رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يعالج كوبر أخطاء البرتغال؟

جريدة الدستور


فى مباراة درامية ومثيرة خسر المنتخب المصرى أمام نظيره البرتغالى فى أولى تجارب الفراعنة الودية، أمس الأول، بهدفين مقابل هدف، وذلك ضمن استعدادات الفريق الوطنى لمونديال روسيا الذى تُقام منافساته الصيف المقبل.

ما مكاسب وخسائر المنتخب المصرى.. وكيف يعالج كوبر أخطاءه فى المستقبل؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى هذا التقرير..

الأخطبوط.. قوة الشخصية وثبات المستوى تؤهلان الشناوى لحراسة مرمى الفراعنة
أول المكاسب التى أظهرتها ودية البرتغال هى ظهور محمد الشناوى، حارس مرمى الأهلى، بمستوى جيد وتقديم مباراة رائعة أمام خصم كبير بحجم البرتغال رغم تلقيه هدفين ربما تنعدم مسئوليته تمامًا فيهما.
الشناوى تألق فنيًا فى عدة أمورها، أولها اصطياد الكرات الهوائية، ففى الشوط الأول نجح فى الإمساك بأربع كرات عرضية وإبعاد ثلاث كرات أخرى بقبضته، وهو رقم لم يتمكن عصام الحضرى من الوصول إليه طوال مشوار تصفيات كأس العالم.
أعطى الشناوى مدافعى المنتخب المصرى أريحية كبيرة طوال المباراة، وفى المرات القليلة التى لم يخرج فيها، أحرج خط الدفاع بالكامل.
إلى جانب الكرات العالية، ظهر الشناوى ذكيًا فى التمركز وقراءة تسديدات الخصم والوجود بالأماكن السليمة والتعامل بردود فعل قوية، ولو حالفه التوفيق ما استقبل مرمى الفراعنة الهدف الأول.
كما ظهر بشخصية قوية وثبات انفعالى فلم يظهر مهتزًا كما كان أحمد الشناوى حارس مرمى الزمالك فى المباريات الكبيرة، وبدا واثقًا من قدراته، فعندما سقطت إحدى الكرات العرضية من يده فى منتصف الشوط الأول لم يرتبك بعدها، ولم يخشَ الخروج من مرماه بل كرر الأمر ٤ مرات فى ٢٠ دقيقة بعدها.
كما أن خطأه المشترك فى إحدى الكرات مع أحمد فتحى لم يؤثر فى مستواه بعدها وظل متوازنًا، ويقدم أداء رائعًا بثبات كبير ليبرهن على أنه صاحب شخصية قوية.
يستوجب على كوبر الاستمرارية فى الدفع به، ومنحه مزيدًا من الثقة ففكرة تجريب حارس الآن فى لحظات تألقه ستكون أقل نفعًا مما سيؤول إليه الأمر فى حال الاستمرار فى الاعتماد على الشناوى، الذى يبدو أنه الحارس الأنسب للفراعنة فى المونديال المقبل.

مروان محسن يهزم كوكا فى الضغط على الخصوم وتخفيف الأعباء الدفاعية
يأتى مروان محسن، كثانى أهم المكاسب التى حققها كوبر من ودية البرتغال، فبعد غياب عام وثلاثة أشهر عن المشاركة برهن «محسن» مجددًا على أنه المهاجم الصريح الأنسب لطريقة الأرجنتينى هيكتور كوبر.
لماذا؟
كوبر مدير فنى لا يلعب كرة قدم هجومية، ويحتاج رأس حربة قويًا بدنيًا يمارس الضغط على الخصوم من جهة، ويكون محطة لتخفيف الأعباء الدفاعية على مدافعى فريقه من جهة أخرى، وهو ما قام به اللاعب عندما حل بديلًا لـ«كوكا» فى الشوط الثانى.
ورغم أن المهاجم الصريح للفريق قد لا تكون إسهاماته بالقرب من مناطق الخصم كبيرة، لكنه يحرم أى فريق يواجه الفراعنة من البناء السليم للهجمات من الأسفل فهو بلغتنا العامية «لاعب غتت»، يمارس الضغط بقوة غير عادية، ويحارب على الكرة فى منتصف الملعب، وكأنه فرصة تهديف مؤكدة، وهذا إن لم يمنحنا الحصول على الكرة وتطبيق الهجوم المرتد فهو يحرم الخصوم من التدرج السليم بالكرة، ولذلك يتميز مروان عن كوكا الضعيف بدنيًا، الذى فشل حتى فى القيام بمهمة المحطة لنقل الفريق للمناطق الأمامية رغم طول قامته وقوته البدنية. يعانى كوكا من غياب الرشاقة فى حركته، تشعر بأنه لاعب مقيد الحركة، يخطو ببطء شديد، ربما لو استمر عمرو جمال فى الأهلى، أو تألق باسم مرسى مع الزمالك، لكن وجود أحدهما أفضل مما يقدمه لاعب كسول توقعنا أن يكون مردوده أفضل بكثير مما هو عليه.

هزيمة صلاح.. الأساطير لا تغادر المستطيل الأخضر سوى برغبتها
أكبر الخسائر التى تكبدها كوبر والفريق الوطنى هى الخسارة المعنوية والإعلامية التى تلقاها محمد صلاح أمام كريستيانو رونالدو، رغم تألق الفرعون وعزل الفريق البرتغالى طوال المباراة حتى خروجه.
قبل المباراة لقيت مواجهة مصر والبرتغال اهتمامًا إعلاميًا لن نكون مبالغين إذا قلنا إنه فاق ما لقته مباريات مهمة، مثل إيطاليا والأرجنتين، وألمانيا وإسبانيا، ليس لأنها مواجهة بين بطل أوروبا وكبير القارة الإفريقية فحسب، بل لأنها صراع كبير بين ٢ من أفضل ٥ لاعبين فى العالم هذا الموسم.
خرجت كل التقارير الغربية تعنون عن قوة الصراع بين «الدون والمو»، خاصة أن نجمنا المصرى قريب للغاية من الانضمام إلى ريال مدريد الذى لم ينفِ تقارير عن رغبته فى خطف الفرعون من الريدز، خاصة أن رونالدو ربما يكتب أيامه الأخيرة فى البرنابيو.
من هنا تعرف لماذا بالغ رونالدو فى الاحتفال بالفوز فى مباراة ودية على فريق إفريقى لم يتأهل إلى المونديال منذ عشرات السنين.. فقط لأنه يواجه نجمًا جديدًا يهدد مستقبله فى مدريد، ويلقى كل الترشيحات ليكون كبير العاصمة المدريدية فى المستقبل القريب، ومن هنا أيضًا برز حزن صلاح للمرة الأولى أثناء التغيير فما كان ينبغى أن يخرج من الملعب. خسر صلاح مواجهته مع رونالدو بفعل كوبر، فخلال ٧٨ دقيقة لم يتمكن كريستيانو رونالدو ولا فريقه من تشكيل خطورة حقيقية على مرمى الفراعنة، وعندما خرج صلاح من الملعب تدهور حال الفريق وعدنا للخلف بشكل مبالغ فيه، فحققت البرتغال الكثافة العددية فى المناطق الأمامية، ونجحت فى تشكيل الخطورة خلال ربع ساعة أكثر مما كانت عليه طوال ٧٨ دقيقة؟
هل لا يحق لكوبر أن يستبدل صلاح؟
نعم أساطير كرة القدم لا يتم استبدالهم سوى للإصابة أو لرغبتهم عندما يشعرون بعدم القدرة على الاستمرارية.. هكذا ليونيل ميسى، وكريستيانو رونالدو.. وهكذا صار صلاح من الأساطير التى يكون وجودها فى الملعب تهديدًا لأى خصم وعبئًا كبيرًا، وخروجهم يخفف هذا العبء.
كما أن بقاءهم فى اللحظات الأخيرة يمنحهم فرص تسجيل أعلى خاصة عندما تكون متقدمًا فى النتيجة ويكون الخصم مندفع رغبة منه فى تصحيح الوضع، وهذا ما كان كفيلًا بمنح صلاح فرصة أخرى لتأكيد فوزنا خاصة مع وجود المساحات وتعدد الفرص قبل خروجه.
هل هذا يحرمنا من تجريب بديل لـ«صلاح» فى مباراة ودية لتجنب الكوارث فى حال غيابه؟
ليس أمام البرتغال التى يُعد الفوز عليها رسالة قوية لكل فرق العالم تقول إن الفريق المصرى ليس ضيف شرف فى المونديال من جهة، ومن جهة أخرى السعى لتأكيد تفوق صلاح على رونالدو بالحرص على المكسب حتى آخر لحظة، فلمَ لا نؤجل تجريب بديل صلاح لودية اليونان على سبيل المثال. لكن ما جرى لا ينفى أن صلاح قبل خروجه كان متفوقًا على رونالدو فى كل شىء، منح فريقه التقدم، وامتلاك الكرة والتحكم فى رتم المباراة، وشكل الخطورة كثيرًا بنزوله إلى الأسفل وقدرته على صناعة اللعب لزملائه.

شيكابالا.. هذا ليس وقت تكرم فيه لاعبًا ظهر مسكينًا بعد 5 دقائق
غير قادر على الركض بكرة أو دونها، عندما يتسلمها يبحث عن التخلص منها، بعد ٥ دقائق فقط ودون أن يقوم بأى «سبرنت» ظهر مسكينًا غير قادر على العودة إلى الخلف، مرتبكًا حتى فى تمريراته.. فلماذا يا كوبر الإصرار على شيكابالا؟
شيكابالا لم ولن يكون يومًا بديلًا لمحمد صلاح أو غيره من لاعبى مركز الجناح الذى يتطلب جهدًا بدنيًا وقدرات تمكنه من أداء الأدوار الدفاعية والهجومية بشكل متوازن.
فى الأوقات الأخيرة من المباراة وعندما تكون فائزًا إذا فكرت فى امتلاك الكرة ومنح الفريق القدرة على السيطرة فى منتصف الملعب.. أيهما قادر على القيام بهذا الدور شيكا أم وليد سليمان؟
يعرف أسامة نبيه، مساعد كوبر، أكثر من الأرجنتينى معرفة اليقين أن وجود وليد سليمان فى مثل هذه الظروف مهم للغاية، فهو اللاعب المتزن الذكى فى التحرك، والملتزم تكتيكيًا والقادر على الالتزام دفاعيًا وامتلاك الكرة فى الأمام إذا ما أردت الحفاظ على النتيجة، فهو أنسب لاعب يمكن أن تستخدمه فى ربع الساعة الأخير وليس شيكابالا.
الأمر الذى يجب أن يعترف به كوبر وكل المصريين أن فكرة البحث عن بديل صلاح جنون، ودرب من الخيال، فكما أن الأرجنتين لا تبحث عن بديل ميسى، ولا تفعل ذلك البرتغال مع رونالدو، سيكون الحديث عن تعويض صلاح مثل الحرث فى الماء، أما عن الأسلوب الأمثل للعب فى غيابه فهو أمر يتطلب التخلى عن الاستراتيجية المعتمدة عليه فى الأساس، والاعتماد على شكل آخر، فلن تحل الأزمة لا قدر الله حينها بمجرد لاعب بديل يقوم بأدواره التى لا يستطيع سواه تقديمها.