رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احتلال أم تحرير.. انتهاكات «تركيا» في عفرين

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تستمر قوات الجيش التركي، في شن عدة هجمات على مدينة عفرين السورية، التي تقع ضمن منطقة جبلية شمال غرب سوريا.

وتعددت طرق الانتهاكات الإنسانية التي ترتكبها القوات التركية هناك، ما بين "قتل المدنيين، وتدمير المناطق الأثرية، وطمس المعالم الكردية من المدينة".

وتتميز عفرين بطبيعة خاصة مختلفة عن باقي المدن السورية، من حيث "الخصائص الجغرافية وطبيعة السكان"، حيث أنها منطقة شبه جبلية، وأغلب سكانها من الكُرْد، وبعد قيام الثورة السورية؛ ظلت المدينة الأكثر أمنًا، لذلك نزح العديد من أبناء البلد إلى هناك، ليرتفع عدد سكانها إلى نصف مليون نسمة، وبعد أن كان معظم سكان المدينة من الأكراد أصبح عدد العرب أكبر.

وفيما يلي، بعض النقاط التي توضح عدة أشكال للانتهاكات التركية..

أولًا: ضرب مناطق سكنية في قلب المدينة بأسلحة ثقيلة ودبابات؛ مع العلم أن سكانها مدنيين عُزَّل.
ثانيًا: وصلت إحصائيات القتلى إلى 3603 أكراد وعرب عُزَّل في عفرين، مقابل 300 جندي تركي؛ وهو الأمر الذي ينفيه الإعلام التركي.
ثالثًا: استخدام طُرُق قتل بشعة لأطفال سوريين تحت الدبابات التركية، وفي القصف الذي يحدث بشكل شبه يومي هناك، وهو ما تم تداوله في صور لعدد من النشطاء.

وما زالت الاشتباكات مستمرة بين وحدات حماية الشعب الكردية وقوات الدفاع الذاتي من جهة، وبين الفصائل المقاتلة والإسلامية والقوات التركية من جانب آخر، وذلك على المحاور الحدودية مع أنقرة.

وتتركز الاشتباكات بمناطق "قسطل جندو" شمال شرق عفرين ومنطقتي "بلبل" و"راجو" في شمال وشمال غرب المدينة، فضلا عن تحليق الطيران الحربي التركي في أجوائها، ورد المقاتلات السورية عليه، والمدنيين في وسط هذا الجحيم المُصغَّر.

تركيا ترى أن الأكراد يمثلون خطرًا عليها وعلى سوريا، وبغض النظر عن كونهم بشر؛ فهي ترى أيضًا أن إبادتهم واجبه؛ للتخلص من هذا الصداع الذي أصاب رأس العثمانيين، لذلك أصبحت الكهوف هي المأوى الوحيد للنساء والأطفال والعجائز، يختبئون فيها من وادي "سَقَر" الذي صنعه أردوغان في مدينتهم التي كانت تشبه "الجنة"، دون طعام أو ماء أو غطاء يحميهم من البرد.

وما جعل الأمر يبدو مثير للريبة؛ هو أن القوات التركية زعمت أنها أبلغت "الخارجية السورية" عن عملية ضرب عفرين أو "غصن الزيتون"- كما تطلق عليها أنقرة-، لكن الوزارة نفت ذلك تمامًا.

وأعربت مجموعة من الدول العظمى عن قلقها حيال هذه العملية غير المبررة، وحدثت عدة مظاهرات في سوريا وبالدول المتضامنة معها ضد عمليات القتل التي تحدث بحق المدنيين هناك؛ وهو الأمر الذي قابله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتهديد كل من يتظاهر ضد قواته، بجعلهم يدفعون «ثمنًا باهظًا».

كما أسفرت عمليات القصف التي يقوم بها الجيش التركي، عن تدمير البنية التحتية للمدينة، وعدد كبير من بيوت النازحين والسكان الأصليين هناك.

ووصل الأمر لتدمير "مناطق أثرية" حيث إن القوات التركية أسقطوا تمثالًا من معالم الثقافة الكردية، وسط عفرين- اليوم- وهو تمثال لـ"كاوا الحداد"، حيث أصدر المركز الإعلامي للمدينة بيانًا، وصف فيه ما حدث بأنه "تعدٍّ سافر على الثقافة الكردية وحضارة المدينة، والانتهاك الأكثر استفزازًا، منذ استيلاء هذا الجيش وحلفاءه على المدينة".

وما جعل المشهد يبدو مستفزًا أكثر هو رفع العلم التركي فوق أرض عفرين، في مشهد بدي غاية في الاستفزاز بالنسبة لسكان المدينة، حيث وقف عدد من الجنود الأتراك أمام عدة مباني حيوية وظلوا يطلقون الأعيرة النارية في الهواء؛ ابتهاجًا بسقوطها في أيديهم، ورفعوا علم بلدهم في كل مكان، وتم تنكيس العلم السوري، ومنع المدنيين من التحرك.

إسحاق إنجي، رئيس تحرير النسخة العربية بجريدة زمان التركية المعارضة، قال- في تصريحات لـ"الدستور"- إن تدخل رجب طيب أردوغان في الشأن السوري غير مقبول تمامًا، ولا يجب أن تدخل دولة في شؤون أخرى، لكن تركيا وجدت حُجَّتها في اشتراك الحدود مع سوريا، عن طريق مدينة عفرين، وزعمت أن هناك ضربات توجه نحو دمشق منها، على الرغم أنها كانت من أهدأ المدن أثناء الثورة.

واستكمل قائلًا: "إن تدخل تركيا في الشأن السوري ما هو إلا مطامع وطموحات في إعادة زمن الخلافة العثمانية، وإن احتفال الجنود الأتراك بسقوط عفرين؛ كان بمثابة فتح عثماني جديد، وبأنه يعتبر الإعلام التركي مبالغ جدًا في تمجيد الرئيس أردوغان، ويصدر إلى الشعب أنه بطل مغوار سيخلص العالم من شر الأكراد.

ويتوقع "إسحاق" أن سقوط عفرين سيجعل الحكومة التركية تطمح في عدد أكبر من الفتوحات، على الرغم من تصريحات حكومة رجب طيب أردوغان أنهم غير طامعين في الأراضي السورية، وسيسلمون المدينة إلى نظام بشار الأسد.

ورأى ضرورة أن تنسحب القوات التركية فورًا عائدة إلى أراضيها؛ للمحافظة على شكل الدولة أمام العالم، قبل أن يتم تصنيف تركيا كـ"دولة محتلة" خاصًّة بعد كل تلك الانتهاكات التي فعلتها في عفرين.