رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبوه كان رئيسًا لمصر!


فتحت جريدة «واشنطن بوست» الأمريكية صفحاتها للابن الأصغر لمحمد مرسي العياط، مندوب جماعة الإخوان السابق في قصر الرئاسة، ونشرت له ٨٥٠ كلمة، ستدرك حين تقرأها أنه لم يقلع عن تعاطي المخدرات، وستكتشف أن السنة التي قضاها في الحبس لم تنجح في تأديبه أو تهذيبه وإصلاحه!.

هذا هو الظهور الثاني للمذكور بعد الإطاحة بوالده، وقبله كان قد ظهر مرتين: الأولى، خلال مشاركته في احتفالات الذكرى ٣٩ لنصر أكتوبر، سنة ٢٠١٢، وجلوسه في المقصورة الرئيسية المخصصة لكبار الحضور والزوّار. أما الثانية، فكانت في مارس ٢٠١٣، حين تلقّى مدير أمن الشرقية، إخطارًا من الخدمات المُعينة لتأمين منزل محمد مرسي بالشرقية، يفيد بوقوع مشادة بين المذكور وملازم أول «أحمد حمدي» أثناء قيامه بعمله، إذ كان المذكور وصديق له، يستقلان سيارة لا تحمل أرقامًا، وعندما طالبه الضابط بالتوقف، انهال عليه المذكور بالسباب. ووقتها قام ٥٠ ضابط شرطة بوقفة احتجاجية أمام منزل العياط ورفضوا مباشرة عملهم إلا بعد حصول الضابط على حقه.

الظهور الأول والأبرز للمذكور، بعد الإطاحة بوالده، كان حينما قضت محكمة جنايات بنها، في يوليو ٢٠١٤، بحبسه وصديقه محمد عماد عبدالمنعم، لمدة سنة وغرامة ١٠ آلاف جنيه لكل منهما في قضية تعاطي مخدرات، إذ كان قد تم ضبطهما في أحد الأكمنة على الطريق، وبحوزتهما سجارتان مخلوطتان بالحشيش» أثناء استقلالهما سيارة خاصة بمدينة العبور. وجاء في تقرير المعمل الكيماوي أنه بمعاينة طفاية السجائر الموجودة بالسيارة التي كان يستقلها المتهمان أثناء ضبطهما، تبين وجود سجائر حشيش. وبعد قضائه فترة العقوبة، تم الإفراج عنه في ٢١ يوليو ٢٠١٥ بعد التأكد من عدم اتهامه في أي قضايا أخرى.

لم يكن عبدالله مرسي حاضرًا أثناء النطق بالحكم. وغالبًا كان يستعد للهروب حين تم إلقاء القبض عليه في ساعة مبكرة من صباح الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤ داخل أحد القطارات المتجهة إلى أسوان. وبين ما حملته الواقعة من مفارقات ونكات، كانت المفارقة الأكبر أو النكتة الأبرز، قيام شبكة «رصد»، التابعة للتنظيم الإرهابي، بنشر تقرير حمّلت فيه «عبدالفتاح السيسي» المسئولية، لأنه هو الذي حرم «عبدالله» من حنان أبيه ودفعه إلى تعاطي الحشيش، لمحاولة الهروب من الواقع المر، الذي لم يستوعبه عقب ثورة ٣٠ يونيو!.

في تقديمها للمقال، ذكرت الـ«واشنطن بوست» أن عبدالله مرسي، طالب جامعي يقيم في القاهرة. وهو بالفعل طالب جامعي، يدرس في جامعة مصر الدولية، والمعلومة عرفتها في مارس ٢٠١٣ حين كان المذكور وهو الابن الأصغر للعياط، في الفرقة الأولى بكلية إدارة الأعمال، وخصصت له الجامعة غرفة خاصة لتكون استراحة له، يجلس فيها هو والحرس الخاص به. وبينما نفى نائب رئيس الجامعة، ذلك وأكد أن المذكور تتم معاملته كأي طالب، نقلت جريدة «الوطن» عن المذكور نفسه أن الجامعة خصصت له غرفة بالفعل، وبرر ذلك بأنه «منعًا للاحتكاك والمشاكل، وحتى لا يكون الحرس داخل الجامعة، وعندما يكون هناك وقت فراغ لي أجلس مع الحراسة في الغرفة التي لا تتجاوز مساحتها ٣ أمتار في متر ونصف المتر، للمذاكرة». وكان لافتًا أن يشكو المذكور في تصريحاته لـ«الوطن» من أن الطلاب يسبونه طوال الوقت!.

طبيعي أن يصف المذكور ثورة ٣٠ يونيو بأنها «انقلاب عسكري» وأن يصف والده بأنه «أول رئيس شرعي في تاريخ مصر». وعادي أن يجتهد في شرح المعاناة الكبيرة التي عاشها ويعيشها والده وأن يصف ظروف سجنه بأنها بالغة السوء أو مرعبة. وقد يكون مقبولًا أن ينتقد عدم السماح له ولبقية أفراد الأسرة، بزيارة والده، وإن تشككنا في زعمه بأنهم لم يتمكنوا من زيارته إلا مرتين. لكن غير الطبيعي وغير العادي وغير المقبول هو أن يتهم السلطات المصرية بأنها لا تسمح لوالده بالحصول على الأدوية رغم حاجته الماسة إليها، وأنه فقد تقريبًا بصره بعينه اليسرى، مدعيًا أن السلطات تستهدف من ذلك أن يموت بأسباب طبيعية في أسرع وقت ممكن!.

غير الطبيعي وغير العادي وغير المقبول، أيضًا، أن يتهم «الحشاش الصغير» المجتمع الدولي بالتقاعس عن الدفاع عن حقوق والده، وأن يهاجم «ازدواج المعايير الغربية بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية». وأن يهدد بأن ما يصفها بالمحاكمات الجائرة للقادة السياسيين الإسلاميين ولقيادات جماعة الإخوان «لن ينتج عنها إلا مساعدة تنظيم الدولة الإسلامية فرع سيناء لتجنيد المصريين». وغير هذا التهديد الواضح، تضمن المقال تهديدًا ضمنيًا بأن أسرة العياط لا تستطيع الصبر على معاناته أكثر مما صبروا. ولم تفُته الإشارة إلى أنهم لم يحصلوا على أي استجابة حتى اليوم على طلب برلمانيين بريطانيين طلبوا، قبل أسبوعين، من الحكومة المصرية السماح لهم بزيارة سجن طرة الذي تعتقد الأسرة أنه محتجز فيه!.

غير الاستعداء الواضح والتحريض الصريح ضد مصر، امتلأ المقال بأكاذيب تليق بابن إرهابي، أو بـ«حشاش صغير» من عينة صمت الغرب على مقتل آلاف من مؤيدي مرسي في ميدان رابعة. و.... و.... كذا صمته على «أن مصر أصبحت ممرًا لأسلحة كوريا الشمالية إلى المنطقة». والأهم من كل ذلك هو أن القضاء المصري لم يسلم من هلاوس «الحشاش الصغير»، ولن نكرر الإهانات والاتهامات، مكتفين بالتأكيد على أنها توقع المذكور تحت طائلة القانون، ونتمنى ألا يظهر وقتها من يقول إنه كان تحت تأثير المخدرات.