رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رجال الجيش على خط النار: لن نعود حتى تكون سيناء آمنة مثل القاهرة

جريدة الدستور

- أبناء القوات المسلحة عثروا على ماكينة طحين فى الجبل

- البدو يساعدون القوات فى السير بالجبال الوعرة

- القوات أبطلت مفعول 200 عبوة ناسفة ولغم فى يوم واحد فقط


«لن نعود حتى تكون سيناء آمنة كالقاهرة».. بهذه العبارة لخص الأبطال من جنود وضباط القوات المسلحة موقفهم تجاه العمليات الدائرة فى شبه جزيرة سيناء، ساردين عددًا من البطولات التى تجرى بشكل يومى فى ميدان المعركة، تستحق أن تخلد فى الصفحات المجيدة من تاريخ مصر.
«الدستور» تجولت بين صفوف المجندين الجدد، الذين انضموا حديثا إلى القوات العاملة فى الجيش المصرى، ونظرائهم من الذين انتهت مدة خدمتهم الرسمية وينتظرون الإحالة إلى قوات الاحتياط، ورصدت تفاصيل الحياة اليومية للضباط والمجندين وسط ميدان القتال، وبعض حكايات الأبطال المرابطين على خط النار.






المستجدون: تلقينا تدريبًا لمدة 3 أشهر.. وخضعنا لدورات تأهيل
فى بداية جولتنا، التقينا مجموعة من المجندين الذين وصلوا مؤخرا إلى أرض كتيبتهم فى سيناء، ونظرا لطبيعة المعارك التى تخوضها القوات المسلحة المصرية، والأخطار التى يواجهها الضباط والجنود، فى حربهم الدائرة مع التكفيريين، سألناهم عن مدة التدريب التى حصلوا عليها قبل توجههم لميدان المعركة.
الجنود المستجدون أكدوا لنا أن عقيدة القوات المسلحة، وتعليمات القيادة، لا تسمح بإشراك أى مقاتل فى ميدان معركة إلى بعد تلقيه تدريبا مكثفا للغاية، يجعله أكثر حرفية وجاهزية فى التعامل مع المواقف المختلفة.
وأوضح لنا بعض الجنود أنهم حصلوا على تدريبهم التقليدى فى مركز التدريب لمدة ٤٥ يوما، وتلاه دورة مكثفة، لمدة ٣ أشهر، تلقوا فيها تدريبا متقدما عن القتال والتلاحم والمداهمات، مع التدريب العملى على الرماية وتجاوز الموانع، واستخدام كل أنواع الأسلحة.
كما كشف آخرون أنهم تدربوا على إفساد العبوات الناسفة، والتعامل مع السيارات المفخخة، قبل توجههم إلى سيناء، موضحين أن تدريبهم لا يزال مستمرا، حتى بعد وصولهم أرض كتيبتهم كقوة أساسية، وأنه يجرى حاليا تجهيزهم للتعامل مع أرض المعركة نفسها بشكل عملى.
وشرح لنا قادة الكتيبة أن الجنود لا يمكن دفعهم لأرض المعركة، أو نقلهم إلى الأكمنة ومناطق التأمين، قبل دراسة كافية لطبيعة المنطقة بشكل عملى، والتدرب على التعامل مع جبالها ورمالها.
كما شرحوا لنا أن العقيدة القتالية للجيش المصرى تقتضى أولا تأهيل الجنود نفسيا، وتوعيتهم بطبيعة مهمتهم، ونوعية عدوهم، عبر لقاءات مع شيوخ من الأزهر، تشرح لهم فضل الشهادة فى سبيل الله والوطن، وآلية تفكير التكفيريين، وأسباب قتالهم لنا.
وبالإضافة إلى جلسات التأهيل الدينى والتوعوى، تعقد الكتائب لجنودها جلسات مع مختصين فى علوم النفس، لتأهيلهم نفسيا لمواجهة العدو، وخوض المعارك، مع استبعاد غير المؤهلين من مناطق الاشتباك والتأمين والمداهمات.
وأوضح لنا القادة أن الجنود الجدد المؤهلين يجرى توزيعهم على الكمائن، الواقعة فى نطاق عمليات الجيش الثالث، فى وسط سيناء، ويتم الاعتماد عليهم كقوة احتياط، يجرى الدفع بها باعتبارها قوات دعم، مع اختيار المجموعات التى تتسم بمواصفات معينة، للانخراط ضمن مجموعات القوات الخاصة.
وإذا كان للمستجدين نصيب من الشجاعة والبطولة كما بدا أمامنا حين التقيناهم على أرض سيناء، فإن مفاجأتنا كانت فى رفاقهم الذين انتهت بالفعل مدة تجنيدهم فى القوات المسلحة، بعدما أخبرنا القادة أن كثيرين منهم طلبوا مد خدمتهم لحين انتهاء المعارك على أرض سناء.
وقصّ علينا أحد رجال قوات الصاعقة المصرية حكاية زميل له يتناقلها الجنود فى كل مكان، بعدما انتهت مدة خدمته فى بداية مارس ٢٠١٨، وتزامن ذلك مع استمرار العمليات، طلب تمديد مدته، حتى انتهاء العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨.
وعندما جلس المجند - أو «الرديف» كما يطلقون فى الجيش على من انتهت مدة تجنيدهم- مع مجموعة من زملائه، وسأله أحدهم: «إمتى هاتخرج من الخدمة؟»، أجابه: «اصبر.. يمكن ننال الشهادة».
وفى اليوم التالى، خرجت المجموعة فى واحدة من عمليات المداهمة، ليستشهد زميلهم «الرديف»، طالب الشهادة، إثر انفجار عبوة ناسفة.
كما روى لنا بعض المجندين حكاية زميل لهم، أصبح حديث الجيش الثالث بأكمله لأنها تدل على التضحية والنضال، الذى استشهد خلال المداهمات فى أحد الكهوف الجبلية، والذى اضطر فيه للتعامل مع التكفيرى وجهًا لوجه بعدما نفدت ذخيرته.
جندى رفض إخلاءه رغم الإصابة.. وضابط يتمنى الشهادة فى الحرب
أما عن شعور الجنود والمقاتلين خلال المعارك، فروى لنا أحد ضابط الصاعقة المصرية، قصة أحد المجندين الذين شاركوه إحدى المداهمات الخطرة، فى منطقة «جبل الحلال»، بعدما أصيب فى قدمه بطلق نارى من قناص ينتمى إلى المجموعات التكفيرية.
وكشف الضابط عن أن المجند رفض الإخلاء من ميدان المعركة، وبكى بشدة عندما طلب منه قادة المجموعة العودة إلى الصفوف الخلفية، وظل يبكى بعد حمله إلى المستشفى لتلقى العلاج، ولم يتوقف عن ذلك إلا بعد تلقيه اتصالا من قائد الجيش الثالث، يعده فيه بإعادته للجبل من جديد، وإشراكه فى مهمات المداهمة بعد تمام شفائه.
وعن حياته الشخصية، كشف لنا ضابط الصاعقة أنه موعد زفافه على خطيبته سيحين بعد شهرين من الآن، معربًا عن رغبته فى نيل الشهادة مثل زملائه، الذين سبقوه إليها، مشيرا إلى أنه لم يحصل على إجازة منذ شهرين تقريبًا، حتى إنه بدأ يعتاد على الحياة فى الجبل، مؤكدًا أن بقاءه فى سيناء هو أقل ثمن يفتدى به أسرته وشعبه.
أما عن المواقف الانسانية التى مرت على المقاتلين خلال العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨، فقال أحد الضباط إن زوجته أخبرته منذ تزوجا بأنها تحتسبه شهيدًا عند الله، وأنها حملته أمانة ألا يعود من سيناء إلا بعد تطهيرها من كل الإرهابيين، وأنه ملتزم بهذا الوعد، خاصة أنه يؤمن بأن لكل أجل كتاب.