رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مولد المصري.. إنفراط العٍقد !

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

المشهد.. إنفراط العِقد !
كان أهم ما يميز المصري عن سائر البشر علي وجه البسيطة إيجابيته مع الجميع متمثلةً في إجتماعيته والشهامة والنبل. علاقته بالله كانت بسيطة وغير معقدة فالحلال بيّن والحرام بيّن. لا يحقق مكسبًا علي حساب الآخرين. لا يصارع علي رزق أو يشتهي ما لغيره. كان يعتبر كل شئ في الحياه من الشأن العام ولا شئ خاص إلا الأمور الشخصية فقط. إحساسه بالإنتماء كان مفهومه متسع بإتساع كل الأراضي العربية. وما يحدث في أي دولة عربية كان يهم كل المواطنين في الشارع المصري،ولذلك كانت كل الشعوب العربية تنظر لمصر علي أنها الأخت الكبري والرائدة في كل شئ.
و مع مرور السنين بدأت الكثيرمن الأخلاق في الإختفاء، وشهدت آخر عشر سنوات في حكم مبارك تدهورا إجتماعيا كبيرا تزامن معه القضاء علي البقية الباقية من الطبقة الوسطي من المجتمع والتي كانت دائما هي رمانة الميزان في الحفاظ علي الهوية الأخلاقية للمجتمع بتفاعلها مع الطبقتين الأعلي والأدني،وأدي غرقها ونزولها إلي الطبقة الأدني إلي إختفاء الكثير من القيم.
إن ما حدث بعد فترة ليست بطويلة من ثورة يناير من إحباطات سياسية وإقتصادية ودينية متعاقبة (سنذكرها تفصيلا في مقالات قادمة _ اصبر علي رزقك!)، وتدهور الأحوال المعيشية،أحدث تغيرًا جذريا في الأخلاقيات والمبادئ واستُبدلت بقانون الهوي والمصلحة الشخصية، وتغيرت مفاهيم العيب والحرام. ومع إنتشار تلك المبادئ الجديدة المسمومة وتطورها علي مدي الست سنوات الماضية، ومع كل إنتقال سياسي واقتصادي للمجتمع،حدث معه تحول ثقافي وأيديولوجي وإزداد إنتشار تلك المبادئ الفاسدة وزاد أعداد معتنقيها حتي صارالكل ظالما ومظلوما في نفس الوقت، وكل ذلك مع إستمرار أداء الشعائر الدينية بكل حماسة برضو،وتم إختزال الدين في المظهر والأداء الميكانيكي للشعائر فقط،ليتحول الدين من "الدين المعاملة" إلي دين " أنا ومن بعدي الطوفان ". وانفرط عقد المجتمع المصري بإنفراط منظومة أخلاقه وعاداته وفقدان روح دينه التي كانت متأصلة فيه منذ فجر الحضارة.
في وقت قصير بدأت حاجات كتير قوي من سلوكياتنا وفضائلنا وأخلاقنا الجميلة تتغير،ومش بس كده، ده كتير منها إختفي وحل محلها رذائل ومساوئ وعيوب أفقدتنا كل السلام والأمن الإجتماعيين واللي ماينفعش أي شعب يعيش من غيرهم. تحولت الحياه اليومية إلي حرب وكفاح ونضال لإستمرار البقاء،والبقاء فقط. صار الحصول علي لقمة العيش والرجوع إلي البيت والأولاد سالما هو الهدف والطموح الأسمي لدي الموطن الشريف المسالم اللي ماشي جنب الحيط واللي مش عايز حاجة من الدنيا والناس غير إنهم يسيبوه في حاله ومحدش يؤذيه لا في نفسه ولا في بيته ولا في عياله. وأما من ليس شريفا فعنده نفس المخاوف ولكنه يبادر بأذية الآخرين عملا بمبدأ (إتغدي بيه قبل ما يتعشي بيك!).
وللحديث بقية..
أسامة شريبة