رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المرأة قاضية بمجلس الدولة


أتقدم لسيادتكم بتظلم واستنجاد لرفع الظلم الواقع علىّ وعلى كل خريجات كليات الشريعة والقانون والحقوق بحرمانهن من التقدم لمسابقة شغل الوظائف القضائية بمجلس الدولة والنيابة العامة بعد إقرار دستور ٢٠١٤ الذى كفل صراحة حق المرأة فى التعيين فى كل المناصب القضائية وتعهد مجلس الدولة أنه حال إقرار الدستور الجديد سيتم قبول الخريجات بمجلس الدولة.

يا سيادة الرئيس أيُعقل بعد إقرار شعب مصر العظيم لدستوره ٢٠١٤ ألا تطبق نصوص ذلك الدستور ومبادئه ويتم الضرب بها عرض الحائط، فى مجافاة صارخة وانتهاك واضح لحقوق المرأة والتمييز ضدها؟.. وذلك على الرغم من صراحة نصوص الدستور ووضوح معانيه التى تكفل مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والحق فى العمل على أساس الكفاءة (المادتان ٩ و١٤) والانتصار لدولة الدستور والقانون وتجريم التمييز (مادة ٥٣) وكفالة الدولة تعيين المرأة فى جميع الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها (مادة ١١) ؟.. يا سيادة الرئيس أيُعقل أن يتم تعيين من هم أقل تقديرًا وترتيبًا لكونهم ذكورًا وليسوا إناثًا؟ رغم أن الأفضل لمنظومة العدالة تعيين الأكفأ وفقط، كما استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا.

أيُعقل أن ينتهى عام المرأة ونحن – نساء مصر – نصارع من أجل نيل حقوقنا الأساسية التى هى جوهر مواطنتنا ووطنيتنا أيضًا؟.. أيُعقل أن يستمر حرمان نصف المجتمع من الإناث من حقوقهن لمجرد كونهن إناثًا؟ هل أصبح كون نوعى (أنثى) جريمة أستحق العقاب عليها؟.. وإذ نثق فى رؤيتكم الحصيفة وعدالتكم وقضاء مجلس الدولة، حصن الحقوق والحريات، نرجو التفضل بالنظر فى تظلمى وإصدار القرارات وتقديم الدعم اللازم بما يمكننى من التمتع بحقوقى الدستورية أنا وجميع خريجات كلية الحقوق النابغات من الكفاءات، بما يضمن لنا حق التقدم لشغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة والنيابة العامة.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ووافر التقدير.. مقدمته أمنية طاهر محمد. كلية الشريعة والقانون – امتياز مع مرتبة الشرف الثانية على الدفعة ٢٠١٣ وماجستير فى القانون جامعة عين شمس ٢٠١٥».. ما سبق عرضه فقرات من رسالة مطولة للسيد رئيس الجمهورية فى ١٩ ديسمبر عام ٢٠١٧ تحمل عنوان «التظلم الثانى بخصوص حرمان المرأة من تعيينها قاضية بمجلس الدولة المصرى».
بدأت قضية الأستاذة أمنية طاهر حينما تقدمت مع خمس وعشرين من أوليات خريجات كليات الحقوق فى التقدم لشغل وظيفة مساعد وكيل نيابة، وكان الرد عليهن هذه الوظائف للذكور فقط، مع رفض تسليمهن الملف وإجراء الاختبارات الخاصة بالترشح للوظيفة، وذلك بعد إقرار دستور ٢٠١٤ الذى تضمن فى مقدمته «نكتب دستورًا يحقق المساواة بيننا فى الحقوق والواجبات دون أى تمييز. نكتب دستورًا يفتح أمامنا طريق المستقبل ويتسق مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، الذى شاركنا فى صياغته ووافقنا عليه».
كما يتضمن الدستور فى المادة (٤) «السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين».. لم تستسلم أمنية طاهر لرفض مجلس الدولة طلبها واستخدمت حقها القانونى ورفعت قضية أمام القضاء الإدارى وقدمت دفعًا أمام المحكمة بعدم دستورية قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة فى عام ٢٠١٠ وما يرتبط بها من قرارات نصت على حرمان المرأة من حقها الدستورى فى التعيين فى مجلس الدولة.
لقد بدأت مسيرة نضال المرأة المصرية مع شرارة ثورة ١٩١٩، حيث خرجت أول مسيرة نسائية من ٣٠٠ امرأة، بقيادة هدى شعراوى، وزميلاتها من الرائدات المدافعات عن الاستقلال والدستور واستمرت المرأة فى المطالبة بحقوقها فى المساواة مع الرجال فى فرص العمل والأجر المتساوى عن العمل المتساوى والحق فى التعليم والترشح والانتخاب.
وإذا كانت المرأة المصرية نصف المجتمع، فإنها ووفقًا للإحصاءات تعول ٣٧٪ من الأسر المصرية. إن المرأة المصرية تستحق أن تكون على رأس المؤسسات والهيئات ومواقع صنع القرار، فبناء وتقدم وتنمية المجتمع وتحقيق الاستقرار والكرامة واستقلال الإرادة الوطنية لا يمكن أن يتحقق إلا بمشاركة المرأة والرجل معًا.