رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فودة يكتب: السيسى الذى لم نكن نعرفه

 الرئيس السيسى
الرئيس السيسى

وكأن الرئيس السيسى بتلك «الطلة» الجديدة وغير المسبوقه قد أراد أن يقدم للشعب الصورة الحقيقية لعبدالفتاح السيسى الإنسان فجاء حوار المخرجة المتميزة ساندرا نشأت، مع الرئيس السيسي في فيلم مدته ساعة بعنوان: «شعب ورئيس 2018» على هذا المستوى الرائع من حيث البساطة فى الكلام والوضوح فى الرؤية والشفافية فى تفسير الاشياء والمواقف.

نعم لقد كان اللقاء لفتة إنسانية وسيمفونية رائعة الجمال، خاصة أن الحوار كان إنسانيًا وعلى درجة عالية من الصدق فمن شاهد الرئيس فى هذا اللقاء يشعر وكأن هذا الشخص الذى يتحدث لم نكن نعرفه من قبل، فقد أزاح بعفويته وتلقائيته الستار عن شخصية "الإنسان" الكامن بداخل الرئيس.. هذا الإنسان المهموم بشىء أكبر بكثير من مستقبله السياسى أو حياته الخاصة.. المهموم بالوطن لدرجة تصل إلى حد المرض، فالرئيس السيسى ظهر فى هذا اللقاء وكأنه مريض بحب بلد كبير اسمه مصر، لذا فإنه وبذكاء شديد نجده قد حرص بكل ما يمتلك من قوة إرادة وعزيمة وقدرة على التعبير أن ينصف مصر فتحدث بتلقائية شديدة وعفوية بالغة عن الرؤساء السابقين، فقد أشاد بوطنية الزعيم جمال عبدالناصر وإخلاصه لبلده، وأثنى على جسارة الرئيس السادات، سواء فى خوضه غمار الحرب والخروج منها منها منتصرًا أو خطوة الإقدام على السلام والخروج منه بمكتسبات كبرى.. أنه وإن كان فى الظاهر منصفًا للزعيمين الكبيرين، فإننى أراه فى كلتا الحالتين قد أنصف مصر بالكامل، بل إنه استطاع أن يرد لها اعتبارها أيضا.

إننى وحينما كنت أتابع الحوار شعرت أننا بالفعل مقدمون على مرحلة جديدة من العمل الوطنى فيما يخص الإعلام المصرى، فالحوار لم يقم بإجرائه إعلامى مشهور أو صحفى لامع، كما كان يحدث من قبل فى مثل تلك المناسبات المهمة ، وهنا تكمن أهمية هذا الحوار، ففى تقديرى جاء اختيار ساندرا نشأت، وهى مخرجة وليست مذيعة أنه بمثابة رسالة قوية بضرورة أن يطور الإعلام، وخاصة الإعلام الخاص ببرامج التوك شو من نفسه، وأن يبحث عن آليات جديدة ومفردات مختلفة فى التعامل مع قضايا المجتمع وفى التواصل مع المواطنين بأشكار أكثر منطقية، فالإعلام شريك أساسى فى عملية التنمية التى تشهدها البلاد شرقًا وغربًا شمالا وجنوبًا وفى الداخل والخارج على حد سواء، ولكن الناس لم تعد تثق فيما يقال لهم ربما من فرط استخدام الإعلاميين لقوالب ثابتة أصبحت قديمة وعفى عليها الزمن، وهو ما نلمسه فى تلك الرسالة المهمة التى وجهها السيد الرئيس إلى برامج "التوك شو"، وأعتقد أن رسالته إلى الإعلاميين كانت من أهم النقاط في هذا الحوار غير المسبوق، وهو ما يضع على عاتق أسرة الإعلام المصرى ضرورة التحسين والتجويد فى العمل الإعلامي بحيث نقدم للمراطن فى كل يوم شيئاً جديدًا.

لقد نجحت بالفعل المخرجة ساندرا نشأت أن تأخذنا من خلال أسئلتها غير التقليدية إلى مناطق أخرى فى شخصية الرئيس "الإنسان" تلك المناطق هى التى أثرت فى تكوين شخصيته البسيطة، وهو ما لمسناه جميعًا من خلال كلامه عن نشأته في حي شعبي بجوار الجامع الأزهر وسط أسرة متدينة ككل المصريين وليست متعصبة، وكيف كان هذا التدين سبباً فى خلق علاقات إنسانية جيدة بجيرانها المسيحيين فى مشهد يعكس بصدق طبيعة الشعب المصرى على مر العصور.

إننا الآن أمام حوار مؤثر جدًا، حيث كان صادقًا وعفويًا، فوصل إلى القلوب بسهولة ويسر ويمكن القول أيضاً إنه استطاع وعن جدارة أن يكون سببًا فى أننا أصبحنا أكثر قربًا من الرئيس الذى لم أتمالك نفسى ولم أتمكن من السيطرة على دموعى وهى تنهمر تأثرًا بما استمع إليه من هذا الكم الهائل من الإنسانيات التى تحدث بشأنها الرئيس، خاصة فيما يتعلق بالكثير من المواقف الصعبة والمؤثرة التى تعرض لها، فالحديث كان نابعًا من القلب ودون أى تكلف أو افتعال فكانت النتيجة أنه لمس القلوب بعفوية شديدة .

كما استوقفنى فى هذا الحوار أيضاً تلك القدرة على التحمل التى تمتع بها الرئيس، وهو يستمع برحابة صدر وسعة أفق إلى تعليقات المواطنين البسطاء عن حياتهم اليومية من خلال التقرير التليفزيونى، والذى جسد بكل صدق ما يدور فى الشارع المصرى من حيث الانتقادات والمطالب التى يريدها الشعب، وهذا التصرف وإن كنت أراه تلقائيًا وعفويًا من الرئيس، فإنه قد زرع أملًا كبيرًا في قلوب المصريين وجعلهم يشعرون أن وطنهم يخطو إلى الأمام فى ظل وجود رئيس "إنسان" يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ويحلم معهم وبهم من أجل رسم مستقبل مشرق لوطن يتجاوز كل الصعاب ويحطم كل المعوقات .