كانت هناك مشكلات فى مصر مع انطلاق الثورة حيث ظهر سياسيون يريدون أن ينقضوا على الحكم، لكن الجيش حمى هذه الثورة ونظم الحكم فى البلاد حتى لا تضيع الدولة، وهذا غير موجود فى أفغانستان.
أريد أن يحمى الجيش الأفغانى شعبه، ويطبق الدستور بشكل صحيح، كما فعل الجيش المصرى، فدستور الدولة يوجد به كل الحقوق، ويجب أن تكون هناك قوى عليا تحمى هذا الدستور عند تطبيقه.
■ هل الدستور الأفغانى كافٍ لتحقيق طموحات الشعب الأفغانى، أم يحتاج إلى تغييرات؟
- بعض المواد تحتاج إلى تغيير، لأنها تمنح صلاحيات كبيرة لرئيس الدولة، ليتصرف كيفما يشاء وتجعل منه ملكًا بلا حكم ديمقراطى حقيقى، لذلك يجب أن يساعد الجيش الشعب على تعديل هذا الدستور، حتى يقلص تلك الصلاحيات، ويحدث تداول سلمى للسلطة، لأن السياسيين الموجودين فى الحكم لا يريدون تعديل الدستور للمحافظة على الكراسى والصلاحيات التى فى أيديهم.
وإذا تم تغيير الدستور، سيعطى صلاحيات للجيش وللقوى الوطنية الأخرى كمؤسسات تحمى حقوق الدولة، ولا تكون فوق القانون. وفى زمن الشيوعية كان الجيش الأفغانى قويًا، حتى إنه كان أقوى من نظيره الباكستانى.
■ ولماذا تراجعت هذه القوة؟
- لأن الجيش فى الدستور يكون تحت القوة السياسية والرئيس، فيفعلان به كما يشاءان، فمن الممكن أن يغيرا وزير الدفاع، ويأتيا بشخص معين للسيطرة على الجيش، لكن فى باكستان الجيش مؤسسة خارج الحكومة ولديه قانون يحميه من العبث به من السياسيين والحكام.
ولو هناك استقلال للجيش الأفغانى عن الحكومة والرئيس، لاستطاع أن يحل مشاكل العرقيات داخل الحكومة، ولكن للأسف تحدث انقسامات داخل الجيش نتيجة وجود عرقيات واختلافات بسبب التدخل فى شئونه من السياسيين والرئيس، فأصبح الجيش منقسمًا وليس مستقلًا عن الهيئات الأخرى فى الدولة.
الجيش به عرقيات مختلفة أو يمكن القول كل العرقيات موجودة داخل الجيش، ولهذا السبب لا يستطيع السياسى الذى يتبع أحد العرقيات أن يحارب به العرقيات الأخرى، ولكن إذا حدثت اختلافات بين السياسيين من الممكن أن تحدث انقسامات أيضًا داخل الجيش.
■ العالم لا يعرف عن أفغانستان سوى الحرب والإرهاب.. فمن المسئول عن تصدير هذه الفكرة؟
- الإعلام الداخلى والخارجى، خاصة الأمريكى، يشوّه صورة أفغانستان بشكل مقصود، ويصورها على أنها دولة إرهابية بها كل الإرهابيين فى العالم، ويبرزون كل المشاكل التى تحدث هنا.
هذا الإعلام يصطاد الأخطاء فى الدول الإسلامية والعربية من أجل تضخيمها، ولا يذكر أن أغلب الشعب فى أفغانستان أناس طيبون، وأن فئة قليلة هى التى تنضم للجماعات الإرهابية مثل «طالبان» وغيرها، وتطبق الفكر المتشدد وتتخذ العنف منهجًا لها.
■ وما الحل من وجهة نظرك؟
- الحل يكون عن طريق بناء أفغانستان سياسيًا، وتطبيق الدستور على الجميع، ويكون القانون هو الحاكم لا يُستثنى أحد منه، ولكن، كما ذكرت سابقًا، من الضرورى وجود مؤسسة قوية لكى تحمى هذا الدستور وتساعد فى تطبيقه على جميع الأطياف ولا يوجد غير الجيش الذى يستطيع أن يقوم بهذه المهمة، وعن طريق ذلك ستحل كل المشاكل فى أفغانستان.
■ فى الانتخابات الرئاسية السابقة.. كنت مؤيدًا لمَن؟
- فى عام ٢٠٠٩ كنت أؤيد الدكتور «عبدالله عبدالله»، حتى نستطيع تغيير الدستور وبناء كيان سياسى عن طريق وضع قوانين وإجراءات وصلاحيات معينة لجميع المؤسسات ومنها رئيس الجمهورية، فـ«عبدالله» كانت لديه خطة تعتمد على تغيير القوانين والدستور لقيام نظام مختلف لا يقوم على العرقيات، وكذلك تغيير نظام الحكم من الرئاسى إلى البرلمانى، ليكون هناك رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة ينتخب من داخل البرلمان، ويكون كل شىء بالانتخابات، لكنه لم يفز، وجاءت انتخابات ٢٠١٤ ولم ينجح مرة أخرى، وتولى مؤخرًا الرئيس التنفيذى للبلاد، لكن صلاحيته محدودة.
■ تردد عبر وسائل الإعلام أن انتخابات ٢٠١٤ تم تزويرها لصالح المرشح الفائز.. فما رأيك؟
- تدخل أمريكا فى الانتخابات هو الذى غيّر النتيجة، فهى لديها خطة أخرى تحميها، لذلك أطاحت بالدكتور عبدالله عبدالله، لأنها كانت تريد حكومة أخرى، وبالفعل حدث تزوير فى الانتخابات، والشعب خرج ينادى بالحرية، وكان من الممكن أن تكون هناك حرب أهلية من العرقيات المختلفة، فريق يحمى عبدالله وفريق يحمى أشرف غنى، لذلك خافت أمريكا من هذه المشكلة، فكانت تريد حكومة ائتلاف بعد عامين من تشكيل الحكومة، وتم تغيير القانون الأساسى من أجل وجود الاثنين فى الحكومة.
■ وأين أنت من المشهد السياسى؟
- أساعد كل السياسيين الذين يعملون الآن مثل عبدالله عبدالله وغيره، فأنا لا أحتاج لمنصب سياسى، وليس لدىّ أى منصب فى الحكومة، وهذه الحكومة توافقية وكل السياسيين يأتون لأخذ المشورة منى، وأجلس مع الناس والشعب لأعطى لهم النصائح السياسية ونشر فكرى بين الناس.
■ كيف كانت العلاقات بين أمريكا ووالدك؟
- فى فترة «الجهاد»، كان هناك سيناريو، إما أن تكون مع الشيوعية أو مع أمريكا والسعودية، ولو كنت وحدك فأنت خارج السيناريو، ورغم أن أحمد شاه مسعود كان وحيدًا لا يؤيد أيًا من الاثنين، إلا أنه تم اتهامه بالشيوعية لتشويه صورته أمام الشعب الملتف حوله.
كان والدى يحارب لتطبيق فكره، ولا يأخذ تعليمات من أحد، سواء أمريكا أو غيرها، ورفض المساعدات من الجميع، فهو لم يكن يريد أن يكون تحت سيطرة أمريكا أو السعودية أو الشيوعية، وكان لديه تخطيط وتفكير ذاتى خاص به، وهذا بالتأكيد لا يرضى أمريكا والسعودية، لذلك هم لا يحبون أحمد شاه مسعود.