رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المتحدث «الوهمي» باسم الرئاسة!


بمنتهى الثقة والثبات أعلنت الأستاذة (أو الحاجة) داليا التهامي، أنها تنتظر صدور بيان من الرئيس «شخصيًا»، يرد فيه على المتحدث «الرسمي» باسم رئاسة الجمهورية، الذي أكد أن «المذكورة» ليس لها أي صلة بمؤسسة الرئاسة، ولا تنتمي إليها. وفي حسابها على «فيسبوك» كتبت وقالت، في «بث مباشر»، إنها أبلغت «سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وسيتم الرد على سيادة السفير بسام راضي»!.

لسنا في حاجة إلى بيان من المتحدث الرسمي، لنعرف أن مؤسسة الرئاسة لديها قنوات رسمية ومعلومة للجميع، يمكن التواصل من خلالها، وأن الرئيس أعلن فور حلف اليمين أنه يرفض أي استثناءات، ووجّه بالتعامل الفوري من خلال الجهات القانونية، مع كل من يدّعي كذبًا انتماءه إلى مؤسسة الرئاسة. ومع ذلك، قالت المذكورة في الـ«بث مباشر» أي بالصوت والصورة: «أنا باشتغل باستثناءات من الرئيس».

الأستاذة أو الحاجة، كررّت أنها «في انتظار بيان السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي»، بينما تضاربت الأنباء بشأن المكان الذي تنتظر فيه صدور البيان: مقر احتجازها في نيابة أشمون بمحافظة المنوفية.. محل إقامتها بحي النزهة بمحافظة القاهرة.. منطقة الدهار في مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر.. أو في منطقة المهندسين بمحافظة الجيزة، التي أعلنت في «البث المباشر» وصولها إليها في «حراسة أمنية» زعمت أن الرئيس أصدر أوامره بتوفيرها، وشكرت مدير أمن المنوفية «اللي استجاب فورًا لأوامر الرئيس.. وأوامر الرئيس تمشي فوق دماغ الكل.. فوق دماغ السفراء والوزراء والمحافظين».

خدعوك فقالوا إن الواقعة بدأت (بدأت) بادعاء المتهمة أنها مندوبة عن رئاسة الجمهورية خلال حضورها مؤتمرًا جماهيريًا بقرية شطانوف التابعة لمركز ومدينة أشمون بالمنوفية. وخدعوك وخدعوا أنفسهم حين استوقفهم فقط الحوار الذي نشرته جريدة «صوت الأمة»، وتجاهلوا عشرات أو مئات الحوارات والتقارير والأخبار، في وسائل إعلام قومية وخاصة، تابعت أنشطة المذكورة وهي تلهو وتلعب في طول مصر وعرضها، منذ سنة ٢٠١٥، كما تجاهلوا أيضًا وزراء، محافظين، رؤساء جامعات، وعمداء كليات، شاركتهم المذكورة، بزعم أنها «مندوبة عن رئاسة الجمهورية»، في مؤتمرات، ندوات، وفي افتتاح مشروعات قومية!.

بين عشرات أو مئات الحوارات، نتوقف عند ذلك الذي نشرته جريدة المساء (التي تصدر عن دار التحرير) في ١٠ يونيو ٢٠١٧، ووصفت فيه المذكورة بأنها «سفير النوايا الحسنة ومعتمدة من الاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المنظمة العربية لإمداد المجتمع بكل الخدمات، وتعمل إثبات كفاءة بإدارة حل مشاكل مصر برئاسة الجمهورية». وأهمية حوارها مع «المساء» أنها قالت: «وأخيرًا، أقوم بتقديم اقتراح لرئيس الجمهورية بعمل إدارة تسمى إدارة حل مشاكل مصر» تحمي بلادنا من الرشوة والمحسوبية والكسب غير المشروع وتكشف المسئول الذي يعمل ويستحق منصبه ومن لا يعمل ولا يستحق المنصب».

غالبًا، كان محرر «المساء» غائبًا عن الوعي، لأنه كما لعلّك لاحظت، منح المذكور صفة أو وظيفة في الإدارة (إدارة حل مشاكل مصر)، التي قالت هي نفسها في الحوار إنها تقترح على رئيس الجمهورية إنشاءها. ويبدو أن الأستاذ أو الحاجة لم ينتظرا موافقة الرئيس على اقتراحها، لو افترضنا أنها تقدمت به من الأساس، وقامت، مع نفسها، بإنشاء الإدارة وتولت مسئوليتها. إذ إنها بعد شهر و«كام يوم»، بالضبط في ١٩ يوليو ٢٠١٧، كتبت في حسابها على «فيسبوك»: «حيث إني أعمل إثبات كفاءة (بإدارة حل مشاكل مصر برئاسة الجمهورية) قمت بواجبي الوطني بتفقد أحوال المواطنين القاطنين بمنطقتي مرغم وتوشكى بحي العامرية بمحافظة الإسكندرية.. أعمل بتوجيهات السيد رئيس الجمهورية لبناء جسر بين الشعب والحكومة»!.

لو كنت تابعت الموضوع، ستقرأ مِرارًا، بكسر الميم، أن المذكورة سبق لها أن ذهبت إلى محافظ الغربية، وادعت أنها تعمل بمكتب الشكاوى برئاسة الجمهورية، وأن المحافظ ارتاب فيها، وعرض الأمر على الجهات الأمنية، فتم إلقاء القبض عليها وقررت النيابة العامة حبسها ٤ أيام على ذمة القضية. غير أنك ستستشعر في حلقك مَرارًا، بفتح الميم، لو عرفت أن الأيام الأربعة بدأ عدها منذ سنة، بالضبط منذ ١١ شهرًا. وستدخل مرحلة «المرار الطافح» حين تكتشف أنها كتبت في حسابها على «فيسبوك» في ٨ أبريل ٢٠١٧: «بالنسبة للخبر اللي انتشر بسرعة البرق إني مقبوض عليا واتهام محافظ الغربية ومدير أمنها إني مندوبة رئاسة الجمهورية مزيفة ههههههههههه.. طلبت عرضي على النائب العام واطلع على أوراقي واستعجب من اتهام الناس دي ليا وأخلى سبيلي فورًا بضمان محل إقامتي»!.

علامة التعجب من عندي، وغير الضحكة التي قد تكون «رقيعة»، سيستفزك في التدوينة أيضًا أن الأستاذة أو الحاجة، أضافت «وباقول لسيادة المحافظ أحمد ضيف صقر وسيادة مدير أمن الغربية انتظروا مني ومن رئيس الجمهورية الرد على تسرعكم في الحكم عليا فأنتم محدودو الذكاء، ولا تصلحون في مناصبكم وبيتم إعداد عدة تقارير مني الآن للسيد رئيس الجمهورية واللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، بكل اللي حصل وستنالون جزاءكم».

لا تسأل كيف خرجت وكيف استمرت في انتحال الصفة. أو كيف مر تهديدها للمحافظ ومدير الأمن، مرور الكرام أو مرور الجيزة؟! ولا تندهش لأن الجهات «المعنية» لم تلتفت، طوال تلك السنة، إلى ظهورها العلني المتكرر بالصفة نفسها. فقط، حافظ على سلامة قلبك وضع يديك الاثنتين عليه، فربما تفاجأ، بعد سنة، اثنتين أو ثلاث سنوات، ببيان ينفي صلة السفير بسام راضي، نفسه، بمؤسسة الرئاسة!.