رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس «كلب» وسفير «ابن كلب»!


 

لا يعترف المجتمع الدولي بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ويراها غير قانونية، لكن الإسرائيليين والسفير الأمريكي لديهم، لا يعترفون بالقانون الدولي أو القرارات الأممية الصادرة بهذا الشأن. وبسبب دفاع الأخير عن سياسة الاستيطان، وصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) بأنه «ابن كلب»، الأمر الذي رآه البعض إهانة للمذكور، بينما لا نراه إلا تكريمًا له أو إهانة لـ«الكلب» وأبنائه!.

في بداية اجتماع عقدته القيادة الفلسطينية في رام الله، قال أبومازن: «إن إدارة ترامب اعتبرت أن الاستيطان شرعي، وهذا ما قاله أكثر من مسئول أمريكي، أولهم سفيرهم في تل أبيب ديفيد فريدمان. قال: يبنون في أرضهم. ابن الكلب.. يبنون في أرضهم؟!». وكان واضحًا، وضوح الشمس في ظهيرة ٢٠ أغسطس، أن أبومازن يرد على تصريحات فريدمان، الشهر الماضي، بأن أي إخلاء للمستوطنات من الضفة قد يؤدي إلى نشوب حرب أهلية في إسرائيل، وزعمه أن مَن وصفهم بالمتدينين اليهود «متمسكون بهذه الأرض لأنهم يرون أنها أرضهم». وبالتالي تكون هيئة الإذاعة البريطانية، BBC، قد مارست التدليس، كعادتها، حين زعمت أن تعليق الرئيس الفلسطيني جاء ردًا على تغريدة كتبها فريدمان، الإثنين، انتقد فيها السلطة الفلسطينية، لأنها لم تعلن إدانتها لمقتل ضابط وجندي إسرائيليين في عملية دهس بالضفة الغربية.

فريدمان، الذي كان محامي ترامب الشخصي، قبل أن يصبح السفير الأمريكي في إسرائيل، واحد من «ثلاث قلنسوات يهودية» وقع عليها الاختيار لإدارة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بحسب وصف أحد المسئولين في رام الله، والثلاثة لا يملكون (مثل رئيسهم) أي استراتيجية واضحة وهادفة في الشرق الأوسط، ويضبطون بوصلتهم إلى حيث يريد الإسرائيليون: جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأمريكي، وهو يهودي متعصب، لا يخفي إعجابه ببنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي جيسون جرينبلات، مبعوث الرئيس الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط، وهو أيضًا يهودي متعصب. أما ديفيد فريدمان فيوصف بأنه يعتمر العقل الإسرائيلي تحت القلنسوة اليهودية، وهو ما دفع الجانب الفلسطيني، في مايو الماضي، إلى رفض مشاركته في المفاوضات.

كعادة الصهاينة، لعب «فريدمان» بكارت «معاداة السامية»، ونقلت عنه جريدتا «معاريف» و«هآرتس» الإسرائيليتين، قوله: «أبومازن يصفني بابن الكلب، هل هذا معاداة للسامية أم خطاب سياسي؟ لن أقول شيئًا.. وأترك الحكم لكم». وعلى الخط، دخل جرينبلات وأدان وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس لـ«فريدمان» بأنه «ابن الكلب». ووجدها فرصه لكي يقول: «حان الوقت لكي يختار الرئيس عباس بين خطاب الكراهية وبين الجهود الملموسة لتحسين حياة شعبه وإيصاله إلى السلام والازدهار». وزاد على ذلك فزعم أنهم يضعون خطتهم للسلام، وسيقدمونها عندما تكون الظروف مواتية «على الرغم من الإهانات غير اللائقة على الإطلاق لأعضاء إدارة ترامب، والتي كان أحدثها إدانته لصديقي وزميلي السفير فريدمان».

لو استبعدت كون «جرينبلات» واحدة من «القلنسوات اليهودية الثلاث»، التي أفشلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ بدايتها، برضوخها الكامل لنتنياهو، تكون أمام مريض بالفصام، كرئيسه، الذي بدا أنه مصاب بالمرض نفسه حين وعد، وهو يعلن اعترافه بالقدس عاصمة لما توصف بدولة إسرائيل، ببذل قصارى جهده من أجل الإيفاء بالتزام بلاده بالتوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتأكيده على أن الولايات المتحدة تؤيد «حل الدولتين». متعاميًا عن أن «.. وعاصمتها القدس» شرط أساسي وجوهري لإقامة دولة فلسطينية. ومتجاهلًا أنه ضرب عرض الحائط أو هدم الحائط نفسه، بالقانون الدولي وبعشرات القرارات الأممية، بالضبط كما فعل سفيره ديفيد فرديمان بدفاعه عن المستوطنات، الذي تسبب في الخطأ الفادح الذي ارتكبه أبومازن أي وصفه للمذكور بأنه «ابن كلب»!

هو، فعلًا، خطأ فادح وإهانة لـ«الكلب» وأبنائه. ولعلك تتذكر أنني سبق أن امتنعت عن وصف وزير الشئون الخارجية القطري وأسياده بأنهم «كلاب» أو «ولاد ستين كلب». وأوضحت أننا نهين ذلك الكائن، المعروف بوفائه وإخلاصه، حين نشبّه به حقراء أو ننسب له نسلًا بهذه الوضاعة. وأحلتك إلى كتاب «فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب» للشيخ العلامة أبوبكر محمد بن خلف بن المرزبان، وفيه يعدد مزايا وفضائل الكلاب في مقابل مساوئ ورذائل البشر لابسي الثياب، من أمثال العائلة الضالة التي تحكم قطر بالوكالة وكل عبيد إمارة الإرهاب.

بالمرة، نشير إلى أن مركز «فيستيفال واك» التجاري في تايوان الشمالية، ارتكب الخطأ الفادح نفسه، الذي ارتكبه الرئيس الفلسطيني، حين احتفل منذ أسابيع ببداية السنة القمرية الجديدة، سنة الكلب في الأبراج الصينية، وقام بوضع تمثال لكلب بول دوج أبيض يجلس مستندًا إلى قائمتيه الخلفيتين، له ملامح دونالد ترامب ويرفع إصبعه إلى السماء، في حركة اعتاد الرئيس الأمريكي القيام بها خلال خطاباته. صحيح أن الرئيس الأمريكي، مولود سنة ١٩٤٦، بما يعني أنه من مواليد برج (أو سنة) الكلب طبقًا للمعتقدات (والأبراج) الصينية، إلا أن ذلك لا يبرر إطلاقًا خطأ المركز التجاري الفادح، كما لا يبرر خطأً أفدح ارتكبته جريدة «الشعب»، الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني، التي احتفت بالتمثال بعبارة «Welcome Trupdog» أي «مرحبًا بالكلب ترامب»!.

..وأخيرًا، أوجز فأقول إن الرئيس الفلسطيني ارتكب خطأ فادحًا يستوجب الاعتذار لـ«الكلاب»، حين نسب إلى نسل أحدها السفير الأمريكي لدى الإسرائيليين. كما يستحق المسئولون عن مركز «فيستيفال واك» وعن جريدة «الشعب» عقابًا رادعًا من الرئيس الصيني، «الإمبراطور الأحمر» شخصيًا، لو لم يعتذروا عن فعلتهم النكراء!.