رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أرض الأقدار «9»

رئيس الموسيقيين في أفغانستان: نتحايل على فتاوى التحريم بـ«ادعاء التصوف»

جريدة الدستور

المزمار المصرى يُشبه نظيره الأفغانى.. وتمنى من القاهرة فرصة للتبادل الفنى

قال محمد إحسان عرفان، رئيس الموسيقيين فى أفغانستان، إن أوضاع بلاده اختلفت تمامًا الآن عن فترة حكم حركة «طالبان» الإرهابية، خاصة فيما يخص الموسيقى، موضحًا أن الحركة تعادى الفن وأهله، واغتالت ٢٠ مطربًا، وأجبرت المواطنين على البصق عليهم. وأعرب «عرفان» الذى يتولى منصبه منذ ٣ سنوات، وتم التجديد له عامين آخرين، فى حواره مع «الدستور»، عن أمله فى أن تمنح الدولة المصرية بلاده الفرصة للتبادل الثقافى والفنى، الأمر الذى يمكنه من العزف فى الأوبرا المصرية يومًا ما.
■ بداية.. ما الملامح الفنية للموسيقى فى أفغانستان؟
- الموسيقى هنا كانت «كلاسيكية»، لكن للأسف، مع دخول الموسيقى الغربية إلى البلاد، ضاعت ملامحها، ولم يتبق لنا الآن إلا الموسيقى الشعبية الأفغانية والفلكلور، التى تعتمد فى الأساس على آلات الطنبور والربابة ودامبولا والدور والطبل.
ورغم اعتقال أغلب الموسيقيين، وتدمير معظم الآلات الموسيقية أثناء حكم «طالبان»، إلا أننا ما زلنا محافظين على تراثنا وثقافتنا الطربية، وعادت «كابول» مرة أخرى عاصمة للثقافة والفن.
■ بلدكم معروف بتعدد عرقياته.. هل أثر ذلك على أنواع الموسيقى لديكم؟
- بالطبع، لموسيقانا أنواع مختلفة، والعرقيات تلعب دورًا كبيرًا فى ذلك، إذ تختلف الموسيقى وأنماطها من منطقة لأخرى، بالإضافة إلى الموسيقى المحلية، وبصفتى رئيس الموسيقيين فى أفغانستان، أستطيع الربط بين كل أنواع الموسيقى هنا.
■ لكنكم رغم ذلك لم تنجحوا فى نقل الموسيقى الأفغانية لمجتمعات أخرى.. لماذا؟
- بالعكس، الموسيقى الأفغانية انتقلت إلى ٢٥ دولة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى أن أغانينا تكون باللغتين الفارسية والبشتونية، وهاتين اللغتين لا يجيدهما المجتمع العربى.
فى المقابل، هناك دول مثل الهند وباكستان وطاجكستان تعرف الموسيقى الأفغانية، وأنا شخصيًا سافرت إلى ليبيا وقدمت أغنية للرئيس معمر القذافى عام ١٩٨٣، وتحديدًا فى ذكرى يوم ميلاده، بعدما وجه الدعوة إلى ١٤٧ دولة، وكنت واحدًا من الذين تلقوا دعوته.
■ وماذا عن تعاونكم مع دار الأوبرا المصرية؟
- هذا الأمر يعود إلى مدى الارتباط بين البلدين، فإذا وفرت مصر الفرصة المناسبة للتعاون سيسافر الموسيقيون الأفغان على الفور إليها، والعكس، ما يتيح التبادل الثقافى والفنى بين البلدين، خاصة أن بلادنا الآن أصبحت أكثر أمانًا من الماضى.
■ معنى ذلك أنك تعرف الفنون الغنائية المصرية؟
- أعرف الكثير عن الدول العربية، خاصة تلك التى تتشابه موسيقاها مع الموسيقى الأفغانية من حيث استعمال المزمار على سبيل المثال، ولاحظت أن المزمار فى مصر متقارب إلى حد بعيد مع نظيره الأفغانى، لكن مع الأسف لا أعرف الكثير عن المطربين المصريين، سوى أم كلثوم «كوكب الشرق».
■ ما الألوان الغنائية التى تتميزون فيها؟
- الموسيقى الإسلامية هى الأساس، ولكننا نغنى الموسيقى الصوفية أيضًا، ونسعى إلى إقناع الشيوخ فى المساجد، للحصول على فتوى باستعمال الموسيقى الصوفية، وفرارًا من هذه الفتوى، نخبرهم بأننا نتصوف، وهم يوافقون ولكنهم يعترضون على الأغانى الأوروبية ويعتبرونها حرامًا.
■ وكيف تواجهون المطربات العاريات؟
- لا يوجد قانون يمنعهن من الظهور، فهذا خارج عن إطار الدولة، لأنهن يظهرن فى القنوات الخاصة، ولا يمكن إيقافهن، من باب الديمقراطية.
■ هل توجد فى أفغانستان قواعد مُنظمة للموسيقيين؟
- نعم، توجد لدينا قوانين، ولكن من الصعب تطبيقها الآن، لأسباب مختلفة، فى السابق كانت الأغنية يتم فحصها من قبل الرقابة الفنية، لكن الآن باتت تُصنّع فى الخارج، وبالرغم من أن الرقابة تضبط الألفاظ غير القانونية، فهذه وغيرها من القواعد لا يتم تطبيقها على الأغانى التى تُصنع خارج الدولة.
■ هل الأحوال الفنية اختلفت الآن عن فترة حكم «طالبان»؟
- نعم، هذا صحيح، خلال حكم «طالبان» كانت الموسيقى حرامًا، ما عدا الأناشيد الوطنية، وكان الموسيقيون يهربون إلى باكستان، وأنا كنت واحدًا من أولئك الذين هربوا طوال حكم تلك الجماعة الإرهابية، منذ ١٩٩٦ حتى ٢٠٠١، ففى تلك الفترة تعرض الموسيقيون داخل أفغانستان إلى حملات متكررة من الاعتقال والتعذيب.
■ هل قُتل أحد منكم؟
- بالطبع، تعرض العديد من المغنين والموسيقيين للقتل، وأكثرهم قتل فى شمال البلاد، تلك المنطقة تحديدًا شهدت اغتيال أكثر من ٢٠ مطربًا، ليس ذلك فحسب، بل كانوا يحملون الآلات الموسيقية على أعناقهم، ويصطف الناس للبصق عليهم، للتحقير من شأنهم، الحمد لله لم أكن متواجدًا خلال فترة حكم «طالبان» وإلا كنت مقتولًا الآن.
■ هل «طالبان» لا تهدد الموسيقى والموسيقيين الأفغان حاليًا؟
- المنطقة التى تتواجد فيها تلك الجماعة ممنوع فيها الموسيقى، مثل المناطق الحدودية، لكن الغريب أن بعض الشيوخ يصدرون الفتاوى ضد الموسيقى فى بعض المناطق الأخرى.
■ ماذا عن الحفلات؟
- موجودة بقوة، تقام الحفلات طوال العام فى أماكن مختلفة، وهناك حفلات سنوية وأخرى شهرية.
■ماذا عن غناء السيدات؟
- فى المساجد، ينادى الخطباء أثناء خطبة الجمعة بأن هذا حرام، الشيوخ يصدرون تلك الفتوى بسبب ظهور بعض السيدات عاريات فى التليفزيون، ولو ظهرن محتشمات لما قال الشيوخ ذلك، لكن ظهور النساء عاريات، يمنحهم حجة أقوى فى إصدار تلك الفتاوى.