رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة «البروبوزال» من النيش للكرانيش

الدكتور محمد هاني
الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية

اعتدنا أن نشاهد في الأفلام الأجنبية الرومانسية، البطل وهو يجثو علي ركبتيه ويقدم خاتم خطوبة كمفاجأة للفتاة التي يحبها، ليعلن لها وسط صديقاتها رغبته في الزواج منها وأنه يريد أن يعيش باقي عمره معها، فتبكى البطلة ويتم الزواج.

وفى مصر يحكم الزواج عادات وتقاليد وسلسلة معقدة من الترتيبات تبدأ بالتقدم لأهل الفتاة، والتفاوض علي الشبكة وقائمة المنقولات ومؤخر الصداق، ثم موافقة الفتاة شيئا ثانويا في كثير من الأحيان، وفي السنوات الأخيرة ومع تزايد استخدام شبكات التواصل الإجتماعي أصبح هذا المشهد أكثر انتشارا علي صفحات الفتيات سواء مقتطع من فيلم أو من فيديو لشباب أجانب قاموا بنشره من حياتهم الشخصية علي الفيس بوك أو يوتيوب وعلي المدونات وأصبحت الأفكار مبهرة ومختلفة مثل أن يقوم شاب بطلب يد حبيبته في غواصة تحت الماء أو وهما يقفزان من طائرة أو يعلق الخاتم في باراشوت أو يتفق مع عامل السينما أن يكتب لها كلمة « تتزوجيني»، ثم تطور المشهد ليصبح منتشرا أكثر علي صفحات الشباب ولكن بالمصري، فكل يوم نجد فيديو لشاب يتقدم لفتاة وسط أصحابها في الشوارع ثم في الجامعة ثم أنتقل للمدارس الثانوية، فهل هذا يعبر عن مظاهر تطور أم تقليد أعمي؟

سألنا الشباب عن رأيهم في «البروبوزال» المصري فكانت إجاباتهم كالآتي:

تقول ريما علي: «البروبوزال الأجنبي شكلة نضيف ويفرح ويفتح النفس عكس اللي هنا بيبقي لابس الحتة اللي عالحبل بس تحسي إن في حاجة مصطنعة وغريبة، وحتي الصور بتبقي مختلفة ورد فعل البنت مفتعل، بره بتكون مش عارفه فعلا، لكن هنا بتكون عارفه من قبلها في أغلب الأوقات، وهناك بتكون بتحبه وعايزه تكمل حياتها معاه، لكن هنا بتعملها عشان تغيظ أصحابها مش عن حب وغالبا بتكون بتتعامل معاه من البداية علي أنه عريس محتمل وبتضغط عليه كل كام يوم بسؤال هتتجوزني امتي».

وويضيف محمد عاطف: « في أغلب الوقت بيكون مفتعل لأننا لسه متجاوزناش مشكلة النيش أساسا، وقرار البنت والولد مش في ايديهم، فمش منطقي يكون أهلهم بيتفقوا لسه عالنيش وهو بيفاجئها إنه عايز يتجوزها، وانتشاره في المدارس مجرد لعبة فاشلة، لكن في نسبة قليلة جدا من مستوي اجتماعي معين، بيكونوا فعلا عندهم مبدأ الجواز مش مرتبط بإشتراطات فسهل ياخدوا القرار ويطبقوا فكرة البروبوزال زي بره، وعادة الفئة دي بتكون متوفر عندها إمكانيات اقتصادية بتخلي حياتهم أقرب للغرب، فبيكون الموضوع مش مفتعل».

وتقول سها ماهر: «عمر البروبوزال المصري ما هيكون شبه الأجنبي مش عشان احنا أقل منهم، بس عشان هناك دي بتكون أول خطوة، والموضوع بسيط وسهل، لكن هنا ممكن الولد يعمل كده والبنت أصلا ترفضه، أو حتي لو قبلته ممكن أهلها يرفضوه، وتبقي اتفضحت عالفاضي، في الجامعة أو عالفيس بوك، ويحصلها مشاكل كتير جدا تأثر علي سمعتها، أو بيبقوا مخطوبين أصلا وبتبقي دي حاجة شكلية فمفيش فرحة المفاجئة».

ويري الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، أن هذه العادة تعتبر تصرف غير مسئول خصوصا بين المراهقين في الجامعات والمدارس، وتقليد أعمي للغرب، ويضيف أن مشكلتنا تقليد الغرب في السلبيات فقط وليس في الأبحاث والمجالات العلمية، ففكرة أن يتقدم شاب عمره 16 عاما لفتاة أصغر في المدرسة لا تناسب عاداتنا ولا تقاليدنا وتعبر عن حالة تسيب وغياب للمسئولية الأسرية، ونشر هذه الفيديوهات يروج للإنحلال، ويهدد نظام الزواج المناسب لديننا ومجتمعنا والذي يجب أن يكون بموافقة الأهل والتقدم للفتاة في بيتها وليس في الشارع، فهذا تقليد تافه لأنه لم تنضج مشاعر الشاب وليس لديه مقومات للحب ولكنه يريد أن يتلقط صورا وينتشر علي الإنترنت للتباهي بمشاعر وهميه مزيفه غير مكتملة.

وطالب بأن تكون هناك رقابة اجتماعية وأسرية صارمة لعدم استمرار هذه السلوكيات لأنها ضد هويتنا وديننا وثقافتنا، تؤثر نفسيا علي باقي أولادنا الذين قد يرغبون بتقليدهم لأن الأبناء في هذا السن يكتسبون سلوكيات غير مرغوبة عن طريق تقليد سلوكيات لا تناسبهم.