رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس الجالية العربية الأفغانية: الغرب تباهى بنا أثناء مقاومة السوفيت.. ثم تخلى عنا ووصفنا بالإرهابيين عندما انتهت مصلحته

الملا عزة الله عاطف
الملا عزة الله عاطف

طالب مصر والعرب بدعم السنة فى بلاده وزيادة الاستثمارات بكابول

قال الملا عزة الله عاطف، رئيس الجالية العربية الأفغانية، وكيل لجنة الدفاع فى البرلمان الأفغانى، إن هناك دولا خارجية لا تريد لبلاده أن تخرج من دائرة الحرب والإرهاب، التى تحاصرها منذ نحو ٤٠ سنة، مؤكدا أن دولة قطر لا تزال تدعم حركة «طالبان» الإرهابية.
واتهم «عاطف» فى حواره مع «الدستور»، القوى الخارجية بتدمير بلاده، عبر استخدام بعض الأفغان العائدين إلى الوطن بعدما عاشوا وتعلموا فى الخارج، من أجل الوصول إلى مناصب قيادية تتيح لهم تنفيذ أجندات أجنبية خاصة، مثنيًا على دور مصر فى دعم بلاده، واحترام الشعب الأفغانى للرئيس عبدالناصر، الذى ساعدهم على نيل الاستقلال.

■ بداية.. كيف تقيم الوضع الأمنى فى أفغانستان حاليا؟
- بلدنا عاش ٤٠ سنة فى أوضاع حرب، والعالم كله يعرف هذا، لكننا شعب نبغض الحرب، ونحب بعضنا، وللأسف الشديد الحرب هنا حدثت بالصدفة، وفُرضت علينا بلا ذنب، وبلدنا فى الماضى كان آمنا مستقرا، قبل أن تتدخل فيه روسيا، وتعلن علينا الحرب.
■ ماذا عن الأوضاع الداخلية؟
- أفغانستان بلد فقير، والأعداء استفادوا من هذه البطالة والفقر، وهناك أكثر من ٣ ملايين شخص من مواطنينا يعيشون فى باكستان، وأكثر من مليونين فى إيران، لذا يتدخل كثيرون فى شئوننا حتى يستفيدوا من المشكلات المعيشية والفقر الذى نحن فيه، وكثير من هؤلاء يُستخدمون ضد أفغانستان كجواسيس، ويخربون فى بلادنا من أجل المال والحياة الأفضل.
■ تُتهم بلادكم بأنها دولة «القاعدة» والإرهاب.. فكيف تنظرون إلى ذلك؟
- منذ الغزو السوفيتى لأفغانستان عام ١٩٧٩، فإن الدول التى كانت تعادى الاتحاد السوفيتى، عربية كانت أو غربية، ساعدتنا من أجل التحرر من الروس، وكان لها دور كبير فى ذلك، من حيث الإمداد بالسلاح وإرسال الشباب للجهاد، وعندما فشل السوفيت وخرجوا من أرضنا، ظل الشباب العرب والأجانب الذين كانوا يجاهدون مستقرين فى بلادنا، وهؤلاء تدربوا على الحرب، وتربوا عليها وسيطرت على فكرهم، لذا رسخ هؤلاء هذا الانطباع الموجود عن بلادنا.
■ كيف تحول مفهوم الجهاد من حرب ضد المحتل إلى هذا الوضع المتطرف؟
- أيام الاحتلال السوفيتى، كان الجهاد مقدسا، وذلك عندما انتفض الشعب الأفغانى كله ضد المحتل، لكن بعد ذلك، ومنذ نحو ٢٥ سنة، فكرت دول كثيرة فى أن من مصلحتها استعمال الشعب الأفغانى لتحقيق مصالح معينة ضد روسيا، وهنا بدأ الجهاد يتحول إلى مصلحة وأداة، وبدأت جهات كثيرة العبث فى بلادنا وتستغلها وتستعملها للوصول إلى هدف ليس فيه مصلحة الشعب.
■ فى رأيك.. ما أسباب التحول فى نظرة الغرب إليكم؟
- فى بداية سنوات الجهاد ضد الروس، كان الناس فى أوروبا يفخرون بكلمة المجاهد وكانوا يرتدون ملابسنا، لأن الجهاد وقتها كان يمثل المقاومة ضد المحتل، الذى أتى إلى البلاد ليغتصب خيراتها، ولا يوجد هنا فى أفغانستان بيت لم يقدم شهيدًا أو جريحًا، كما أن أولادنا حرموا من التعليم بسبب هذه الحروب والمقاومة.
وباختصار، المجاهد ضد الروس كان محبوبا فى الخارج، خصوصا فى الولايات المتحدة، وأى وزير أمريكى كان يستضيف المجاهد فى بيته ويفتخر به، ويعتبره بطلًا، لأن أمريكا كانت على عداء مع روسيا وتخاف منها، وحتى الصحفيات الأوروبيات كن يأتين إلى أماكن الحرب للكتابة عنها، وكن يبكين من أجلنا كلما رأوا سقوط الصواريخ الروسية فوق رءوسنا.
لكن عندما سقطت روسيا على يد هؤلاء المجاهدين، لم يعد للمجاهد أى أهمية بالنسبة للغرب، فأخذوا يشوهون الكلمة، ويصفونها بالإرهاب، لأننا لم نعد مفيدين بالنسبة لهم.
■ ألم يساعد الوضع العرقى على استمرار الحرب فى رأيك؟
- نعم لدينا عرقيات، وكان هناك مؤتمر الأقوام فى أفغانستان، ويقضى بأن يكون انتخاب الرئيس من قبيلة «البشتون»، لأنها تمثل الأغلبية، وبعدها تأتى قبيلة «الطاجيك»، لأن التقسيمات هنا فى البلد على أساس قبائل، لكن من غير الصحيح أن العرقيات هى سبب الأزمة، فأفغانستان تعتبر قلب آسيا، ولو أرادت أى دولة السيطرة على آسيا تمر من هذا المكان، رغم أنه شائك، وهنا سقطت الإمبراطوريات الكبرى، بريطانيا وبعدها روسيا، فأى طرف من الأطراف يأتى إلى قلب آسيا يسقط.
لذا ليست العرقيات والأقوام هى السبب فى التخلف، وعلى مدار عشرات السنين لم يكن الشعب الأفغانى فى أمان، لأنه يعيش دوما فى تحولات، وهناك دول تريد أن تسيطر، وتمر من هنا والشعب الأفغانى يقف ضدهم، ويقاوم هذا الهجوم، فالموقع الجغرافى لنا جعلنا مطمعا على مدار السنين، لأننا بوابة لعدة دول قوية كالصين وإيران وروسيا.
وهناك سبب آخر، وهو أن أفغانستان دولة غنية من ناحية المعادن، لذا فإن الآخرين يريدون السيطرة على خيراتنا.
■ ما أهم الحركات الناشطة حاليا فى أفغانستان بخلاف «طالبان»؟
- لدينا بعض الحركات التى تعتنق التشدد والعنف، من بينها «حقانى»، و«داعش»، بخلاف أن الجماعات المتشددة فى الجوار عند حدودنا مع الصين، وبعض دول الجيران، مثل باكستان وإيران تستغل هذه الكيانات ضدنا، و«طالبان» نفسها تستخدمها وتستفيد منها فى تغذية الفكر المتطرف، الذى يتبعونه فى محاربة الحكومة.
■ كيف تسلل تنظيم «داعش» مؤخرا إلى بلادكم؟
- «داعش» مجرد اسم مثل «طالبان»، لكن الفكرة واحدة، وهى زراعة التشدد والتخلف فى بلدنا لكى نظل دولة متخلفة، و«طالبان» تعمل الآن لصالح «داعش»، لأنهما من نسيج واحد وفكرة واحدة، والهدف من ورائهما واحد، وهو تدمير الدول، لأنهم من الأصل صنيعة دول كبرى.
■ هل تراجع دور «طالبان» بعد ظهور التنظيم الجديد؟
- منذ ٣ سنوات لم نكن نسمع عن «داعش»، وكانت «طالبان» هى المسيطرة هنا، وقد يكون لها دور أكبر فى الفترة المقبلة، لكن المؤكد أن الاثنين يعملان فى نفس الاتجاه ومن أجل هدف واحد، لذا فالتراجع غير صحيح.
■ أليس غريبًا أنكم نجحتم فى هزيمة الاحتلال وفشلتم فى هزيمة «طالبان»؟
- المشكلة أن الحرب التى تُشن على أفغانستان تقودها يد واحدة، لكنها مرة تساعد الدولة ضدهم، ومرة تساعد «طالبان» ضد الدولة، لأنهم لا يريدون أن تنتهى الحرب هنا، بل يريدون بلدنا غير مستقر، وإن شاء الله سيأتى يوم يعلم فيها أبناؤنا حقيقة هذا الوضع وهذه الحركة، وهذا ما بدأ بالفعل، وظهر فى انضمام كثيرين إلى صفوف الدولة.
■ ما الدول التى تساعد هذه الحركة؟
- فى البداية، حينما سيطرت الحركة على كابول، كانت معظم دول الخليج تدعمها بشكل معلن، أما الآن، فإن قطر هى من تدعم الإرهابيين فى «طالبان»، ولكن فى الخفاء، ولا تصرح بذلك حتى لا توصف بالداعمة للإرهاب.
■ كيف تنظر إلى النظام الحالى فى البلاد؟
- أتمنى أن يكون بلدى قويا وأعمل على ذلك، لكنى لست مع الحكومة الجديدة، ولا أدعمها فيما تفعل، لأنها فشلت فى لم شمل الأقوام وتجميعهم من أجل مصلحة البلاد.
■ لماذا ترى ذلك؟
- لأن أغلب المسئولين لدينا عينوا فى مناصبهم رغم أنهم لم يعيشوا فى أفغانستان، لقد جاءوا من الخارج، حيث كانوا يعيشون، وهدفهم هو السيطرة وتنفيذ بعض الأهداف الخاصة بدول خارجية، لذا لا تهمهم مصلحة الشعب الأفغانى.
■ من الدول التى تقصدها؟
- الدول القوية مثل أمريكا وبريطانيا، ودول الجوار مثل باكستان وإيران، فهذه الدول دعمت بعض الشخصيات للسيطرة على البلاد، وأنا أقول ذلك دائما ولا أخاف منهم أحدا، لأنى أحب بلدى ولا أخشى فى الحق شيئا، وهذه حقائق يعلمها الجميع، ويجب أن يقولها كل محب لهذه البلاد، فمن جاءوا من الخارج وتولوا السلطة هنا يختلفون عمن يعيشون فى هذا البلد، فهم أدرى بمشاكله.
وأؤكد أن هؤلاء القادمين من الخارج يؤدون مهمتهم وعندما تنتهى سيعودون من حيث أتوا، لذا فإنهم لا يشعرون بالمسئولية تجاه الشعب، وحتى أولادهم لا يعيشون معهم هنا، وكأنهم أغراب، وهذا الوضع مستمر منذ ١٧ سنة تقريبًا، ومنذ سقوط «طالبان» فإن أى وزير أو مسئول جاء إلى هنا لفترة معينة كان يعمل فيها ثم يغادر، ويحمل حقيبته وأمواله، ويذهب إلى الخارج، وكأنهم يجمعون أموالًا فقط، ليعيشوا بها فى الدول التى تعينهم فى هذه المناصب.
وأكرر مرة أخرى، أغلب القادة هنا «تربية خارجية»، نشأوا على يد الدول القوية التى أتت بهم من الخارج، وواجهت بهم كل من يحب هذا البلد ويريد أن يخدمه فعلًا، لأن ذلك يتعارض مع مصالحها، والخطة القائمة هى عدم تمكين أبناء أفغانستان الحقيقيين من إدارتها.
■ ألا توجد محاولات داخلية لإجراء أى توافقات أو مواءمات سياسية لإنهاء العنف؟
- هناك محاولات، كانت آخرها الجلسات التى جمعت بين «طالبان» وعدد من الحركات الأخرى، وبين الحكومة، وكنت وسيطًا بين كافة الأطراف، لكن كل منهم كانت له مطالب وأهداف مختلفة عن الآخر، ودورى كان يقتصر على المساعدة فى أن يجلسوا معا على طاولة واحدة، لأنى أعمل فى السياسة منذ ٤٠ عاما، دون انتماء وانحياز لأى من هذه الحركات، وكل ما يهمنى هو مصلحة البلاد، لذا كنت أعطى النصيحة للجميع.
وبالنسبة لـ«طالبان» فهى تريد مصلحتها مع الحكومة، ويتحدثون معى من أجل هذه المصالح كرئيس للجالية العربية هنا فى أفغانستان، وأنا ومعى عرب أفغانستان نريد المصلحة للشعب والبلاد، ونخدم كل ما يحقق ذلك.
■ كيف تقيم أوضاع الجالية العربية فى أفغانستان حاليا؟
- قبل مؤتمر بون عام ٢٠٠١، وفى أيام الجهاد، كانت هناك أحزاب وأقوام بعضها إسلامى، دون تقسيم لجاليات، لكن بعد الاتفاق فى المؤتمر، أصبح هناك تقسيم للكراسى والمناصب، وفقا للنسب، وساعتها علمنا الحجم الحقيقى للجالية العربية هنا، وهو حجم كبير، يصل إلى ٤ ملايين شخص، فبدأنا ننظمها وأصبح لهم مكان فى البرلمان بـ٤٢ مقعدا من إجمالى ٢٤٩، وفى كل ولاية لدينا ممثل واحد على الأقل، وفقا للنسبة التى عينتها الأمم المتحدة لنا، لأننا نمثل ١٠٪ من عدد السكان، أو أكثر.
■ ما مهام وظيفتك كرئيس لجنة الدفاع فى البرلمان؟
- أنا أعمل بالسياسة منذ الثورة الشيوعية فى السبعينيات، حينما كنت طالبا فى المدرسة الثانوية، ووقتها كانت هناك حركات سياسية مقسمة على طرفين، يسارى ويمينى، الأول شيوعى والثانى جهادى، كما كنا نسميها وقتها، وأنا كنت مع المجاهدين اليمينيين، ثم شاركت فى إسقاط الاحتلال السوفيتى، ولم يكن عملا سهلا، وأمريكا نفسها لم تتوقع سقوط الاتحاد السوفيتى على أيدينا هنا فى أفغانستان، لكننا فعلناها.
لذا فأنا لواء عسكرى، وأعمل وكيلا فى لجنة الدفاع، كما أنى منذ ثمانى سنوات أصبحت مستشارا فى الوزارة، وأحضر جلساتها، لكنى أؤكد أن معظم القرارات تكون مفروضة علينا من الخارج، عبر استخدام أصحاب المناصب كما قلت.
■ ألست راضيا عن دور البرلمان؟
- هناك مثل يقول: «من يطعمك يأمرك»، وإذا كان الدعم كله يأتى من الخارج، لذا فإن القيادات هنا لا تستطيع أن تخرج عن الخط الذى يرسمه لها الداعمون الأجانب.
■ كيف تنظر إلى الانتخابات الرئاسية الأفغانية؟
- فى البداية كانت هناك حكومة مؤقتة ثم أجريت الانتخابات وفاز كرزاى لفترة ثم انتهت، ثم اُنتخب مرة أخرى، ثم جاء للحكم أشرف غنى عام ٢٠١٤، ولا نعلم موعد الانتخابات المقبلة، لأن من يحدد ذلك أمريكا والدول الخارجية.
■ ماذا تتمنى لبلادك فى الفترة المقبلة؟
- لدى أمل فى تغيير الأوضاع، فالمؤمن لا يجب أن ييأس أبدًا، وحينما نرجع إلى الوراء، نجد أن روسيا كانت هنا ولم يتوقع أحد أن نسقطها، ولكننا فعلنا ذلك، لأننا كنا مؤمنين نثق فى نجاحنا فى الجهاد.
وأنا أود أن أقول إن أساس الحكومة الأفغانية هو الأقوام، رغم أن بعضهم يمثلون التشيع وتدعمهم دول مثل إيران وباكستان، لكن نحن كعرب نريد من الدول العربية وعلى رأسها مصر مساعدتنا، لكوننا مسلمين وسنة، ونطلب منها دعمنا اجتماعيا وتعليميا، وندعوها للاستثمار فى بلادنا، من أجل تخفيف المعاناة التى نعيش فيها هنا.