رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير الثقافة الأفغاني: شعبنا يحب الأزهر وعبدالناصر

 الدكتور محمد رسول
الدكتور محمد رسول

يتمنى زيارة مصر للتمتع برؤية الأهرامات والمتاحف وآثار توت عنخ آمون

علاقتنا بمصر تاريخية وممتدة منذ جمال الدين الأفغانى

وتعلمنا الصحافة على يد «أحفاد الفراعنة»


قال الدكتور محمد رسول، وزير الثقافة والآثار الأفغانى، إن وزارته تبذل قصارى جهدها لإعادة الآثار المسروقة التى هربها العملاء والتجار إلى الخارج، استغلالًا لحالة انعدام الأمن التى سادت البلاد، خلال فترة الحروب الطويلة التى مرت بها، مشيرًا إلى تورط بعض القيادات السياسية فى الدول المجاورة فى تجارة الآثار الأفغانية، ورفضهم إعادتها إلى «المتحف الوطنى» فى كابول. وتطرق وزير الثقافة الأفغانى إلى طبيعة العلاقات الثقافية الممتدة بين مصر وأفغانستان، التى تتجلى فى احتفاء المصريين بالشيخ جمال الدين الأفغانى، واعتزاز القادة الأفغان بالدراسة فى مصر وجامعاتها، مشيرا إلى أن كثيرين من القيادات السياسية الأفغانية تلقوا العلم فى مصر من بينهم الرئيس الأفغانى الراحل برهان الدين ربانى.


■ بداية.. ما أهم ملامح الثقافة الأفغانية؟
- هناك نوعان من الثقافة، الثقافة الحية غير الملموسة، وتتمثل فى الغناء والفولكلور، والعادات والتقاليد، والزى والرقصات، التى تعبر عن الثقافة الأفغانية، ونراها فى الاحتفالات والأعياد الوطنية، وهناك ثقافة أخرى يمكن لمسها، وتتمثل فى القطع الأثرية والتماثيل والحفريات التى تعبر عن تاريخ الدولة الأفغانية، وهى موجودة فى المتاحف، وفى بعض الساحات الأثرية، على امتداد الـ٣٤ ولاية، والتنقيب عنها مستمر للكشف عن المزيد.
■ كيف أثرت الحرب الطويلة على هذه الثقافة؟
- الثقافة هى هوية الشعوب والأمم، ونحن فى أفغانستان مررنا بالعديد من الحروب، وتعرضنا للهجوم والدمار من دول مختلفة، كما يعلم الجميع، لذا فإن جزءا كبيرا من ثقافتنا، المتمثل فى الآثار تعرض للدمار، وبعضها لايزال موجودا، لكن ٧٠٪ من الآثار الأفغانية التى كانت موجودة فى المتحف الوطنى تعرضت للسرقة.
■ ما الجهود المبذولة لاستعادة هذه الآثار المسروقة؟
- وفقا لدورنا كوزارة، نحن مسئولون عن الثقافة والآثار، لذا حاولنا كثيرا إعادة جمع الآثار التى نجت من الحروب ووضعها فى المتحف الوطنى، خاصة أن الآثار الأفغانية تعرضت للسرقة من المتحف أكثر من مرة، كانت الأولى بعد سقوط حكومة عناية الله خان، ملك أفغانستان عام ١٩٣٠، والثانية فى الفترة بين عامى ١٩٨٨ و١٩٩٥، عندما بدأت الحروب الداخلية والأهلية.
لذا جددنا المتحف، وأعدنا بناءه مرة أخرى فى ٢٠٠٢، وبدأنا بعدها تجميع ما تبقى من الآثار الناجية، واستطعنا فى السنوات الـ١٦ الماضية إعادة ٣ آلاف قطعة أثرية مسروقة، فاسترجعنا ١٣٠٠ قطعة أثرية من سويسرا، و١٠٢ قطعة من اليابان.
■ ماذا عن باقى القطع؟
- هناك بعض الآثار لاتزال موجودة فى الدول المجاورة، مثل إيران وباكستان، ولم تتم إعادتها، لأن هذه الدول لم توافق على إعادتها إلى بلادنا، واحتفظوا بها لديهم، وهناك ١٦ قطعة أثرية مهمة تعرضت للسرقة على يد أحد رجال الحكومة فى باكستان، الذى اشتراها بمبلغ ١٠٠ ألف دولار فقط، رغم أن ثمنها يقدر بالملايين، وحفظها باسمه فى المتاحف البريطانية.
أما إيران، فهناك تجار وعملاء سرقوا ٢١ قطعة من الآثار الأفغانية، ثم تعرضوا للقتل على يد رجال من السلطة، حتى لا يتم إثبات السرقة.
■ لماذا يهتم بعض رجال الحكم فى إيران وباكستان بآثار دولتكم؟
- هم يهتمون بنقل كل شىء لا الآثار فقط، فمثلا فى ١٩٩٠، سرقت شبكات العملاء حوالى ٢ ونصف طن من الذهب، وهربوهم إلى باكستان، ورغم أننا تلقينا وعودا كثيرة من الحكومات الباكستانية بإعادة ما سرقه التجار والعملاء إلا أن هذا لم يتحقق حتى الآن، وما يجرى استعادته هو عن طريق بعض الرجال الوطنيين، الذين عملوا منذ ٢٠٠٢ على إعادة آلاف القطع المسروقة إلى المتحف الوطنى.
■ إلى أى عصر ترجع هذه الآثار التى تحدثت عنها؟
- هناك قطع ترجع إلى العصر الحجرى، وبعضها من عصور ما قبل الميلاد، ومنها آثار تنتمى للعصر الإسلامى، بدءا من القرن الثامن الميلادى وحتى الآن، وبعضها حديث، والآثار الأفغانية متعددة وثرية، ومؤخرا أقمنا معرضا أثريا فى الصين، استمر لأكثر من شهرين، وحقق عوائد كبيرة، وضم أكثر من ٢٣٠ قطعة من عصور مختلفة، منها تماثيل ذهبية ترجع للعصور القديمة، وحظى بزيارة أكثر من مليون شخص، حتى إن الهند طلبت استضافة معرض الآثار الأفغانية، وعرض قطعنا هناك.
■ ماذا عن الفن الأفغانى؟
- لدينا سينما ومسرحيات وعروض تليفزيونية، والحكومة كانت تنتج الأفلام السينمائية، خاصة التاريخية منها، وكانت بدايات الإنتاج تتضمن أفلاما وثائقية، عن حروب عام ١٩١٦، واستقلال أفغانستان، وعلى مدار ٥٠ سنة، أنتجت الحكومة حوالى ٢٠٠ فيلم سينمائى، فى موضوعات مختلفة، وأجهزة الدولة تخطط حاليا لإنتاج مسلسل كبير يعرض فى هذا العام، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات الكوميدية.
والمشهد الفنى لدينا تطور كثيرا بعدما منحت الحكومة للمؤسسات الخاصة ترخيصا بإنتاج الأفلام بشكل مستقل عن الحكومة، كما أعطت للأفراد الحق فى إنتاج الأعمال السينمائية.
■ ما ملامح العلاقات المصرية الأفغانية فى الوقت الحالى؟
- العلاقات بين مصر وأفغانستان قديمة، وفى كل المجالات الدبلوماسية والثقافية والقضائية، والشرطة والجيش والمخابرات، وهناك علماء عظماء من الأفغان كانت لهم بصمة فى المجتمع المصرى، مثل جمال الدين الأفغانى، الذى يوجد له تمثال فى سفارتنا فى القاهرة، وتتلمذ على يديه عدد من العلماء المصريين.
لذا فالروابط ممتدة منذ قديم الأزل، وفى العصر الحديث، وفى الخمسينيات تحديدا، ذهب طلاب كثيرون من أفغانستان إلى مصر، وتعلموا هناك، وحصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه من جامعاتها، ومن بينهم موسى شفيق، رئيس الوزراء الأفغانى فى السبعينيات، الذى كان خريج جامعة القاهرة، والرئيس عبدالناصر اعتاد استقبال كبار المسئولين الأفغان، وأسس معهم روابط وطيدة، وكان الملوك الأفغان يتحدثون كثيرًا عن مصر فى معظم خطاباتهم، ويشيرون دائما إلى أهميتها فى العالم، ودورها الكبير والمؤثر فى معظم الدول.
ويعتبر محمود ترزى، الذى تتلمذ فى جامعات مصر وسوريا فى مطلع القرن العشرين هو أبو الصحافة فى أفغانستان، وكان كثيرا ما يكتب عن مصر فى مقالاته، ومنه تعلم الأفغان الصحافة، التى استمرت دون انقطاع منذ ذلك الوقت.
■ هل سبق لك زيارة مصر؟
- أتمنى زيارتها فى أقرب وقت، لأتمتع برؤية الأهرامات والمتاحف وآثار توت عنخ أمون، والإسكندرية، لأنى أعلم قدرها كعالم آثار قبل أن أكون وزيرا، فهى مهد الحضارة، وفى كل زياراتى للخارج، تكون مصر وآثارها محور حديثى مع الأثريين من كل دول العالم، وأنا أتمنى التعرف بشكل أقرب على مشروعها الثقافى، فشعب أفغانستان يعشق مصر وشعبها، ويهتم بفكر الرئيس عبدالناصر، ويعشقه، ويكفى أن أقول إن مصر تضم جامعة الأزهر، التى تخرج فيها ١٢ رئيس جمهورية، كان منهم رئيسان لدولة أفغانستان، هما الرئيس صبغت الله مجددى، والرئيس برهان الدين ربانى، بالإضافة إلى كثيرين من العظماء.