رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عزالدين شكرى فشير.. خونة وأغبياء


«نحن أغبياء لا خونة» عنوان لمقال «فشيرى بامتياز» للكاتب عزالدين شكرى فشير يؤكد فيه أن سبب كل كوارثنا أننا شعوب غبية، ولا ينبغى أن نُلقى بأسباب تخلفنا على من خانوا البلاد والعباد، بل يرى أنه لا دور للخيانة عبر التاريخ المصرى فى كل ما جرى لنا من نكبات، فهو أمر محض تفكير خرافى، فالخيانة لا تسقط دولًا ولا تتسبب فى هزائم عسكرية، ولا تشعل ثورات شعبية، ولا تؤدى إلى تدهور الأمم والحضارات. الذى يتسبب فى كل ذلك هو فشل الدولة فى إدارة الحياة العامة بجوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
بداية، أتعجب لاختيار توقيت اتهام أمة وشعب بالغباء، ونحن فى زمن حرب ونعيش حالة مواجهة هى الأصعب فى تاريخ مواجهاتنا العسكرية والسياسية، ولا بد أننا فى أمسّ الحاجة لحالة احتشاد معنوى وإنسانى، ونحتاج لمن يشحن فى نفوس الناس بطاريات الأمل، ومن يدعم وجود حالة تعبئة معنوية ونفسية بطاقة إيجابية تتجدد وترتقى لمستوى وحجم مواجهة أهل الخيانة وجهًا لوجه.. ألا تشعر «فشير» بحس المواطن - ولا أقول بإدراك نخبوى العصر والأوان- أننا وعبر نصف قرن من الزمان نعانى من وجود خونة لأحلام شعب عظيم فى الداخل والخارج، أجلسناهم على مقاعد النخبة وفى المتكئات الأولى فى أزمنة التراجع.. مرة ارتدوا مسوح التدين والدعوة والكرازة لنشر الفضيلة، ومرة باسم أصحاب الخبرات السياسية والاستراتيجية والعلمية المعملية الفذة، ومرة باسم أصحاب القدرات الحنجورية الخطابية الطليعية وبتوع الرؤى الأيديولوجية التغريبية التعبيرية الانبساطية التعقيدية، ومرة باسم أولاد الإيه بتوع أكروبات «الإصلاح من الداخل» اللى كنت تسألهم بكل سلامة نية «إنت إيه اللى ورطك فى عضوية لجنة السياسات فى حزب فاسد؟» فيقولك: «دى رسالتى ومهمتى ودورى كسياسى نخبوى ألمعى منتمٍ لوطنى أن أصلح من الداخل !!!».. وأخوه نخبوى وطنى أروع تسأله «يعنى إيه تشتغل مع الإخوان اللى إيديهم ملطخة بدماء الشهداء ولهم تاريخ أسود من قرن الخروب»؟ فيقولك بكل برود: «إذا لم نقم بدورنا فى إقامة حوار وطنى نفهمهم غلطهم يكون إيه لزوم وجودنا فى صفوف المواجهة الأولى مع تتار العصر دول!».
يعنى هى نقصاكم تقولوا علينا أغبياء، طيب يا عم النخبة وسيدها وتاج رأسها رأيك نعمل إيه فى حكاية الغباء دى؟.. هو معاليك لا تعلم أنه لا علاج لموضوع الغباء إلا العلاج الجينى، وإن الأمر يتطلب زرع الجينات فى مراحل مبكرة جدًا من النمو الجينى حتى يتم إدخال الصفة الوراثية فى الجهاز الوراثى للجنين، لينمو بها ثم يعبر عنها، أما إذا كانت المسألة متعلقة بالهرمونات أو الإنزيمات، فالمسألة ممكن تعالج بالعقاقير والأدوية فى الأعمار المختلفة بس اللى يلاقيها.‏. وبعدين افرض ربنا خلقنا كده أغبياء محرومين من تلك القدرة الذهنية الخالصة اللى تمكن صاحبها من الفهم والاستيعاب‏، والتصرف‏، والتحرك‏، والتذكر‏، والتفاعل بشكل متمكن هنعمل إيه معاليك تفتكر؟! والله عيب يا سيد «فشير» مفيش أمم غبية وأمم ذكية، إنما أمم طلع لها نخب وطنية رائعة أخدت بإيدين شعبها لسكة السلامة وأمم كانت نخبتها «على ما تفرج».
والغريب أن مقالكم، عبر ما تتصورونه، استعراض تاريخى أمين لا يأتيه الباطل من أى زاوية قراءة حتى لو كانت مختزلة لأحداثه، لم تتعرضوا فيه لقراءة المشهد الأكثر سخونة فى سيناء، وما نعانيه من تبعات مواقف لبشر منا دفعنا بهم فى منعطفات تاريخية صعبة باعتبارهم نخبة «باعتبار الموظفين الدوليين نخبة».. وأتمنى أن أجد ردًا على أسئلتى:
■ ألم يكن قرار البرادعى النخبوى «الموظف الدولى السابق»، وهو نائب الرئيس من غرفة عمليات مواجهة مجرمى بؤرتى «رابعة» و«النهضة» خيانة مع سبق الإصرار؟.. ألم يكن تلكؤ الببلاوى النخبوى «الموظف الدولى السابق» فى التعامل مع تلك البؤر الإرهابية قبل أن يستفحل أمرها، وبالتالى يكون من المتوقع سقوط ضحايا ونقع فى بير الغلط أمام الأمة الغبية وفق رؤيتكم الظالمة؟.. ألم يكن من المتوقع انتقام الإخوان من أقباط مصر إثر عملية فض تلك البؤر، فكان على النخبوى رئيس الحكومة تأمين الكنائس والمبانى الملحقة بها قبل عمليات الفض حتى لا تتضاعف الخسائر؟!.
■ كيف ترون نخبة التضامن مع إخوان الشر فى فندق «فيرمونت» لتسليمهم مفاتيح السلطنة.. غباء ولا خيانة؟.. كيف ترون أهل النخبة اللى دخلوا برلمان قندهار.. غباء ولا خيانة؟.. كيف ترون أساتذة القانون من أهل النخبة اللى شاركوا فى وضع الدستور الإخوانى؟... غباء ولا خيانة؟.. كيف ترون أساتذة السياسة والاقتصاد اللى باعوا وأهانوا «نخبويين» تانيين، وآخرتها هربوا كما الجرذان الجبانة بحماية إخوانية؟.. غباء ولا خيانة؟.. كيف ترون من تفرغوا من نخبة الندامة لإعداد صناديق سوداء لفضح نخبويين تانيين والأمة اللى وصفتها بالغباء تتابع أبشع الصدمات؟.. غباء ولا خيانة؟!.
■ كيف ترون أهل النخبة منكم لا يقدرون عبقرية معركة يخوضها جيشنا العظيم وشرطتنا الباسلة، وبدلًا من مد البصر إلى سيناء الغالية يستديرون إلى الخلف ليقولوا فى مواجهة شعبنا بكل قسوة «أنتم أغبياء»؟!.. قد يقول قائل: ومن الذى صعد بتلك النخب المجرمة لمواقع ممارسة الفعل السياسى والتنفيذى؟ ألسنا نحن من حملناهم على الأكتاف فى أزمنة التوهان؟.. نعم فعلنا لأننا افتقدنا وجود النخبة الصالحة الوطنية القائدة.